الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن العقيـــده الاســـلاميه
الموسوعة العقدية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 35422" data-attributes="member: 329"><p>ومن السنة ما أخرجه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة –رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر، فجاءه بتمر جنيب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أكل تمر خيبر هكذا؟ قال: لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً)) .</p><p>وقد أدرك أهل العلم أهمية هذا الجانب فظهر في بعض مقالاتهم وفتاواهم.. ومن ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه أن رجلاً سأل ابن عباس فقال: يا ابن عباس، إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: (من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبداً، فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه. فقال: ويحك إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بهذا الشجر، كل شيء ليس فيه روح) .</p><p>وقال عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز –رحمهما الله- لأبيه: (يا أبت ما يمنعك أن تمضي لما تريده من العدل؟ فوالله ما كنت أبالي لو غلت بي وبك القدور في ذلك.</p><p>قال: يا بني! إني إنما أروض الناس رياضة الصعب، إني أريد أن أحيي الأمر من العدل فأؤخر ذلك حتى أخرج معه طمعاً من طمع الدنيا، فينفروا من هذه ويسكنوا لهذه) .</p><p>وقال –رحمه الله- أيضاً: (ما طاوعني الناس على ما أردت من الحق حتى بسطت لهم من الدنيا شيئاً) .</p><p>وقال ابن كثير –رحمه الله- في حوادث سنة اثنتين وثلاثين وستمائة: (فيها خرب الملك الأشرف بن العادل خان الزنجاري الذي كان بالعقبية فيه خواطئ وخمور ومنكرات متعددة، فهدمه وأمر بعمارة جامع مكانه سمي جامع التوبة) ا.هـ.</p><p>ونقل الحافظ في الفتح عن المبرد أن موضع ذي الخلصة (وهو صنم دوس في الجاهلية) صار مسجداً جامعاً لبلدة يقال لها العبلات من أرض خثعم ا.هـ.</p><p>وفي إنباء العمر (في حوادث سنة ثمانين وسبعمائة) قال: الحافظ –رحمه الله-: (وفيها توجه شخص من أهل الصلاح يقال له: عبد الله الزيلعي إلى الجيزة، فبات بقرب أبو النمرس، فسمع حس الناقوس، فسأل عنه، فقيل له: إن بها كنيسة يعمل فيها ذلك كل ليلة؛ حتى ليلة الجمعة، وفي يومها والخطيب يخطب على المنبر فسعى عند جمال الدين المحتسب في هدمها فقام في ذلك قياماً تاماً إلى أن هدمها وصيرها مسجداً) ا.هـ.</p><p>ومما يحسن ذكره من الوقائع في هذا الجانب أن داراً تقع على النيل في مصر يجري فيها ألوان المنكرات حتى عرفت بدار الفاسقين، فاشتراها الأمير عز الدين ايدمر الخطيري وهدمها وبني مكانها جامعاً في سنة 737هـ وسماه جامع التوبة .</p><p>وقد نقلت لك فيما سبق شيئاً من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المتعلق بهذه المسألة فلأهميته أورد بعضه هنا فيقول: (.. إذا كان في البدعة من الخير فعوض عنه من الخير المشروع بحسب الإمكان، إذ النفوس لا تترك شيئاً إلا بشيء، ولا ينبغي لأحد أن يترك خيراً إلا إلى مثله أو إلى خير منه..</p><p>وكثير من المنكرين لبدع العبادات والعادات تجدهم مقصرين في فعل السنن من ذلك، أو الأمر به.. بل الدين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا قوام لأحدهما إلا بصاحبه، فلا ينهى عن منكر إلا ويؤمر بمعروف يغنى عنه كما يؤمر بعبادة الله سبحانه وتعالى، وينهى عن عبادة ما سواه، إذ رأس الأمر شهادة أن لا إله إلا الله والنفوس خلقت لتعمل لا لتترك، وإنما الترك مقصود لغيره، فإن لم يشتغل بعمل صالح وإلا لم يترك العمل السيء أو الناقص..) ا.هـ. </p><p>المطلب الثاني: تقليل العلائق مع الناس إن كانت المصلحة في ذلك</p><p>وإنما طلب ذلك لئلا يكثر خوفه من انقطاعها.. ولكي يقطع طمعه من الخلائق البتة فلا يقع في المداهنة والمصانعة.. ولكن هذا الأمر ليس على إطلاقه.. فإن الدخول مع الناس ومخالطتهم والتعرف على أحوالهم سبب قوي جداً في إصلاحهم والاحتساب عليهم.. وإنما يطلب ذلك من بعض القائمين بالاحتساب –وقد نصبوا لذلك- إن كانت الروابط والعلائق مع الناس تؤدي بهم إلى السكوت عن هؤلاء المعارف مداهنة وما شاكلها.. كخوفهم من مقاطعتهم لهم.</p><p>نقل عن بعض الشيوخ أنه كان له سنور، وكان يأخذ له كل يوم من قصاب شيئاً لغذائه، فرأى على القصاب منكراً، فدخل الدار وأخرج السنور ثم جاء واحتسب على القصاب فقال القصاب: لا أعطيك بعد اليوم للسنور شيئاً. فقال الشيخ: ما احتسبت عليك إلا بعد إخراج السنور وقطع الطمع منك . </p><p>المطلب الثالث: الإسرار بالنصح</p><p>إن من طبيعة الإنسان كراهيته أن يعاب وأن يخطئ أمام الآخرين، فإذا احتسبت عليه أمامهم فقد يكون ذلك سبباً لتمسكه بما هو عليه من الخطأ والمخالفة.</p><p>ويتأكد هذا الأدب خاصة إذا كان المحتسب عليه أكبر سناً من المحتسب، أو أعلى مكانة في العلم أو الجاه ونحو ذلك من الأمور.. كحال الطالب مع شيخه والابن مع أبيه.