الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن العقيـــده الاســـلاميه
الموسوعة العقدية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 35412" data-attributes="member: 329"><p>وعلى هذا فيصرف الفيء بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع مصالح المسلمين، ومنها الإنفاق على ذوي الحاجات ودفع الأرزاق للجند والعلماء والقضاة وسائر موظفي الدولة، كما يعطى منه إلى عموم المسلمين، وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم في سيرتهم وهديهم، ولذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: (والله ما أحد أحق بهذا المال من أحد، والله ما من المسلمين أحد إلا وله في هذا المال نصيب إلا عبدًا مملوكًا، ولكنا على منازلنا من كتاب الله تعالى وقسمنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالرجل وبلاؤه في الإسلام، والرجل وقدمه في الإسلام، والرجل وغناؤه في الإسلام، والرجل وحاجته) .</p><p>وقد روي عنه أيضًا: (والله لئن بقيت لهم إلى قابل ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظَّه من هذا المال وهو يرعى مكانه) .</p><p>ويفهم من هذا كله أن عموم المسلمين لهم نصيب من مال الفيء، فيعطون منه بعد سد النفقات الضرورية للدولة.</p><p>5- ويلحق بالفيء ويكون مصرفه مصرف الفيء الأموال التي ليس لها مالك معين، مثل من مات من المسلمين وليس له وارث، وكالغصوب، والعواري، والودائع وغير ذلك من أموال المسلمين التي تعذر معرفة أصحابها ، أو التي لا صاحب لها.</p><p>وجوه صرف الأموال:</p><p>الواجب على الإمام عند صرف الأموال أن يبتدئ في القسمة بالأهم فالأهم من مصالح المسلمين، كعطاء من يحصل للمسلمين منهم منفعة عامة أو المحتاجين فمن هؤلاء:</p><p>1- المقاتلة: وهم أهل النصرة والجهاد، وهم أحق الناس بالفيء، فإنه لا يحصل إلا بهم، حتى اختلف الفقهاء في مال الفيء هل هو مختص بهم أو مشترك في جميع المصالح ؟ وكذلك إذا قتل أو مات من المقاتلة فإنه ترزق امرأته وأولاده الصغار حتى يكبروا .</p><p>2- ذوو الولايات كالولاة والقضاة والعلماء والسعاة على المال جمعًا وحفظًا وقسمةً، وجميع القائمين على مصالح المسلمين.</p><p>3- كذلك يصرف في الأثمان والأجور لما يعم نفعه من سداد الثغور بالكراع والسلاح، وعمارة ما يحتاج إلى عمارته من طرقات الناس كالجسور والقناطر وطرقات المياه والأنهار ونحو ذلك.</p><p>4- ومن المستحقين ذوو الحاجات: فإن الفقهاء قد اختلفوا هل يقدَّمون في غير الصدقات من الفيء ونحوه - على غيرهم؟ على قولين في مذهب الإمام أحمد وغيره منهم من قال يقدَّمون، ومنهم من قال: المال استحق بالإسلام، فيشتركون فيه كما يشترك الورثة في الميراث، قال ابن تيمية: (والصحيح أنهم يقدَّمون، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقدِّم ذوي الحاجات كما قدَّمهم في مال بني النضير، وقال عمر رضي الله عنه: ليس أحد أحق بهذا المال من أحد...) . وذكر كلام عمر الآنف الذكر.</p><p>5- كما يجوز - بل يجب - الإعطاء لتأليف من يحتاج إلى تأليف قلبه، وإن كان لا يحل له أخذ ذلك، كما خصَّص الله في القرآن نصيبًا للمؤلفة قلوبهم من الصدقات، وكما كان يعطيهم - صلى الله عليه وسلم - من الفيء ونحوه فقد أعطى الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن الفزاري، وعلقمة العامري، وزيد الخير الطائي وقال: ((إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم)) .</p><p>قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهذا النوع من العطاء وإن كان ظاهره إعطاء الرؤساء وترك الضعفاء كما يفعل الملوك فالأعمال بالنيات، فإذا كان القصد بذلك مصلحة الدين وأهله، كان من جنس عطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه، وإن كان المقصود العلو في الأرض والفساد كان من جنس عطاء فرعون..) </p><p>أما عن حقوق العاملين في الدولة فعلى الدولة تأمين الزواج للموظف والمسكن والخادم والمركب، كما في الحديث الذي رواه أبو داود بإسناده إلى جبير بن نفير عن المستورد بن شداد قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادمًا، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنًا، قال: قال أبو بكر: أخبرتُ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من اتخذ غير ذلك فهو غالّ أو سارق)) .</p><p>وكذلك من مات وعليه دين، وليس له مال يفي بدينه، أو له أولاد قُصَّر فإن الإمام يؤدي ما عليه من دين من بيت مال المسلمين، كما في الحديث الذي رواه أبو هريرة قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك كلاًّ فعلينا)) وفي رواية عن جابر بن عبد الله: ((أنا أولى بكُلِّ مؤمن من نفسه فأيّما رجل مات وترك دينًا فإليّ، ومن ترك مالاً فلورثته)) .</p><p>ومن واجبات الإمام بالإضافة إلى ما سبق:</p><p>ثانيًا: اختيار الأكفاء للمناصب القيادية:</p><p>نظرًا لثقل الأعباء المنوطة بالإمام فإنه لا يستطيع وحده القيام بتدبيرها جميعًا، ولذلك كان لابد له من ولاة ومعاونين يقومون وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ((إذا أراد الله بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه)) .