الكـرامة

طباعة الموضوع

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الكـرامة




مبارك بن محمّد الميلي الجزائري رحمه الله - رسالة الشّرك ومظاهره ص -127



الكرامة في اللّغة :

كرُمَ الشّيء بضمّ الرّاء كرماً بفتحتين، وكرامة إذا نفس وعزّ فهو كريم، وله على كرامة أي عزازة. وكلّ شيء شَرُفَ في بابه فإنّه يوصف بالكرم، ولا يقال في الإنسان كريم حتّى تظهر منه أخلاق وأفعال محمودة.


وكرمته تكريما، وأكرمته إكراما. عظّمته ونزّهته، والمَكرُمة بضمّ الرّاء : اسم من الكرم، والتّكريم. تقول : فعل الخير مكرُمة، أي سبب للكرم، أو التّكريم. وتكون الكرامة اسما أيضا من الإكرام، والتّكريم. تقول : نعم وحبّا وكرامة. وليس ذلك لهم ولا كرامة. والإكرام والتّكريم، أن يوصل إليه الشّيء كريما، أي شريفا. هذا كلّه من الصّحاح والقاموس والمصباح ومفردات الرّاغب. وقابل الشّاعر الكرامة بالمساءة فقال:

جزاني الزهدمان جزاء سوءٍ وكنت المرء يجزى بالكرامة

الكرامة في الشّرع :

فإذا عرفنا الكرامة في اللّغة، سَهُلَ علينا أخذ المعنى الشّرعي منها، فتكون في الشّرع عبارة عمّا يصل من الله إلى الوليّ، ويظهر عليه من كلّ نافع عزيز، نفيس شريف. وقد اختلف علماء الكلام في تحديد هذا الواصل من الله إلى الوليّ. والمعروف عن الأشاعرة في ذلك ثلاثة أقوال : على طرفين، وواسطة، والطّرفان لأبي إسحاق السفراييني، وأبي بكر الباقلاّني، والواسطة لأبي القاسم القشيري.

تحديد الأشاعرة للكرامة:

فأما أبو إسحاق فيقول : أنّ الكرامة لا تبلغ مبلغ خرق العادة، وإنّما هي إجابة دعوة، أو موافاة ماء، في غير موقع المياه، أو مضاهي ذلك. وكلّ ما جاز معجزةً لنبيٍّ، لم يجز كرامة لوليّ.

وضبط أبو الحسن الماوردي الشّافعي ما يخرج عن العادة في عشرة أقسام، ومنع من ظهور أحدها على غير وجه الإعجاز، حتّى لا تلتبس المعجزة بغيرها، ولأنّ صدق النّبيّ لا يعرف إلاّ بها، وغير النّبوّة من الأقوال والأفعال، قد يُعلم الصّدق فيها بالعيان والمشاهدة. ذكر ذلك في رسالته أعلام النّبوّة. (ص: 20-22).


وأمّا الباقلاّني ومن معه، فيقولون : كلّ ماجاز أن يكون معجزة لنبيّ، جاز أن يكون كرامة لوليّ، من غير استثناء، ومنعوا الالتباس بما لا ضرورة بنا إلى بسطه.


وأمّا القشيريّ، فيقيّد إطلاق الباقلاّني وموافقيه. قال في باب كرامات الأولياء من رسالته : { ثمّ هذه الكرامات قد تكون إجابة دعوة، وقد تكون إظهار طعام في أوانِ فاقة من غير سبب ظاهر، أو حصول ماء في زمن عطش، أو تسهبل قطع مسافة في مدّة قريبة، أو تخليصا من عدوّ، أو سماع خطاب من هاتف، أو غير ذلك من فنون الأفعال النّاقضة للعادة.
واعلم أنّ كثيرا من المقدورات، يُعلم اليوم قطعا أنّه لا يجوز أن يظهر كرامة للأولياء. وبضرورة، أو شبه ضرورة يعلم ذلك. فمنها حصول إنسان لا من أبوين، وقلب جماد بهيمة، أو حيوان وأمثال هذا كثيرة} ومالَ التّاج السّبكي في طبقاته إلى تقييد القشيريّ فقال { هو حقّ لا ريب فيه } (2: 60) .