</p><p>وقد أحسن الإمام الشافعي رحمه الله حينما قال:</p><p>المطلب الرابع: قصد النصح لجميع الأمة</p><p>ويستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر قصد نصح جميع الأمة</p><p>ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، قصده نصح جميع الخلق، بأن يريد لغيره من الخير ما يريد لنفسه.</p><p>قال الله تعالى حكاية عن عبده ورسوله نوح: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 62]، وعن نبيه هود – عليهما السلام -: {... وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} [الأعراف: 68] أي عرفت فيما بينكم بالنصح، فما حقي أن أتهم وأنا لكم ناصح فيما أدعوكم . </p><p>وفي الصحيحين ، ومسند الإمام أحمد ، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي من حديث زياد بن علاقة. ((قال: سمعت جرير بن عبد الله رضي الله عنه يقول يوم مات المغيرة بن شعبة. قام فحمد الله وأثنى عليه. وقال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقار والسكينة حتى يأتيكم أمير، فإنما يأتيكم الآن. ثم قال: استعفوا لأميركم فإنه كان يحب العفو. ثم قال: أما بعد فإني أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أبايعك على الإسلام فشرط علي: والنصح لكل مسلم, فبايعته على هذا، ورب هذا المسجد إني لكم لناصح، ثم استغفر ونزل)) . هذه رواية البخاري.</p><p>وأخرج مسلم المسند منه.</p><p>وفي رواية لهما. ((قال جرير: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم)) .</p><p>وفي أخرى لهما: قال: ((بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، فلقنني: فيما استطعت والنصح لكل مسلم)) . </p><p>وفي صحيح مسلم، ومسند أحمد، وسنن أبي داود، والنسائي من حديث أبي رقية تميم بن أوس الداري –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة)) قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) . هذه رواية مسلم وأحمد.</p><p>وفي رواية أبي داود: إن الدين النصيحة: قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله –عز وجل- ولكتابه, ولرسوله, ولأئمة المسلمين وعامتهم)) . وعند النسائي بلفظ ((إنما الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله, ولكتابه, ولرسوله, ولأئمة المسلمين وعامتهم)) . </p><p>المطلب السادس: ستر العورات والعيوب</p><p>ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر العورات والعيوب</p><p>ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر عورات المسلمين لأن سرت العيوب والتجاهل والتغافل عنها سمة أهل الدين. ويكفي تنبيهاً على كمال الرتبة في ستر القبيح وإظهار الجميل قول الله تعالى: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ...} [البقرة: 263]. </p><p>وفي الصحيحين، وجامع الترمذي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه, ولا يسلمه, ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً، ستره الله يوم القيامة)) .</p><p>قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر.</p><p>وفي (صحيح مسلم) و(مسند أحمد)، و(سنن أبي داود) و(الترمذي) و(النسائي)، و(ابن ماجه)، و(صحيحي الحاكم وابن حبان) من حديث أبي هريرة مرفوعاً، ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة. ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)) مختصر.</p><p>وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة)) .</p><p>وفي رواية: ((لا يستر الله على عبد في الدنيا، إلا ستره يوم القيامة)) .</p><p>وروى الإمام أحمد، والنسائي نحوه من حديث عروة، عن عائشة مرفوعاً – في حديث طويل – ((لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله في الآخرة)) .</p><p>ومعنى ستره الله في الآخرة: أن يستر معاصيه وعيوبه عن إذاعتها في أهل الموقف – كما تقدم قريباً – من حديث عمر.</p><p>وفي (مسند أحمد) من حديث مسلمة بن مخلد الأنصاري مرفوعاً: ((من ستر مسلماً في الدنيا ستره الله – عز وجل – في الدنيا الآخرة, ومن نجى مكروباً فك الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)) .</p><p>ورواه الطبراني ولفظه: ((من علم من أخيه سيئة فسترها ستر الله عليه يوم القيامة)) .</p><p>وفي (مسند الإمام أحمد) وغيره من حديث عن مسيب عن عمه. قال: بلغ رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة)) . فرحل إليه وهو بمصر فسأله عن الحديث. قال: نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة. فقال: وأنا قد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.</p><p>وفي (سنن ابن ماجه) وغيرها من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه الله بها في بيته)) . </p><p>قال أبو زكريا النووي – رحمه الله – في شرح صحيح مسلم – عند قوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة)) ، وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس معروفاً بالأذى والفساد. وأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه، بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر، إن لم يخف من ذلك مفسدة, لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء, والفساد, وانتهاك المحرمات, وجسارة غيره على مثل فعله. وهذا كله في ستر معصية وقعت وانتقضت.