</p><p>وعنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله لم يبعث نبيًا إلا وله بطانتان. بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالاً، ومن يوق بطانة السوء فقد وقي)) .</p><p>ويدخل في الحكم الوزراء والبطانة جميع الولاة الذين يقوم بتوليتهم، كالقضاة، وولاة الحرب، والحسبة، والمال. وغيرهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فيجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل) .</p><p>كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من ولي من أمر المسلمين شيئًا فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه، فقد خان الله ورسوله)) . وفي رواية: ((من قلد رجلاً عملاً على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه، فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين)) . وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (من ولي من أمر المسلمين شيئًا فولى رجلاً لمودة أو قرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمسلمين) فليس على الإمام إلا أن يستعمل أصلح الموجود، وقد لا يكون في موجوده من هو صالح لتلك الولاية فيختار الأمثل فالأمثل في كل منصب بحسبه، وإذا فعل ذلك بعد الاجتهاد التام وأخذه الولاية بحقها، فقد أدى الأمانة وقام بالواجب في هذا وصار في هذا الموضع من أئمة العدل المقسطين عند الله.</p><p>هذا وابن تيمية - رحمه الله - لم يقصر واجب ولي الأمر على تولية الأصلح فقط، بل تعدَّى ذلك إلى وجوب الإعداد والتأهيل ليتوفر لأعمال الدولة من يتولاها من القادرين على القيام بها، حيث يقول: (ومع أنه يجوز تولية غير الأهل للضرورة إذا كان أصلح الموجود، فيجب مع ذلك السعي في إصلاح الأحوال، حتى يكمل في الناس ما لا بد لهم من أمور الولايات والإمارات ونحوها، كما يجب على المعسر السعي في وفاء دينه، وإن كان في الحال لا يُطلب منه إلا ما يقدر عليه..) فإن عدل عن الأحق الأصلح إلى غيره لأجل قرابة بينهما أو صداقة أو موافقة في بلد أو مذهب أو طريقة أو جنس كالعربية والفارسية والتركية والرومية ونحو ذلك، أو لرشوة يأخذها من مال أو منفعة أو غير ذلك من الأسباب، أو لضغن في قلبه على الأحق، أو عداوة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ودخل فيما نهى الله عنه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27 ] لذلك تعتبر تولية الولاة والاستعانة بالأعوان مسؤولية جسيمة يجب أن لا تسلَّم إلا لأربابها الذين يقْدِرون عليها، وإنها من أعظم الأمانات، ومن أخطر الأمور توسيدها لغير أهلها، بل ذلك من علامات الساعة، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا ضُيِّعَت الأمانة، انتظر الساعة. قيل: يا رسول الله وما إضاعتها؟ قال: إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)) .</p><p>وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...)) الحديث . وروي عن عمران بن سُليم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((من استعمل فاجرًا وهو يعلم أنه فاجر فهو مثله)) .</p><p>محاسبتهم:</p><p>هذا مع أن من واجب الإمام حسن اختيار ولاته والتدقيق والتحري في ذلك، فإن عليه أيضًا تتبُّع أخبارهم، ومحاسبتهم على كلِّ صغيرة وكبيرة، فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه عن أبي حميد الساعدي ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعمل ابن اللتبية - وفي رواية الأتبية - على صدقات بني سُليم، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاسبه قال: هذا لكم وهذه هدية أهديت لي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فهلا جلست في بيت أبيك وبيت أمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقًا؟ ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخطب في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: فإني أستعمل رجالاً منكم على أمور مما ولاني الله، فيأتي أحدكم فيقول: هذا لكم وهذه هدية أهديت لي. فهلاّ جلس في بيت أبيه وبيت أمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقًا؟ فوالله لا يأخذ أحدكم منها شيئًا - قال هشام: بغير حقه - إلا جاء الله يحمله يوم القيامة. ألا فَلأَعْرِفَنَّ ما جاء الله رجلٌ ببعير له رغاء، أو ببقرة لها خوار، أو شاة تَيْعَر - ثم رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه - ألا هل بلغت ؟)) .</p><p>وعن الأحنف بن قيس - وكان أحد ولاة عمر رضي الله عنه - قال: (قدمت على عمر بن الخطاب رضوان الله عليه فاحتبسني عنده حولاً، فقال: يا أحنف قد بلوتك وخبرتك، فرأيت أن علانيتك حسنة، وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل علانيتك، وإنَّا كنا لنُحَدَّث: إنما يهلك هذه الأمة كلُّ منافق عليم) .