وقيّد النّوويّ في بستان العارفين : الكرامة، بأن لا تؤدّي إلى رفع أصل من أصول الدّين. نقله ابن علاّن في شرح رياض الصّالحين.(7: 362) وهو كقول أبي إسحاق في الموافقات: { لا يصحّ أن تراعى وتعتبر، إلاّ بشرط أن لا تخرم حكما شرعيّا، ولا قاعدة دينيّة. فإنّ ما يخرم قاعدة شرعيّة أوحكما شرعيّا، ليس بحقّ في نفسه، بل هو إمّا خيال أو وهم، وإمّا من إلقاء الشّيطان} .( 2 : 266) ولا نشكّ أنّ هذا القيد مراد لأصحاب الأقوال الثّلاثة.

ضابط الكرامة:

وبعد، فنحن نثبت كرامات الأولياء و لا نقيّد من ناحية العقل قدرة الله بنوع منها، ولكنّا نقيّدها من طريق الشّرع، بغير ما أعلمنا الله أنّه من خواص الألوهيّة، حتّى لا نغلو فيهخا غلوّا ينتهي إلى الشّرك،والعياذ بالله. وليست الكرامة هي دليل الوَلاية، بل الوَلاية دليل الكرامة، وليس للكرامة تأثير في الأحكام الشّرعيّة، ولكنّها كما قال أبو إسحاق في الموافقات : { تفيد لأصحابها يقينا وعلما بالله تعالى وقوّة فيما هم عليه } ( 4 : 85) وهذا صريح كلام أبي الحسن الشّاذلي إذ قال : { الكرامة كرامتان : كرامة الإيمان بمزيد الإيقان، وشهود العيان، وكرامة العمل على الاقتداء والمتابعة، ومجانبة الدعاوي، والمخادعة، فمن أعطيهما، ثمّ جعل يتشوّف إلى غيرهما فهو عبد كذّاب، مفترٍ قد أخطأ في العلم والعمل بالصّواب } نقله العروسي في حاشيته على شرح الرّسالة القشيريّة ( 4 : 155 ) وأصل هذا كلّه قوله تعالى: (( إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم )).

الحكم على حادث معيّن بالكرامة:

وقال الشّيخ محمّد عبده آخر رسالة التّوحيد بعد ما أيّد قول مثبتي الكرامة: { وإنّما الذي يجب الالتفات إليه، هو أنّ أهل السّنّة وغيرهم في اتّفاق على أنّه لا يجب الاعتقاد بوقوع كرامة معيّنة، على يد وليّ معيّن، بعد ظهور الإسلام فيجوز لكلّ مسلم باجماع الأمّة أن ينكر أيّة كرامة كانت، منأيّ وليّ كان، ولا يكون بانكاره هذا مخالفا لأصول الدّين ولا مائلا عن السّنّة الصّحيحة، ولا منحرفا عن الصّراط المستقيم }.


الكـرامة عنـد العامّـة:


{ أين هذا الأصل المجمع عليه ممّا يهذي به جمهور المسلمين في هذه الأيّام، حيث يظنّون أنّ الكرامات، وخوارق العادات، أصبحت من ضروب الصّناعات، يتنافس فيها الأولياء، وتتفاخر فيها همم الأصفياء، وهو ممّا يتبرّأ منه الله ودينه وأولياؤه، أهل العلم أجمعون }.

ولقد صدق هذا الإمام فيما وصف، ونصح فيما إليه أرشد، ولكنّه لم يفصح رحمه الله عن الخسران المبين، الذي أدّى إليه هذيان ألئك المسلمين. فإنّهم لا يقفون بالكرامة دون التّصرّف في الكون، وعلم الغيب، بل لا يكادون يفهمون منها غير هذين الأمرين اللّذين استأثر الله بهما، فهدموا بكرامتهم أصلين عظيمين، من أصول الدّين المقرّرة، وصاحوا في وجه من أنكر عليهم هذا المعنى منشدين :
وأثبتن للأولياء الكرامة ومن نفاها فانبذن كلامه
وإذا دعوتهم لتفصل لهم هذا الإجمال : (( لوّوا رؤوسهم ورأيتهم يصدّون وهم مستكبرون )).
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
m5zn_dea949833be133c.gif
 
أعلى