</p><p>أما مسألة معصية يراه عليها وهو متلبس بها فتجب المبادرة بإنكارها عليه, ومنعه منها على من قدر على ذلك, ولا يحل تأخيرها. فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر، إذا لم تترتب على ذلك مفسدة – كما تقدم. ثم قال: وأما الرواة, والشهود, والأمناء على الصدقات, والأوقاف, والأيتام ونحوهم فيجب جرحهم عند الحاجة, ولا يحل الستر عليهم إذا رأى منهم ما يقدح في أهليتهم. وليس هذا من الغيبة المحرمة، بل من النصيحة الواجبة. وهذا مجمع عليه. </p><p>المطلب السابع: الاغتمام بمعصية المسلم والتأسف لتعرضه لغضب الله</p><p>ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون مغتماً بمعصية أخيه المسلم وأن يكون آسفاً لتعرضه لعقاب الله</p><p>ومما يستحب (للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر) أن يكون مغتماً مما ظهر من معصية أخيه المسلم وتعرضه لعقاب الله –تعالى- حتى يشغله الهم عن فرحه بأجر الأمر والنهي بحيث إنه لو خير بين أجره في أمره ونهيه وبين أن أخاه لم يصب ذلك الذنب لاختار أن لا يكون أصاب الذنب، وهو النصح لله في خلقه، وهو أعظم من أجر الآمر في أمره مع إثمه. فإذا اغتم بمعصيته وشره وأحب أن يكون الله –تعالى – عصمه – جمع الله أجره على عظته إياه، وأجره على اغتمامه بمعصيته وأجره على محبته عصمته. </p><p>المطلب الثامن: الغيرة على المسلمين</p><p> ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بل لكل مسلم أن يكون غيوراً على إخوانه المسلمين. قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33].</p><p>وفي (الصحيحين)، و(مسند أحمد) و(جامع الترمذي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل يغار وإن المؤمن يغار، وإن من غيرة الله تعالى أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه)) .</p><p>ولمسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن يغار والله أشد غيراً)) . </p><p>المطلب التاسع: تواضع الآمر الناهي في أمره ونهيه</p><p>ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون متواضعاً في أمره ونهيه من غير افتخار ولا تعاظم، بل من حقوق المسلمين التواضع لهم.</p><p>وسمي التواضع متواضعاً لأنه وضع شيئا من قدره الذي يستحقه – وذلك ملح العبادة – وغاية شرف الزاهدين، وسيما الناسكين.</p><p>قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54].</p><p>(أي متواضعين لهم بذل لين وانقياد، لا بذل هوان فيعاشروا المؤمنين برحمة وعطف وشفقة وإخبات وتواضع).</p><p>وقوله: {أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ}.</p><p>هو من عزة القوة والمنعة والغلبة.</p><p>وقال (عطاء) (للمؤمنين كالوالد لولده. وعلى الكافرين كالسبع على فريسته) كما في الآية الأخرى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.</p><p>فالنفس إذا انحرفت عن خلق العزة التي وهبها الله للمؤمنين انحرفت إما إلى كبر وإما إلى ذل والعزة المحمودة بينهما، والله أعلم.</p><p>وقال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] يعني سكينة ووقاراً متواضعين، غير أشرين ولا مرحين ولا متكبرين لأن الهون –بالفتح- الرفق واللين، وبالضم –الهوان.</p><p>فالأول صفة أهل الإيمان، والثاني صفة أهل الكفران وجزاؤهم من الله النيران .</p><p>قال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83]. </p><p>وفي (صحيح مسلم)، و(سنن أبي داود)، و(ابن ماجه) من حديث عياض بن حمار المجاشعي – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفتخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)) .</p><p>قال أهل اللغة: (البغي التعدي والاستطالة).</p><p>قال أبو العباس بن تيمية – في (اقتضاء الصراط المستقيم) – جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين نوعي الاستطالة. لأن المستطيل إن استطال بحق فهو المفتخر. وإن استطال بغير حق فهو الباغي فلا يحل لا هذا ولا هذا . </p><p>قال أبو حامد: فإن قلت كيف التواضع للفاسق والمبتدع وقد أمرت ببغضهما، والجمع بينهما متناقض ؟</p><p>فاعلم أن هذا أمر مشتبه يلتبس على أكثر الخلق، إذ يمتزج غضبك لله في إنكار البدعة والفسق بكبر النفس، والإذلال بالعلم والورع، فكم من عابد جاهل, وعالم مغرور إذا رأى فاسقاً جلس إلى جانبه أزعجه ذلك.</p><p>وتنزه منه لكبر باطن في نفسه وهو ظان أنه غاضب لله، وذلك لأن الكبر على المطيع ظاهر كونه شراً والحذر منه ممكن، والكبر على الفاسق والمبتدع يشبه الغضب لله وهو خير، فإن الغضبان – أيضاً – يتكبر على من غضب عليه والمتكبر يغضب، وأحدهما يثمر الآخر ويوجبه, وهما ممتزجان ملتبسان لا يميز بينهما إلا الموفقون.</p><p>والذي يخلصك من هنا أن يكون الحاضر على قلبك عند مشاهدة المبتدع, أو الفاسق, أو عند أمرهما بالمعروف ونهيهما عن المنكر ثلاثة أمور:</p><p>أحدهما: التفاتك إلى ما سبق من ذنوبك وخطاياك، ليصغر عند ذلك قدرك في عينك.