</p><p>ثالثًا: الإشراف بنفسه على تدبير الأمور وتفقُّد أحوال الرعية:</p><p>أن الإمام هو المسؤول الأول عن كل صغيرة وكبيرة في الدولة، ومع أنه يُشْرَع له اتخاذ الوزراء والأعوان على تدبير الأمور، إلا أنه يجب عليه أن يشرف بنفسه على هؤلاء الوزراء والأعوان، وأن لا يتَّكل عليهم، فعليه أيضًا أن يقوم بالإشراف على أحوال الرعية ويتفقد أحوالهم، وأن لا يحتجب عنهم حتى يعرف أوضاعهم، فيعين محتاجهم، وينصر مظلومهم، ويقمع ظالمهم، قال أبو يعلى في تعداده لواجبات الإمام: (العاشر: أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور، وتصفح الأحوال، ليهتمَّ بسياسة الأمة وحراسة الملة، ولا يعول على التفويض تشاغلاً بلذة أو عبادة، فقد يخون الأمين ويغشُّ الناصح، وقد قال تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى} [ ص: 26 ] فلم يقتصر سبحانه على التفويض دون المباشرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) . ) .</p><p>والذي يدلّ على ما سبق ذكره من وجوب مباشرة الإمام بنفسه وعدم الاحتجاب عن رعيته والنصح لهم ما رواه أبو داود بإسناد إلى أبي مريم الأزدي قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من ولاَّه الله عز وجل شيئًا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخُلَّتِهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره)) . واختلف في مشروعية الحاجب للحكام... </p><p>رابعًا: الرفق بالرعية والنصح لهم وعدم تتبع عوراتهم:</p><p>كما أن من واجبه أيضًا الرفق بهذه الرعية التي استرعاه الله أمرها، والنصح لهم، وعدم تتبع سوءاتهم وعوراتهم، وقد ورد في هذا الواجب أحاديث وآثار كثيرة منها:</p><p>ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في بيتي هذا: ((اللهم من وَلِيَ من أمر أمتي شيئًا فشقّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به)) .</p><p>قال النووي: (هذا من أبلغ الزواجر عن المشقة على الناس، وأعظم الحثِّ على الرفق بهم، وقد تظاهرت الأحاديث بهذا المعنى) .</p><p>ومنها ما رواه البخاري بسنده إلى الحسن قال: إن عبيد الله بن زياد زار مَعْقِل بن يسار في مرضه الذي مات فيه، فقال له معقل: إني محدثك حديثًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية من المسلمين فيموت وهو غاشّ لهم إلا حرَّم الله عليه الجنة)) . وعند مسلم قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من عبد يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل الجنة معهم)) .</p><p>وعن الحسن أن عائذ بن عمرو كان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن شرَّ الرّعاء الحُطَمَةَ ، فإياك أن تكون منهم، فقال له: اجلس إنما أنت من نخالة أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال: وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم)) .</p><p>ومنها ما رواه أبو داود بسنده عن أبي أمامة قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا ابتغى الأمير الرِّيبة في الناس أفسدهم)) .</p><p>وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت تفسدهم)) .</p><p>خامسًا: أن يكون قدوة حسنة لرعيته:</p><p>من طبيعة النفس البشرية أنها دائمًا مولعة بتقليد الأقوى سواء كان في الخير أو الشرّ، وحيث إن الإمام هو الذي في يده زمام السلطة والتدبير، فإن نفوس الرعية تكون مولعة فيما يذهب إليه، لذلك وجب عليه أن يكون قدوة حسنة لأتباعه حتى يسيروا على نهجه، ويقلِّدوه في سنَّته الحسنة، لأنَّ عيونهم معقودة به وأبصارهم شاخصة إليه، فإن أي صغيرة تبدو منه تتجسم لدى العامّة، ويتخذون منها ثغرة ينفذون منها إلى الانحراف، وقلَّ أن يردَّهم بعد ذلك نصح أو تخويف.</p><p>(ولذلك لما دخل قائد جيش المسلمين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قصر كسرى وهو يتلوا قوله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ} [ الدخان: 25 - 28 ] أرسل سعد كل ما في قصر كسرى إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأخذ عمر رضي الله عنه يقلِّب هذه النفائس ويقول: إن قومًا أدُّوا هذا لأمناء. فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لقد عففت فعفَّت رعيتك، ولو رتعت لرتعت) ثم قسم عمر ذلك في المسلمين .</p><p>وقد روى البخاري رحمه الله عن أبي بكر رضي الله عنه في حديثه للأحمسية لما سألته: ما بقاء هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: (ما استقامت بكم أئمتكم) .</p><p>وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إن الناس لم يزالوا مستقيمين ما استقامت لهم أئمتهم وهداتهم) ، وقال: (الرعية مؤدية إلى الإمام ما أدى الإمام إلى الله، فإن رتع الإمام رتعوا) . لذلك كان من سيرته رضي الله عنه - كما ذكر ذلك سالم بن عبد الله عن أبيه قال: (كان عمر إذا أراد أن ينهى الناس عن شيء تقدَّم لأهله فقال: لا أعلمن أحدًا وقع في شيء مما نهيت عنه إلا أضعفت له العقوبة) .