الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن العقيـــده الاســـلاميه
الموسوعة العقدية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 35423" data-attributes="member: 329"><p>المطلب الثالث: أن يكون المنكر ظاهراً من غير تجسس</p><p>لقد شمل الإسلام جميع جوانب الحياة للمسلم وأعطى كل جانب منها حقه وضمن للإنسان أن يعيش في المجتمع آمناً مطمئناً محترماً وموقراً طالما أنه سالك الطريق المستقيم، وأما إذا حاد عن الطريق فإن الإسلام جعل لكل أمر معوج ما يناسبه من التقويم.</p><p>ومن الأمور التي شرعها الإسلام لاحترام الإنسان وأمنه النهي عن التجسس عليه.</p><p>فلا يجوز لأحد أن يدخل عليه بيته إلا بإذنه يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور: 27] حتى تسلموا وتستأذنوا وذلك أن يقول أحدهم السلام عليكم أأدخل؟ وهو من المقدم الذي معناه التأخير إنما هو حتى تسلموا وتستأذنوا .</p><p>ففي الآية نص من الله تعالى بتحريم الدخول إلى البيوت بغير إذن، بل إن الإسلام حرم أقل من ذلك وهو النظر إلى داخل البيت من أحد ثقوبه أو فتحاته. فأسقط الشارع الحكم حد القصاص والدية عمن فعل ذلك.</p><p>حيث ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ((لو أن امرأً اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح)) .</p><p>وما رخصت عين الجاني إلا لعظمة حرمة المسلم داخل بيته.</p><p>وإذا كان الإسلام حرم الدخول إلى البيت والنظر إلى داخله بغير إذن.</p><p>فإن الإسلام أيضاً حرم التجسس. يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} [الحجرات: 12] الآية.</p><p>قال مجاهد –رحمه الله- خذوا ما ظهر لكم ودعوا ما ستر الله .</p><p>وقال القرطبي –رحمه الله-: ومعنى الآية خذوا ما ظهر ولا تتبعوا عورات المسلمين أي لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه حتى يطلع عليه بعد أن ستره الله .</p><p>وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً)) .</p><p>وفي رواية عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخوانا)) .</p><p>ومعنى التحسس والتجسس قال بعض العلماء: الحسس بالحاء الاستماع لحديث القوم وبالجيم: البحث عن العورات، وقيل بالجيم التفتيش عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال في الشر. والجاسوس صاحب سر الشر، والناموس صاحب سر الخير، وقيل بالجيم أن تطلبه لغيرك وبالحاء أن تطلبه لنفسك قاله ثعلب. وقيل هما بمعنى وهو طلب معرفة الأخبار الغائبة والأحوال .</p><p>وعلى كل فإنه إن كان وقع اختلاف في معنى التحسس والتجسس فإن العلماء متفقون على تحريم التجسس بنص الآية الكريمة {ولا تجسسوا} وبنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ولا تجسسوا)) وقد سبقت الإشارة إلى موضعها.</p><p>وعن معاوية -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنك اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم)) .</p><p>فهذا نص صريح من الرسول صلى الله عليه وسلم بأن التجسس وتتبع عورات المسلمين من وسائل إفساد المجتمع وقد ورد في ذلك بعض الآثار التي تبين وقوف الصحابة رضي الله عنهم عند هذا الحد، فلم يقدموا عليه بل إذا ما وقع من أحدهم ذلك لاجتهاد ظنه أنكر عليه ذلك.</p><p>من ذلك ما ورد عن عبد الرحمن بن عوف قال: حرست ليلة مع عمر بن الخطاب بالمدينة إذ تبين لنا سراج في بيت بابه مجافى على قوم لهم أصوات مرتفعة ولغط. فقال عمر: هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب فما ترى، قلت: أرى أنا قد أتينا ما نهى الله عنه {ولا تجسسوا} وقد تجسسنا، فانصرف عمر وتركهم .</p><p>وقال أبو قلابة:</p><p>حدث عمر أن أبا محجن الثقفي يشرب الخمر مع أصحاب له في بيته فانطلق عمر حتى دخل عليه فإذا ليس عنده إلا رجل فقال أبو محجن: إن هذا لا يحل لك. قد نهاك الله عن التجسس فخرج عمر وتركه .</p><p>فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر منهي عن التجسس إلا في حالات نادرة سنتحدث عنها في الفقرة التي تلي هذه، لأن من يفعل ذلك ينتهك عدة حقوق أساسية ثابتة شرعاً لمن تجسس عليه، منها: حقه في حرمته في مسكنه، وحقه في حرية شخصه باطلاعه على سره، هذا من جهة ومن جهة أخرى يكون المتجسس قد استباح وسيلة محرمة للوصول إلى غاية. وسواء أكانت هذه الغاية محرمة أم مباحة، فإن ذلك محظور؛ لأنها إن كانت محرمة فالوسيلة إليها محرمة، وأما إذا كانت الغاية مشروعة فلا يصح أن يسعى إليها بوسيلة محرمة؛ لأن الغاية تأخذ حكم الوسيلة .</p><p>وجوب التستر:</p><p>إن المسلم مأمور بأن يتستر ولا يظهر معصيته أياً كانت هذه المعصية سواء أكانت مرئية كأن يخرج عند بابه ويضع الفيديو إلى جواره وفيه أفلام خليعة، أو المسموعة كأن يضع بآلة التسجيل شريطاً به غناء غرامي وموسيقى خليعة ماجنة ونحو ذلك، أو المشمومة كأن يظهر رائحة الخمر والمسكر بحيث يشمها من هو خارج المنزل أو قريباً منه ويتكلم معه؛ لأنه إذا فعل ذلك يكون قد أضاع الحق الذي أعطاه الإسلام له، ويكون بذلك عرض نفسه للإهانة والردع.