</p><p>والثاني: أن تكون ملاحظتك لما أنت متميز به من العلم, واعتقاد الحق, والعمل الصالح من حيث إنها نعمة من الله – تعالى – وله المنة لا لك فترى ذلك منه حتى لا تعجب نفسك، وإذا لم تعجب لم تتكبر.</p><p>والثالث: ملاحظة إيهام عاقبتك وعاقبته أنه ربما يختم لك بالسوء ويختم له بالحسنى حتى يشغلك الخوف عن التكبر عليه. </p><p>المبحث الرابع: شروط إنكار المنكر</p><p>المطلب الأول: كونه منكراً</p><p>المنكر كل أمر نهى عنه الشارع الحكيم سواء أكان هذا الأمر محرما أم مكروهاً وكل ما كان محذوراً في الشرع.</p><p>وكلمة منكر أعم من قولنا معصية فتطلق على كل فعل فيه مفسدة أو نهت عنه الشريعة. وإن كان لا يعتبر معصية في حق فاعله، إما لصغره، أو جنونه ولهذا إذا زنا المجنون أو هم بفعل الزنا أو شرب الصبي الخمر كان ما فعلاه منكراً يستحق الإنكار وإن لم يعتبر معصية في حقهما لفوات شرط التكليف وهو البلوغ في الأول والعقل في الثاني بل إن الفعل الذي يخالف ما تعارف عليه المسلمون ولم يكن فيه نص صريح من حيث الكراهة والقبح يكون فيه الاحتساب؛ لأن عرف المسلمين يتفق –في الغالب- مع قواعد الشريعة فلو أن إنساناً جاء إلى المسجد للصلاة وقد لبس إزاراً من السرة إلى الركبة ووضع على عاتقه شيئاً يسيراً فقط فإن هذا ينكر عليه فعله ولو لم يكن محرماً؛ لأن فعله مخالف لعرف المسلمين؛ ولأن الطباع السليمة المسلمة تنفر من ذلك؛ ولأنه بفعله عرض نفسه لحديث الناس والوقوع في عرضه.</p><p>وكذلك الحال لمن لبس من الرجال الثياب الضيقة أو الخفيفة التي تحدد العورة وتصف البشرة، أو إطالة الشعر لا لقصد السنة وإنما اقتداء بالغرب والمنحرفين فإن مثل ذلك يعتبر منكراً، لأن فيه نوعاً من التشبه بالفساق وأعداء الله.</p><p>ويندرج في المنكر جميع المنكرات سواء أكانت من صغائر الذنوب أم من كبائرها، وسواء أكانت تتعلق بحق الله تعالى أم بحق الآدميين.</p><p>ولكن يجب أن نعرف بأن الذي يملك الحكم عليه بأنه منكر أو غير منكر (الشرع). لأن هذا الوصف حكم شرعي. والحاكم حقيقة هو الله سبحانه {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} [يوسف: 67] فليس هناك مجال للعواطف والأهواء والأغراض. ودور العلماء في ذلك هو استنباط الحكم الشرعي من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والقواعد المستوحاة منهما. ومن ثم الحكم على هذا الأمر بأنه منكر أو غير منكر . </p><p>المطلب الثاني: أن يكون موجوداً في الحال</p><p>وهذا الشرط له ثلاث أحوال:</p><p>الحالة الأولى: أن يكون قد هم بفعل المنكر.</p><p>الحالة الثانية: أن يكون متلبساً بالمنكر.</p><p>الحالة الثالثة: أن يكون قد انتهى من فعل المنكر.</p><p>تفصيل هذه الأحوال:</p><p>الحالة الأولى: أن يكون قد هم بفعل المنكر: وذلك بأن توجد مقدمات وعلامات ومؤشرات تدل على وقوع المنكر مثل: أن يرى رجلاً يتردد مراراً في أسواق النساء ويصوب النظر إلى واحدة بعينها أو رأى شاباً يقف كل يوم عند باب مدرسة بنات ويصوب النظر إليهن. وليس له من حاجة غير ذلك. أو سمع رجلاً يتحدث بالهاتف –هاتف الشارع- بصوت مرتفع مع امرأة ويحاول أن يرتبط معها بموعد، أو رأى رجلاً يسأل بكثرة عن كيفية تصنيع الخمر، وطريقة تركيبه كل هذه الأمور تعتبر من المقدمات لفعل المنكر. فعلى الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر في هذه الحالات الوعظ، والنصح، والإرشاد، والتخويف بالله سبحانه وتعالى، وبعقوبته والخوف من عذابه وبطشه. ويذكر له بعض النصوص القرآنية التي تبين أن الله سبحانه وتعالى مطلع عليه يسمع كلامه ويرى مكانه. مثل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7].</p><p>ومثل قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19].</p><p>وليكن ذلك بأسلوب فيه لين وعطف وإشفاق وليس فيه تجريح أو رفع صوت أو تشهير فهذه الأمور ربما دفعته إلى حالة تأخذه فيها العزة بالإثم. وليس هناك أحسن من هذا الأسلوب في هذه الحالة. والعلم عند الله.</p><p>الحالة الثانية: أن يكون متلبساً بالمنكر:</p><p>ومعنى ذلك أن تكون المعصية وصاحبها مباشر لها وقت النهي والتغيير. كمن هو جالس وأمامه كأس الخمر يشرب منه أو كمن هو أدخل امرأة أجنبية إلى داره وأغلق الباب عليهما ونحو ذلك. ففي هذه الحال يجب على الآمر بالمعروف والناهي المنكر الإنكار عليه ومنعه من ذلك طالما أنه قادر على إزالة المنكر ولم يخف على نفسه ضرراً أو أذى.</p><p>يقول القاضي عياض –رحمه الله- حق المغير أن يغيره بكل وجه أمكنه زواله به قولاً كان أو فعلاً، فيكسر آلات الباطل ويريق المسكر بنفسه وينزع المغصوب ويرده إلى أصحابه .</p><p>والإنكار عليه يكون بحسب فعل المنكر ومرتبة حكمه في الشرع.</p><p>الحالة الثالثة: أن يكون فاعل المنكر قد فعله وانتهى منه ولم يبق إلا آثاره، كمن شرب الخمر وبقيت آثاره عليه أو من عرف أنه ساكن أعزب وخرجت من عنده امرأة أجنبية ونحو ذلك. ففي هذه الحال ليس هناك وقت للنهي أو التغيير وإنما هناك محل للعقاب والجزاء على فعل هذه المعصية، وهذا الأمر –في الغالب- ليس من شأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر –المتطوع- وإنما هو شأن ولي الأمر أو نائبه فيرفع أمره للحاكم ليصدر فيه الحكم الموافق للشرع.