</p><p>قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وينبغي أن يُعْرف أن أولي الأمر كالسوق ما نفق فيه جُلب إليه، هكذا قال عمر بن عبد العزيز، فإن نفق فيه الصدق والبرّ والعدل والأمانة جُلب إليه ذلك، وإن نفق فيه الكذب والجور والخيانة جُلب إليه ذلك) </p><p>الفصل الخامس: حقوق الإمام</p><p>المبحث الأول: حق الطاعة</p><p>الطاعة دعامة من دعائم الحكم في الإسلام وقاعدة من قواعد نظامه السياسي، وهي من الأمور الضرورية لتمكين الإمام من القيام بواجبه الملقى على عاتقه، وضرورية أيضًا لتمكين الدولة من تنفيذ أهدافها وتحقيق أغراضها، ورضي الله عن عمر بن الخطاب حيث يقول: (لا إسلام بلا جماعة، ولا جماعة بلا أمير، ولا أمير بلا طاعة).</p><p>وإن من أهم ما يميز نظام الإسلام عن غيره من النظم الأرضية التي وضعها البشر هو ذلك الوازع الديني في ضمير المؤمن، فهو يستشعر - عند قيام الإمام بواجبه - أن الله سبحانه وتعالى قد أوجب عليه الطاعة لهذا الإمام، فيؤنبه ضميره ويردعه وازعه الديني عن الإخلال بنظام الدولة أو التمرد والعصيان على أي أمر من أمور الدولة التي وضعتها لصالح الأمة، وإن غابت عنه عين الرقيب والحارس لهذا النظام، لأنه يشعر بأن الرقيب حيّ قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو مطلع عليه عالم بأحواله في كل لحظة وأوان. وهذا ما لا وجود له في النظم الأرضية، فكل منهم يراقب عين الرقيب وحارس النظام، وهو بشر مثلهم، ومن طبيعة البشر الضعف والغفلة والتقصير، فإن غاب عنه فلا رقيب ولا حارس ولا وازع ديني أو خلقي يردعه من التمرد على هذا النظام المراد حفظه.</p><p>كذلك المؤمن إذا اتخذ هذه الطاعة قربة لله سبحانه وتعالى وعبادة، فله عليها الأجر الجزيل، لأنه يطيعهم امتثالاً لأمر الله ورسوله بذلك لا لأشخاصهم. فيرجو من الله الثواب على ذلك. أما النظم الأخرى فلا رجاء ولا أجر إلا ما يصيبه في هذه الحياة الدنيا من حطامها، ومن النتائج المترتبة على حفظ هذه النظم، {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ} [الرعد: 26].</p><p>قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم و إن منعوه عصاهم فما له في الآخرة من خلاق) .</p><p>وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع رجلاً بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو غير ذلك، ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه لم يفِ)) .</p><p>لذلك فالسمع والطاعة لخلفاء المسلمين وأئمتهم من أجل الطاعات والقربات عند الله تعالى، ومن الواجبات الملقاة على عاتق كل مسلم..</p><p>قال ابن كثير: (وقال الصياح بن سوادة الكندي: سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب وهو يقول: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ...} الآية [ الحج: 41]. ثم قال: (ألا إنها ليست على الوالي وحده ولكنها على الوالي والموالى عليه، ألا أنبئكم بما لكم على الوالي من ذلك؛ وبما للوالي عليكم منه؟ إنَّ لكم على الوالي من ذلكم أن يؤاخذكم بحقوق الله عليكم، وأن يهديكم إلى التي هي أقوم ما استطاع، وإنَّ عليكم من ذلك الطاعة غير المبزوزة ولا المستكرهة ولا المخالف سرها علانيتها) .</p><p>أدلة وجوبها:</p><p>السمع والطاعة للإمام من أهم حقوقه الواجبة له، ومن أعظم الواجبات على الرعية له، وقد دَلَّ على ذلك الكتاب والسنة:</p><p>فمن الكتاب:</p><p>قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [ النساء: 59 ].</p><p>فلما أمر الله تعالى الرعاة والولاة بأداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل في الآية السابقة لها: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} أمر الرعية من الجيوش وغيرهم بطاعة أولي الأمر الفاعلين لذلك في قسمهم وحكمهم ومغازيهم وغير ذلك، إلا أن يأمروا بمعصية الله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وأولو الأمر في هذه الآية هم كما قال الشوكاني: (الأئمة والسلاطين والقضاة وكل من كانت له ولاية شرعية لا ولاية طاغوتية، والمراد طاعتهم فيما يأمرون به وينهون عنه ما لم تكن معصية) .</p><p>وقال ابن حجر: (قال ابن عيينة: سألت زيد بن أسلم عنها - أي عن أولي الأمر في هذه الآية - ولم يكن بالمدينة أحد يفسر القرآن بعد محمد بن كعب مثله - فقال: اقرأ ما قبلها تعرف، فقرأت: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمواْ بِالْعَدْل} الآية. فقال: هذه في الولاة) .</p><p>وتشمل أيضًا العلماء كما رواه الطبري بإسناده عن ابن عباس وابن أبي نجيح والحسن ومجاهد وعطاء وغيرهم .</p><p>فالصواب إذًا شمولها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأولو الأمر أصحابه وذووه، وهم الذين يأمرون الناس، وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة وأهل العلم والكلام، فلهذا كان أولو الأمر صنفين: العلماء، والأمراء. فإذا صلحوا صلح الناس وإذا فسدوا فسد الناس) .</p><p>ثانيًا: من السنة:</p><p>أما من السنة فالأحاديث كثيرة في وجوب السمع والطاعة للأئمة في غير معصية نأخذ منها ما يلي:</p><p>1- ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني)) .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 35412, member: 329"] وعلى هذا فيصرف الفيء بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع مصالح المسلمين، ومنها الإنفاق على ذوي الحاجات ودفع الأرزاق للجند والعلماء والقضاة وسائر موظفي الدولة، كما يعطى منه إلى عموم المسلمين، وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم في سيرتهم وهديهم، ولذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: (والله ما أحد أحق بهذا المال من أحد، والله ما من المسلمين أحد إلا وله في هذا المال نصيب إلا عبدًا مملوكًا، ولكنا على منازلنا من كتاب الله تعالى وقسمنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالرجل وبلاؤه في الإسلام، والرجل وقدمه في الإسلام، والرجل وغناؤه في الإسلام، والرجل وحاجته) . وقد روي عنه أيضًا: (والله لئن بقيت لهم إلى قابل ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظَّه من هذا المال وهو يرعى مكانه) . ويفهم من هذا كله أن عموم المسلمين لهم نصيب من مال الفيء، فيعطون منه بعد سد النفقات الضرورية للدولة. 5- ويلحق بالفيء ويكون مصرفه مصرف الفيء الأموال التي ليس لها مالك معين، مثل من مات من المسلمين وليس له وارث، وكالغصوب، والعواري، والودائع وغير ذلك من أموال المسلمين التي تعذر معرفة أصحابها ، أو التي لا صاحب لها. وجوه صرف الأموال: الواجب على الإمام عند صرف الأموال أن يبتدئ في القسمة بالأهم فالأهم من مصالح المسلمين، كعطاء من يحصل للمسلمين منهم منفعة عامة أو المحتاجين فمن هؤلاء: 1- المقاتلة: وهم أهل النصرة والجهاد، وهم أحق الناس بالفيء، فإنه لا يحصل إلا بهم، حتى اختلف الفقهاء في مال الفيء هل هو مختص بهم أو مشترك في جميع المصالح ؟ وكذلك إذا قتل أو مات من المقاتلة فإنه ترزق امرأته وأولاده الصغار حتى يكبروا . 2- ذوو الولايات كالولاة والقضاة والعلماء والسعاة على المال جمعًا وحفظًا وقسمةً، وجميع القائمين على مصالح المسلمين. 3- كذلك يصرف في الأثمان والأجور لما يعم نفعه من سداد الثغور بالكراع والسلاح، وعمارة ما يحتاج إلى عمارته من طرقات الناس كالجسور والقناطر وطرقات المياه والأنهار ونحو ذلك. 4- ومن المستحقين ذوو الحاجات: فإن الفقهاء قد اختلفوا هل يقدَّمون في غير الصدقات من الفيء ونحوه - على غيرهم؟ على قولين في مذهب الإمام أحمد وغيره منهم من قال يقدَّمون، ومنهم من قال: المال استحق بالإسلام، فيشتركون فيه كما يشترك الورثة في الميراث، قال ابن تيمية: (والصحيح أنهم يقدَّمون، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقدِّم ذوي الحاجات كما قدَّمهم في مال بني النضير، وقال عمر رضي الله عنه: ليس أحد أحق بهذا المال من أحد...) . وذكر كلام عمر الآنف الذكر. 5- كما يجوز - بل يجب - الإعطاء لتأليف من يحتاج إلى تأليف قلبه، وإن كان لا يحل له أخذ ذلك، كما خصَّص الله في القرآن نصيبًا للمؤلفة قلوبهم من الصدقات، وكما كان يعطيهم - صلى الله عليه وسلم - من الفيء ونحوه فقد أعطى الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن الفزاري، وعلقمة العامري، وزيد الخير الطائي وقال: ((إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم)) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهذا النوع من العطاء وإن كان ظاهره إعطاء الرؤساء وترك الضعفاء كما يفعل الملوك فالأعمال بالنيات، فإذا كان القصد بذلك مصلحة الدين وأهله، كان من جنس عطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه، وإن كان المقصود العلو في الأرض والفساد كان من جنس عطاء فرعون..) أما عن حقوق العاملين في الدولة فعلى الدولة تأمين الزواج للموظف والمسكن والخادم والمركب، كما في الحديث الذي رواه أبو داود بإسناده إلى جبير بن نفير عن المستورد بن شداد قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادمًا، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنًا، قال: قال أبو بكر: أخبرتُ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من اتخذ غير ذلك فهو غالّ أو سارق)) . وكذلك من مات وعليه دين، وليس له مال يفي بدينه، أو له أولاد قُصَّر فإن الإمام يؤدي ما عليه من دين من بيت مال المسلمين، كما في الحديث الذي رواه أبو هريرة قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك كلاًّ فعلينا)) وفي رواية عن جابر بن عبد الله: ((أنا أولى بكُلِّ مؤمن من نفسه فأيّما رجل مات وترك دينًا فإليّ، ومن ترك مالاً فلورثته)) . ومن واجبات الإمام بالإضافة إلى ما سبق: ثانيًا: اختيار الأكفاء للمناصب القيادية: نظرًا لثقل الأعباء المنوطة بالإمام فإنه لا يستطيع وحده القيام بتدبيرها جميعًا، ولذلك كان