</p><p>يقول العلامة ابن نجيم... وأما بعد الفراغ منها –المعصية- فليس ذلك لغير الحاكم .</p><p>وللآمر بالمعروف أن يخوفه بالله ويحذره من الوقوع في مثل ذلك مستقبلاً، ويذكره بآثار المعاصي السيئة في الدنيا والآخرة.</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 35422, member: 329"] ومن السنة ما أخرجه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة –رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر، فجاءه بتمر جنيب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أكل تمر خيبر هكذا؟ قال: لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً)) . وقد أدرك أهل العلم أهمية هذا الجانب فظهر في بعض مقالاتهم وفتاواهم.. ومن ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه أن رجلاً سأل ابن عباس فقال: يا ابن عباس، إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: (من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبداً، فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه. فقال: ويحك إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بهذا الشجر، كل شيء ليس فيه روح) . وقال عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز –رحمهما الله- لأبيه: (يا أبت ما يمنعك أن تمضي لما تريده من العدل؟ فوالله ما كنت أبالي لو غلت بي وبك القدور في ذلك. قال: يا بني! إني إنما أروض الناس رياضة الصعب، إني أريد أن أحيي الأمر من العدل فأؤخر ذلك حتى أخرج معه طمعاً من طمع الدنيا، فينفروا من هذه ويسكنوا لهذه) . وقال –رحمه الله- أيضاً: (ما طاوعني الناس على ما أردت من الحق حتى بسطت لهم من الدنيا شيئاً) . وقال ابن كثير –رحمه الله- في حوادث سنة اثنتين وثلاثين وستمائة: (فيها خرب الملك الأشرف بن العادل خان الزنجاري الذي كان بالعقبية فيه خواطئ وخمور ومنكرات متعددة، فهدمه وأمر بعمارة جامع مكانه سمي جامع التوبة) ا.هـ. ونقل الحافظ في الفتح عن المبرد أن موضع ذي الخلصة (وهو صنم دوس في الجاهلية) صار مسجداً جامعاً لبلدة يقال لها العبلات من أرض خثعم ا.هـ. وفي إنباء العمر (في حوادث سنة ثمانين وسبعمائة) قال: الحافظ –رحمه الله-: (وفيها توجه شخص من أهل الصلاح يقال له: عبد الله الزيلعي إلى الجيزة، فبات بقرب أبو النمرس، فسمع حس الناقوس، فسأل عنه، فقيل له: إن بها كنيسة يعمل فيها ذلك كل ليلة؛ حتى ليلة الجمعة، وفي يومها والخطيب يخطب على المنبر فسعى عند جمال الدين المحتسب في هدمها فقام في ذلك قياماً تاماً إلى أن هدمها وصيرها مسجداً) ا.هـ. ومما يحسن ذكره من الوقائع في هذا الجانب أن داراً تقع على النيل في مصر يجري فيها ألوان المنكرات حتى عرفت بدار الفاسقين، فاشتراها الأمير عز الدين ايدمر الخطيري وهدمها وبني مكانها جامعاً في سنة 737هـ وسماه جامع التوبة . وقد نقلت لك فيما سبق شيئاً من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المتعلق بهذه المسألة فلأهميته أورد بعضه هنا فيقول: (.. إذا كان في البدعة من الخير فعوض عنه من الخير المشروع بحسب الإمكان، إذ النفوس لا تترك شيئاً إلا بشيء، ولا ينبغي لأحد أن يترك خيراً إلا إلى مثله أو إلى خير منه.. وكثير من المنكرين لبدع العبادات والعادات تجدهم مقصرين في فعل السنن من ذلك، أو الأمر به.. بل الدين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا قوام لأحدهما إلا بصاحبه، فلا ينهى عن منكر إلا ويؤمر بمعروف يغنى عنه كما يؤمر بعبادة الله سبحانه وتعالى، وينهى عن عبادة ما سواه، إذ رأس الأمر شهادة أن لا إله إلا الله والنفوس خلقت لتعمل لا لتترك، وإنما الترك مقصود لغيره، فإن لم يشتغل بعمل صالح وإلا لم يترك العمل السيء أو الناقص..) ا.هـ. المطلب الثاني: تقليل العلائق مع الناس إن كانت المصلحة في ذلك وإنما طلب ذلك لئلا يكثر خوفه من انقطاعها.. ولكي يقطع طمعه من الخلائق البتة فلا يقع في المداهنة والمصانعة.. ولكن هذا الأمر ليس على إطلاقه.. فإن الدخول مع الناس ومخالطتهم والتعرف على أحوالهم سبب قوي جداً في إصلاحهم والاحتساب عليهم.. وإنما يطلب ذلك من بعض القائمين بالاحتساب –وقد نصبوا لذلك- إن كانت الروابط والعلائق مع الناس تؤدي بهم إلى السكوت عن هؤلاء المعارف مداهنة وما شاكلها.. كخوفهم من مقاطعتهم لهم. نقل عن بعض الشيوخ أنه كان له سنور، وكان يأخذ له كل يوم من قصاب شيئاً لغذائه، فرأى على القصاب منكراً، فدخل الدار وأخرج السنور ثم جاء واحتسب على القصاب فقال القصاب: لا أعطيك بعد اليوم للسنور شيئاً. فقال الشيخ: ما احتسبت عليك إلا بعد إخراج السنور وقطع الطمع منك . المطلب الثالث: الإسرار بالنصح إن من طبيعة الإنسان كراهيته أن يعاب وأن يخطئ أمام الآخرين، فإذا احتسبت عليه أمامهم فقد يكون ذلك سبباً لتمسكه بما هو عليه من الخطأ والمخالفة. ويتأكد هذا الأدب خاصة إذا كان المحتسب عليه أكبر سناً من المحتسب، أو أعلى مكانة في العلم أو الجاه ونحو ذلك من الأمور.. كحال الطالب مع شيخه