لابد له من ولاة ومعاونين يقومون وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ((إذا أراد الله بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه)) . وعنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله لم يبعث نبيًا إلا وله بطانتان. بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالاً، ومن يوق بطانة السوء فقد وقي)) . ويدخل في الحكم الوزراء والبطانة جميع الولاة الذين يقوم بتوليتهم، كالقضاة، وولاة الحرب، والحسبة، والمال. وغيرهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فيجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل) . كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من ولي من أمر المسلمين شيئًا فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه، فقد خان الله ورسوله)) . وفي رواية: ((من قلد رجلاً عملاً على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه، فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين)) . وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (من ولي من أمر المسلمين شيئًا فولى رجلاً لمودة أو قرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمسلمين) فليس على الإمام إلا أن يستعمل أصلح الموجود، وقد لا يكون في موجوده من هو صالح لتلك الولاية فيختار الأمثل فالأمثل في كل منصب بحسبه، وإذا فعل ذلك بعد الاجتهاد التام وأخذه الولاية بحقها، فقد أدى الأمانة وقام بالواجب في هذا وصار في هذا الموضع من أئمة العدل المقسطين عند الله. هذا وابن تيمية - رحمه الله - لم يقصر واجب ولي الأمر على تولية الأصلح فقط، بل تعدَّى ذلك إلى وجوب الإعداد والتأهيل ليتوفر لأعمال الدولة من يتولاها من القادرين على القيام بها، حيث يقول: (ومع أنه يجوز تولية غير الأهل للضرورة إذا كان أصلح الموجود، فيجب مع ذلك السعي في إصلاح الأحوال، حتى يكمل في الناس ما لا بد لهم من أمور الولايات والإمارات ونحوها، كما يجب على المعسر السعي في وفاء دينه، وإن كان في الحال لا يُطلب منه إلا ما يقدر عليه..) فإن عدل عن الأحق الأصلح إلى غيره لأجل قرابة بينهما أو صداقة أو موافقة في بلد أو مذهب أو طريقة أو جنس كالعربية والفارسية والتركية والرومية ونحو ذلك، أو لرشوة يأخذها من مال أو منفعة أو غير ذلك من الأسباب، أو لضغن في قلبه على الأحق، أو عداوة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ودخل فيما نهى الله عنه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27 ] لذلك تعتبر تولية الولاة والاستعانة بالأعوان مسؤولية جسيمة يجب أن لا تسلَّم إلا لأربابها الذين يقْدِرون عليها، وإنها من أعظم الأمانات، ومن أخطر الأمور توسيدها لغير أهلها، بل ذلك من علامات الساعة، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا ضُيِّعَت الأمانة، انتظر الساعة. قيل: يا رسول الله وما إضاعتها؟ قال: إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)) . وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...)) الحديث . وروي عن عمران بن سُليم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((من استعمل فاجرًا وهو يعلم أنه فاجر فهو مثله)) . محاسبتهم: هذا مع أن من واجب الإمام حسن اختيار ولاته والتدقيق والتحري في ذلك، فإن عليه أيضًا تتبُّع أخبارهم، ومحاسبتهم على كلِّ صغيرة وكبيرة، فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه عن أبي حميد الساعدي ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعمل ابن اللتبية - وفي رواية الأتبية - على صدقات بني سُليم، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاسبه قال: هذا لكم وهذه هدية أهديت لي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فهلا جلست في بيت أبيك وبيت أمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقًا؟ ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخطب في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: فإني أستعمل رجالاً منكم على أمور مما ولاني الله، فيأتي أحدكم فيقول: هذا لكم وهذه هدية أهديت لي. فهلاّ جلس في بيت أبيه وبيت أمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقًا؟ فوالله لا يأخذ أحدكم منها شيئًا - قال هشام: بغير حقه - إلا جاء الله يحمله يوم القيامة. ألا فَلأَعْرِفَنَّ ما جاء الله رجلٌ ببعير له رغاء، أو ببقرة لها خوار، أو شاة تَيْعَر - ثم رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه - ألا هل بلغت ؟)) . وعن الأحنف بن قيس - وكان أحد ولاة عمر رضي الله عنه - قال: (قدمت على عمر بن الخطاب رضوان الله عليه فاحتبسني عنده حولاً، فقال: يا أحنف قد بلوتك وخبرتك، فرأيت أن علانيتك حسنة، وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل علانيتك، وإنَّا كنا لنُحَدَّث: إنما يهلك هذه الأمة كلُّ منافق عليم) . ثالثًا: الإشراف بنفسه على تدبير الأمور وتفقُّد أحوال الرعية: أن الإمام هو المسؤول الأول عن كل صغيرة وكبيرة في الدولة، ومع أنه يُشْرَع له اتخاذ الوزراء والأعوان على تدبير الأمور، إلا أنه يجب عليه أن يشرف بنفسه على هؤلاء الوزراء والأعوان، وأن لا يتَّكل عليهم، فعليه أيضًا أن يقوم بالإشراف على أحوال الرعية ويتفقد أحوالهم، وأن لا يحتجب عنهم حتى يعرف أوضاعهم، فيعين محتاجهم، وينصر مظلومهم، ويقمع ظالمهم، قال أبو يعلى في تعداده لواجبات الإمام: (العاشر: أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور، وتصفح الأحوال، ليهتمَّ بسياسة الأمة وحراسة الملة، ولا يعول على التفويض تشاغلاً بلذة أو عبادة، فقد يخون الأمين ويغشُّ الناصح، وقد قال تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى} [ ص: 26 ] فلم يقتصر سبحانه على التفويض دون المباشرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) . ) . والذي يدلّ على ما سبق ذكره من وجوب مباشرة الإمام بنفسه وعدم الاحتجاب عن رعيته والنصح لهم ما رواه أبو داود بإسناد إلى أبي مريم الأزدي قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من ولاَّه الله عز وجل شيئًا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخُلَّتِهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره)) . واختلف في مشروعية الحاجب للحكام... رابعًا: الرفق بالرعية والنصح لهم وعدم تتبع عوراتهم: كما أن من واجبه أيضًا الرفق بهذه الرعية التي استرعاه الله أمرها، والنصح لهم، وعدم تتبع سوءاتهم وعوراتهم، وقد ورد في هذا الواجب أحاديث وآثار كثيرة منها: ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في بيتي هذا: ((اللهم من وَلِيَ من أمر أمتي شيئًا فشقّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به)) . قال النووي: (هذا من أبلغ الزواجر عن المشقة على الناس، وأعظم الحثِّ على الرفق بهم، وقد تظاهرت الأحاديث بهذا المعنى) . ومنها ما رواه البخاري بسنده إلى الحسن قال: إن عبيد الله بن زياد زار مَعْقِل بن يسار في مرضه الذي مات فيه، فقال له معقل: إني محدثك حديثًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية من المسلمين فيموت وهو غاشّ لهم إلا حرَّم الله عليه الجنة)) . وعند مسلم قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من عبد يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل الجنة معهم)) . وعن الحسن أن عائذ بن عمرو كان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن شرَّ الرّعاء الحُطَمَةَ ، فإياك أن تكون منهم، فقال له: اجلس إنما أنت من نخالة أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال: وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم)) . ومنها ما رواه أبو داود بسنده عن أبي أمامة قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا ابتغى الأمير الرِّيبة في الناس أفسدهم)) . وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت تفسدهم)) . خامسًا: أن يكون قدوة حسنة لرعيته: من طبيعة النفس البشرية أنها دائمًا مولعة بتقليد الأقوى سواء كان في الخير أو الشرّ، وحيث إن الإمام هو الذي في يده زمام السلطة والتدبير، فإن نفوس الرعية تكون مولعة فيما يذهب إليه، لذلك وجب عليه أن يكون قدوة حسنة لأتباعه حتى يسيروا على نهجه، ويقلِّدوه في سنَّته الحسنة، لأنَّ عيونهم معقودة به وأبصارهم شاخصة إليه، فإن أي صغيرة تبدو منه تتجسم لدى العامّة، ويتخذون منها ثغرة ينفذون منها إلى الانحراف، وقلَّ أن يردَّهم بعد ذلك نصح أو تخويف. (ولذلك لما دخل قائد جيش المسلمين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قصر كسرى وهو يتلوا قوله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ} [ الدخان: 25 - 28 ] أرسل سعد كل ما في قصر كسرى إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأخذ عمر رضي الله عنه يقلِّب هذه النفائس ويقول: إن قومًا أدُّوا هذا لأمناء. فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لقد عففت فعفَّت رعيتك، ولو رتعت لرتعت) ثم قسم عمر ذلك في المسلمين . وقد روى البخاري رحمه الله عن أبي بكر رضي الله عنه في حديثه للأحمسية لما سألته: ما بقاء هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: (ما استقامت بكم أئمتكم) . وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إن الناس لم يزالوا مستقيمين ما استقامت لهم أئمتهم وهداتهم) ، وقال: (الرعية مؤدية إلى الإمام ما أدى الإمام إلى الله، فإن رتع الإمام رتعوا) . لذلك كان من سيرته رضي الله عنه - كما ذكر ذلك سالم بن عبد الله عن أبيه قال: (كان عمر إذا أراد أن ينهى الناس عن شيء تقدَّم لأهله فقال: لا أعلمن أحدًا وقع في شيء مما نهيت عنه إلا أضعفت له العقوبة) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وينبغي أن يُعْرف أن أولي الأمر كالسوق ما نفق فيه جُلب إليه، هكذا قال عمر بن عبد العزيز، فإن نفق فيه الصدق والبرّ والعدل والأمانة جُلب إليه ذلك، وإن نفق فيه الكذب والجور والخيانة جُلب إليه ذلك) الفصل الخامس: حقوق الإمام المبحث الأول: حق الطاعة الطاعة دعامة من دعائم الحكم في الإسلام وقاعدة من قواعد نظامه السياسي، وهي من الأمور الضرورية لتمكين الإمام من القيام بواجبه الملقى على عاتقه، وضرورية أيضًا لتمكين الدولة من تنفيذ أهدافها وتحقيق أغراضها، ورضي الله عن عمر بن الخطاب حيث يقول: (لا إسلام بلا جماعة، ولا جماعة بلا أمير، ولا أمير بلا طاعة). وإن من أهم ما يميز نظام الإسلام عن غيره من النظم الأرضية التي وضعها البشر هو ذلك الوازع الديني في ضمير المؤمن، فهو يستشعر - عند قيام الإمام بواجبه - أن الله سبحانه وتعالى قد أوجب عليه الطاعة لهذا الإمام، فيؤنبه ضميره ويردعه وازعه الديني عن الإخلال بنظام الدولة أو التمرد والعصيان على أي أمر من أمور الدولة التي وضعتها لصالح الأمة، وإن غابت عنه عين الرقيب والحارس لهذا النظام، لأنه يشعر بأن الرقيب حيّ قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو مطلع عليه عالم بأحواله في كل لحظة وأوان. وهذا ما لا وجود له في النظم الأرضية، فكل منهم يراقب عين الرقيب وحارس النظام، وهو بشر مثلهم، ومن طبيعة البشر الضعف والغفلة والتقصير، فإن غاب عنه فلا رقيب ولا حارس ولا وازع ديني أو خلقي يردعه من التمرد على هذا النظام المراد حفظه. كذلك المؤمن إذا اتخذ هذه الطاعة قربة لله سبحانه وتعالى وعبادة، فله عليها الأجر الجزيل، لأنه يطيعهم امتثالاً لأمر الله ورسوله بذلك لا لأشخاصهم. فيرجو من الله الثواب على ذلك. أما النظم الأخرى فلا رجاء ولا أجر إلا ما يصيبه في هذه الحياة الدنيا من حطامها، ومن النتائج المترتبة على حفظ هذه النظم، {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ} [الرعد: 26]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم و إن منعوه عصاهم فما له في الآخرة من خلاق) . وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع رجلاً بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو غير ذلك، ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه لم يفِ)) . لذلك فالسمع والطاعة لخلفاء المسلمين وأئمتهم من أجل الطاعات والقربات عند الله تعالى، ومن الواجبات الملقاة على عاتق كل مسلم.. قال ابن كثير: (وقال الصياح بن سوادة الكندي: سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب وهو يقول: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ...} الآية [ الحج: 41]. ثم قال: (ألا إنها ليست على الوالي وحده ولكنها على الوالي والموالى عليه، ألا أنبئكم بما لكم على الوالي من ذلك؛ وبما للوالي عليكم منه؟ إنَّ لكم على الوالي من ذلكم أن يؤاخذكم بحقوق الله عليكم، وأن يهديكم إلى التي هي أقوم ما استطاع، وإنَّ عليكم من ذلك الطاعة غير المبزوزة ولا المستكرهة ولا المخالف سرها علانيتها) . أدلة وجوبها: السمع والطاعة للإمام من أهم حقوقه الواجبة له، ومن أعظم الواجبات على الرعية له، وقد دَلَّ على ذلك الكتاب والسنة: فمن الكتاب: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [ النساء: 59 ]. فلما أمر الله تعالى الرعاة والولاة بأداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل في الآية السابقة لها: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} أمر الرعية من الجيوش وغيرهم بطاعة أولي الأمر الفاعلين لذلك في قسمهم وحكمهم ومغازيهم وغير ذلك، إلا أن يأمروا بمعصية الله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وأولو الأمر في هذه الآية هم كما قال الشوكاني: (الأئمة والسلاطين والقضاة وكل من كانت له ولاية شرعية لا ولاية طاغوتية، والمراد طاعتهم فيما يأمرون به وينهون عنه ما لم تكن معصية) . وقال ابن حجر: (قال ابن عيينة: سألت زيد بن أسلم عنها - أي عن أولي الأمر في هذه الآية - ولم يكن بالمدينة أحد يفسر القرآن بعد محمد بن كعب مثله - فقال: اقرأ ما قبلها تعرف، فقرأت: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمواْ بِالْعَدْل} الآية. فقال: هذه في الولاة) . وتشمل أيضًا العلماء كما رواه الطبري بإسناده عن ابن عباس وابن أبي نجيح والحسن ومجاهد وعطاء وغيرهم . فالصواب إذًا شمولها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأولو الأمر أصحابه وذووه، وهم الذين يأمرون الناس، وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة وأهل العلم والكلام، فلهذا كان أولو الأمر صنفين: العلماء، والأمراء. فإذا صلحوا صلح الناس وإذا فسدوا فسد الناس) . ثانيًا: من السنة: أما من السنة فالأحاديث كثيرة في وجوب السمع والطاعة للأئمة في غير معصية نأخذ منها ما يلي: 1- ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني)) . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن العقيـــده الاســـلاميه
الموسوعة العقدية