والابن مع أبيه. وقد أحسن الإمام الشافعي رحمه الله حينما قال: المطلب الرابع: قصد النصح لجميع الأمة ويستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر قصد نصح جميع الأمة ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، قصده نصح جميع الخلق، بأن يريد لغيره من الخير ما يريد لنفسه. قال الله تعالى حكاية عن عبده ورسوله نوح: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 62]، وعن نبيه هود – عليهما السلام -: {... وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} [الأعراف: 68] أي عرفت فيما بينكم بالنصح، فما حقي أن أتهم وأنا لكم ناصح فيما أدعوكم . وفي الصحيحين ، ومسند الإمام أحمد ، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي من حديث زياد بن علاقة. ((قال: سمعت جرير بن عبد الله رضي الله عنه يقول يوم مات المغيرة بن شعبة. قام فحمد الله وأثنى عليه. وقال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقار والسكينة حتى يأتيكم أمير، فإنما يأتيكم الآن. ثم قال: استعفوا لأميركم فإنه كان يحب العفو. ثم قال: أما بعد فإني أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أبايعك على الإسلام فشرط علي: والنصح لكل مسلم, فبايعته على هذا، ورب هذا المسجد إني لكم لناصح، ثم استغفر ونزل)) . هذه رواية البخاري. وأخرج مسلم المسند منه. وفي رواية لهما. ((قال جرير: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم)) . وفي أخرى لهما: قال: ((بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، فلقنني: فيما استطعت والنصح لكل مسلم)) . وفي صحيح مسلم، ومسند أحمد، وسنن أبي داود، والنسائي من حديث أبي رقية تميم بن أوس الداري –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة)) قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) . هذه رواية مسلم وأحمد. وفي رواية أبي داود: إن الدين النصيحة: قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله –عز وجل- ولكتابه, ولرسوله, ولأئمة المسلمين وعامتهم)) . وعند النسائي بلفظ ((إنما الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله, ولكتابه, ولرسوله, ولأئمة المسلمين وعامتهم)) . المطلب السادس: ستر العورات والعيوب ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر العورات والعيوب ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر ستر عورات المسلمين لأن سرت العيوب والتجاهل والتغافل عنها سمة أهل الدين. ويكفي تنبيهاً على كمال الرتبة في ستر القبيح وإظهار الجميل قول الله تعالى: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ...} [البقرة: 263]. وفي الصحيحين، وجامع الترمذي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه, ولا يسلمه, ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً، ستره الله يوم القيامة)) . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر. وفي (صحيح مسلم) و(مسند أحمد)، و(سنن أبي داود) و(الترمذي) و(النسائي)، و(ابن ماجه)، و(صحيحي الحاكم وابن حبان) من حديث أبي هريرة مرفوعاً، ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة. ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)) مختصر. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة)) . وفي رواية: ((لا يستر الله على عبد في الدنيا، إلا ستره يوم القيامة)) . وروى الإمام أحمد، والنسائي نحوه من حديث عروة، عن عائشة مرفوعاً – في حديث طويل – ((لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله في الآخرة)) . ومعنى ستره الله في الآخرة: أن يستر معاصيه وعيوبه عن إذاعتها في أهل الموقف – كما تقدم قريباً – من حديث عمر. وفي (مسند أحمد) من حديث مسلمة بن مخلد الأنصاري مرفوعاً: ((من ستر مسلماً في الدنيا ستره الله – عز وجل – في الدنيا الآخرة, ومن نجى مكروباً فك الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)) . ورواه الطبراني ولفظه: ((من علم من أخيه سيئة فسترها ستر الله عليه يوم القيامة)) . وفي (مسند الإمام أحمد) وغيره من حديث عن مسيب عن عمه. قال: بلغ رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة)) . فرحل إليه وهو بمصر فسأله عن الحديث. قال: نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة. فقال: وأنا قد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي (سنن ابن ماجه) وغيرها من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه الله بها في بيته)) . قال أبو زكريا النووي – رحمه الله – في شرح صحيح مسلم – عند قوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة)) ، وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس معروفاً بالأذى والفساد. وأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه، بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر، إن لم يخف من ذلك مفسدة, لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء, والفساد, وانتهاك المحرمات, وجسارة غيره على مثل فعله. وهذا كله في ستر معصية وقعت وانتقضت. أما مسألة معصية يراه عليها وهو متلبس بها فتجب المبادرة بإنكارها عليه, ومنعه منها على من قدر على ذلك, ولا يحل تأخيرها. فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر، إذا لم تترتب على ذلك مفسدة – كما تقدم. ثم قال: وأما الرواة, والشهود, والأمناء على الصدقات, والأوقاف, والأيتام ونحوهم فيجب جرحهم عند الحاجة, ولا يحل الستر عليهم إذا رأى منهم ما يقدح في أهليتهم. وليس هذا من الغيبة المحرمة، بل من النصيحة الواجبة. وهذا مجمع عليه. المطلب السابع: الاغتمام بمعصية المسلم والتأسف لتعرضه لغضب الله ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون مغتماً بمعصية أخيه المسلم وأن يكون آسفاً لتعرضه لعقاب الله ومما يستحب (للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر) أن يكون مغتماً مما ظهر من معصية أخيه المسلم وتعرضه لعقاب الله –تعالى- حتى يشغله الهم عن فرحه بأجر الأمر والنهي بحيث إنه لو خير بين أجره في أمره ونهيه وبين أن أخاه لم يصب ذلك الذنب لاختار أن لا يكون أصاب الذنب، وهو النصح لله في خلقه، وهو أعظم من أجر الآمر في أمره مع إثمه. فإذا اغتم بمعصيته وشره وأحب أن يكون الله –تعالى – عصمه – جمع الله أجره على عظته إياه، وأجره على اغتمامه بمعصيته وأجره على محبته عصمته. المطلب الثامن: الغيرة على المسلمين ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر بل لكل مسلم أن يكون غيوراً على إخوانه المسلمين. قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33]. وفي (الصحيحين)، و(مسند أحمد) و(جامع الترمذي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل يغار وإن المؤمن يغار، وإن من غيرة الله تعالى أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه)) . ولمسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن يغار والله أشد غيراً)) . المطلب التاسع: تواضع الآمر الناهي في أمره ونهيه ومما يستحب للآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يكون متواضعاً في أمره ونهيه من غير افتخار ولا تعاظم، بل من حقوق المسلمين التواضع لهم. وسمي التواضع متواضعاً لأنه وضع شيئا من قدره الذي يستحقه – وذلك ملح العبادة – وغاية شرف الزاهدين، وسيما الناسكين. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54]. (أي متواضعين لهم بذل لين وانقياد، لا بذل هوان فيعاشروا المؤمنين برحمة وعطف وشفقة وإخبات وتواضع). وقوله: {أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ}. هو من عزة القوة والمنعة والغلبة. وقال (عطاء) (للمؤمنين كالوالد لولده. وعلى الكافرين كالسبع على فريسته) كما في الآية الأخرى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}. فالنفس إذا انحرفت عن خلق العزة التي وهبها الله للمؤمنين انحرفت إما إلى كبر وإما إلى ذل والعزة المحمودة بينهما، والله أعلم. وقال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] يعني سكينة ووقاراً متواضعين، غير أشرين ولا مرحين ولا متكبرين لأن الهون –بالفتح- الرفق واللين، وبالضم –الهوان. فالأول صفة أهل الإيمان، والثاني صفة أهل الكفران وجزاؤهم من الله النيران . قال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83]. وفي (صحيح مسلم)، و(سنن أبي داود)، و(ابن ماجه) من حديث عياض بن حمار المجاشعي – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفتخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)) . قال أهل اللغة: (البغي التعدي والاستطالة). قال أبو العباس بن تيمية – في (اقتضاء الصراط المستقيم) – جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين نوعي الاستطالة. لأن المستطيل إن استطال بحق فهو المفتخر. وإن استطال بغير حق فهو الباغي فلا يحل لا هذا ولا هذا . قال أبو حامد: فإن قلت كيف التواضع للفاسق والمبتدع وقد أمرت ببغضهما، والجمع بينهما متناقض ؟ فاعلم أن هذا أمر مشتبه يلتبس على أكثر الخلق، إذ يمتزج غضبك لله في إنكار البدعة والفسق بكبر النفس، والإذلال بالعلم والورع، فكم من عابد جاهل, وعالم مغرور إذا رأى فاسقاً جلس إلى جانبه أزعجه ذلك. وتنزه منه لكبر باطن في نفسه وهو ظان أنه غاضب لله، وذلك لأن الكبر على المطيع ظاهر كونه شراً والحذر منه ممكن، والكبر على الفاسق والمبتدع يشبه الغضب لله وهو خير، فإن الغضبان – أيضاً – يتكبر على من غضب عليه والمتكبر يغضب، وأحدهما يثمر الآخر ويوجبه, وهما ممتزجان ملتبسان لا يميز بينهما إلا الموفقون. والذي يخلصك من هنا أن يكون الحاضر على قلبك عند مشاهدة المبتدع, أو الفاسق, أو عند أمرهما بالمعروف ونهيهما عن المنكر ثلاثة أمور: أحدهما: التفاتك إلى ما سبق من ذنوبك وخطاياك، ليصغر عند ذلك قدرك في عينك. والثاني: أن تكون ملاحظتك لما أنت متميز به من العلم, واعتقاد الحق, والعمل الصالح من حيث إنها نعمة من الله – تعالى – وله المنة لا لك فترى ذلك منه حتى لا تعجب نفسك، وإذا لم تعجب لم تتكبر. والثالث: ملاحظة إيهام عاقبتك وعاقبته أنه ربما يختم لك بالسوء ويختم له بالحسنى حتى يشغلك الخوف عن التكبر عليه. المبحث الرابع: شروط إنكار المنكر المطلب الأول: كونه منكراً المنكر كل أمر نهى عنه الشارع الحكيم سواء أكان هذا الأمر محرما أم مكروهاً وكل ما كان محذوراً في الشرع. وكلمة منكر أعم من قولنا معصية فتطلق على كل فعل فيه مفسدة أو نهت عنه الشريعة. وإن كان لا يعتبر معصية في حق فاعله، إما لصغره، أو جنونه ولهذا إذا زنا المجنون أو هم بفعل الزنا أو شرب الصبي الخمر كان ما فعلاه منكراً يستحق الإنكار وإن لم يعتبر معصية في حقهما لفوات شرط التكليف وهو البلوغ في الأول والعقل في الثاني بل إن الفعل الذي يخالف ما تعارف عليه المسلمون ولم يكن فيه نص صريح من حيث الكراهة والقبح يكون فيه الاحتساب؛ لأن عرف المسلمين يتفق –في الغالب- مع قواعد الشريعة فلو أن إنساناً جاء إلى المسجد للصلاة وقد لبس إزاراً من السرة إلى الركبة ووضع على عاتقه شيئاً يسيراً فقط فإن هذا ينكر عليه فعله ولو لم يكن محرماً؛ لأن فعله مخالف لعرف المسلمين؛ ولأن الطباع السليمة المسلمة تنفر من ذلك؛ ولأنه بفعله عرض نفسه لحديث الناس والوقوع في عرضه. وكذلك الحال لمن لبس من الرجال الثياب الضيقة أو الخفيفة التي تحدد العورة وتصف البشرة، أو إطالة الشعر لا لقصد السنة وإنما اقتداء بالغرب والمنحرفين فإن مثل ذلك يعتبر منكراً، لأن فيه نوعاً من التشبه بالفساق وأعداء الله. ويندرج في المنكر جميع المنكرات سواء أكانت من صغائر الذنوب أم من كبائرها، وسواء أكانت تتعلق بحق الله تعالى أم بحق الآدميين. ولكن يجب أن نعرف بأن الذي يملك الحكم عليه بأنه منكر أو غير منكر (الشرع). لأن هذا الوصف حكم شرعي. والحاكم حقيقة هو الله سبحانه {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} [يوسف: 67] فليس هناك مجال للعواطف والأهواء والأغراض. ودور العلماء في ذلك هو استنباط الحكم الشرعي من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والقواعد المستوحاة منهما. ومن ثم الحكم على هذا الأمر بأنه منكر أو غير منكر . المطلب الثاني: أن يكون موجوداً في الحال وهذا الشرط له ثلاث أحوال: الحالة الأولى: أن يكون قد هم بفعل المنكر. الحالة الثانية: أن يكون متلبساً بالمنكر. الحالة الثالثة: أن يكون قد انتهى من فعل المنكر. تفصيل هذه الأحوال: الحالة الأولى: أن يكون قد هم بفعل المنكر: وذلك بأن توجد مقدمات وعلامات ومؤشرات تدل على وقوع المنكر مثل: أن يرى رجلاً يتردد مراراً في أسواق النساء ويصوب النظر إلى واحدة بعينها أو رأى شاباً يقف كل يوم عند باب مدرسة بنات ويصوب النظر إليهن. وليس له من حاجة غير ذلك. أو سمع رجلاً يتحدث بالهاتف –هاتف الشارع- بصوت مرتفع مع امرأة ويحاول أن يرتبط معها بموعد، أو رأى رجلاً يسأل بكثرة عن كيفية تصنيع الخمر، وطريقة تركيبه كل هذه الأمور تعتبر من المقدمات لفعل المنكر. فعلى الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر في هذه الحالات الوعظ، والنصح، والإرشاد، والتخويف بالله سبحانه وتعالى، وبعقوبته والخوف من عذابه وبطشه. ويذكر له بعض النصوص القرآنية التي تبين أن الله سبحانه وتعالى مطلع عليه يسمع كلامه ويرى مكانه. مثل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7]. ومثل قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19]. وليكن ذلك بأسلوب فيه لين وعطف وإشفاق وليس فيه تجريح أو رفع صوت أو تشهير فهذه الأمور ربما دفعته إلى حالة تأخذه فيها العزة بالإثم. وليس هناك أحسن من هذا الأسلوب في هذه الحالة. والعلم عند الله. الحالة الثانية: أن يكون متلبساً بالمنكر: ومعنى ذلك أن تكون المعصية وصاحبها مباشر لها وقت النهي والتغيير. كمن هو جالس وأمامه كأس الخمر يشرب منه أو كمن هو أدخل امرأة أجنبية إلى داره وأغلق الباب عليهما ونحو ذلك. ففي هذه الحال يجب على الآمر بالمعروف والناهي المنكر الإنكار عليه ومنعه من ذلك طالما أنه قادر على إزالة المنكر ولم يخف على نفسه ضرراً أو أذى. يقول القاضي عياض –رحمه الله- حق المغير أن يغيره بكل وجه أمكنه زواله به قولاً كان أو فعلاً، فيكسر آلات الباطل ويريق المسكر بنفسه وينزع المغصوب ويرده إلى أصحابه . والإنكار عليه يكون بحسب فعل المنكر ومرتبة حكمه في الشرع. الحالة الثالثة: أن يكون فاعل المنكر قد فعله وانتهى منه ولم يبق إلا آثاره، كمن شرب الخمر وبقيت آثاره عليه أو من عرف أنه ساكن أعزب وخرجت من عنده امرأة أجنبية ونحو ذلك. ففي هذه الحال ليس هناك وقت للنهي أو التغيير وإنما هناك محل للعقاب والجزاء على فعل هذه المعصية، وهذا الأمر –في الغالب- ليس من شأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر –المتطوع- وإنما هو شأن ولي الأمر أو نائبه فيرفع أمره للحاكم ليصدر فيه الحكم الموافق للشرع. يقول العلامة ابن نجيم... وأما بعد الفراغ منها –المعصية- فليس ذلك لغير الحاكم . وللآمر بالمعروف أن يخوفه بالله ويحذره من الوقوع في مثل ذلك مستقبلاً، ويذكره بآثار المعاصي السيئة في الدنيا والآخرة. [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن العقيـــده الاســـلاميه
الموسوعة العقدية