</p><p>ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين. وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويكشف ستر الله عنه)) .</p><p>ومعنى (المجاهرين) المعلنون لفسقهم ومعاصيهم. قال القسطلاني: والمجاهرون بكسر الهاء المعلنون بالفسق؛ لاستخفافهم بحق الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد .</p><p>وقال ابن بطال:</p><p>في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم. وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف، لأن المعاصي تذل فاعلها من إقامة الحد عليه إن كان فيها حد، ومن التعزير إن لم توجب حداً، وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة.</p><p>والذي يجاهر يفوته جميع ذلك. وفي المجاهرة بالمعصية تحريك لرغبة الشر فيمن سمعه أو شهده .</p><p>قلت:</p><p>ومصداق كلام ابن بطال ما ورد عن صفوان بن محرز أن رجلاً سأل ابن عمر كيف رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ قال: ((يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول: عملت كذا وكذا. فيقول: نعم. فيقول: عملت كذا وكذا. فيقول: نعم. فيقرره ثم يقول إني سترت عليك في الدنيا فأنا أغفرها لك اليوم)) .</p><p>فالإسلام لا يقر المجاهرة بالمعصية أياً كانت صغيرة أم كبيرة. لما لها من الآثار السيئة الكبيرة ليس على فاعلها فقط وإنما على المجتمع. إذ في المجاهرة بالمعصية تشجيع الناس عليها، وإبعاد الحياء عنهم بفعلها وتسهيل ارتكابهم لها، فكأن المجاهر رسم طريقاً لمن أراد أن يفعل كفعله.</p><p>موقف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إذا ظهرت علامات المنكر:</p><p>عرفنا حكم الإسلام في التجسس وعرفنا أيضاً أنه لا يجوز للمسلم أن يجاهر بالمعصية.</p><p>ولكن ما هو موقف الناهي عن المنكر. إذا ظهرت أمارات المنكر وهو داخل البيت. كأن تفوح رائحة الخمر، أو تسمع آلات الموسيقى والطرب أو تسمع أصوات المغنيات والمطربات ونحو ذلك؟</p><p>فذهب بعض العلماء إلى أنه لا يجب الإنكار في هذه الحال.</p><p>قال في غذاء الألباب: وأما تسور الجدران على من علم اجتماعهم على منكر فقد أنكره الأئمة مثل: سفيان الثوري وغيره وهو داخل في التجسس المنهي عنه .</p><p>وأما الماوردي فيقسم المنكر في هذه الحال إلى قسمين:</p><p>الحالة الأولى: أن يكون ذلك في انتهاك حرمة يفوت استدراكها ففي هذه الحال يجوز للناهي أن يتجسس.</p><p>الحالة الثانية: ما خرج عن هذا الحد وقصر عن هذه الرتبة فلا يجوز التجسس عليه وكشف الأستار عنه .</p><p>وقد استدل القائلون بعدم التجسس على أولئك بالأمر الوارد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- (أنه أتي إليه برجل فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمراً. فقال: إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يُظهر لنا شيء نأخذ به) وأيضاً عموم الآيات والأحاديث الواردة عن النهي عن ذلك وذهب بعض العلماء إلى أنه في هذه الحالة يجوز التجسس عليهم واقتحام البيت إذا تحققت تلك الأمارات.</p><p>قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن مثنى الأنباري حدثهم. قال: سمع أحمد بن حنبل حس طبل في جواره فقام إليهم ونهاهم.</p><p>وقال أيضاً: أخبرني محمد بن علي الوراق أن محمداً بن أبي حرب حدثهم قال: سألت أبا عبد الله عن الرجل يسمع المنكر في دار بعض جيرانه قال: يأمره. قلت: فإن لم يقبل؟ قال يجمع عليه الجيران ويهول عليه.</p><p>وقال أيضاً: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم قال: سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل يمر بالقوم يغنون. قال: هذا قد ظهر عليه أن ينهاهم .</p><p>وقال الغزالي: إلا أن يظهر –المنكر- ظهوراً يعرفه من هو خارج الدار كأصوات المزامير والأوتار إذا ارتفعت بحيث جاوز ذلك حيطان الدار فمن سمع ذلك فله دخول الدار وكسر الملاهي، وكذا إذا ارتفعت أصوات السكارى بالكلمات بالمألوفة بينهم بحيث يسمعها أهل الشوارع فهذا إظهار موجب للحسبة .</p><p>وقال ابن الجوزي: من تستر بالمعصية في داره وأغلق بابه لم يجز أن يتجسس عليه، إلا أن يظهر ما يعرفه كأصوات المزامير والعيدان فلمن سمع ذلك أن يدخل ويكسر الملاهي، وإن فاحت رائحة الخمر فالأظهر جواز الإنكار .</p><p>والقول الثاني أرجح وهو جواز التجسس ووجوب الإنكار على من جاهر بالمعصية؛ لأن النصوص الواردة في النهي عن التجسس خاصة بمن لم يجاهر بمعصيته، وأما من جاهر بمعصيته فإنه لا يشمله هذا التكريم؛ لأن فعل المجاهر ينتج عنه أمور تخالف قواعد الشرع ونوضح المسألة بما يأتي:</p><p>أولاً: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتستر وقال: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين)) فبفعله خالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وخرج من العافية.</p><p>ثانياً: إنه بفعله هذا يكون قد نزع الحياء الذي شرعه الإسلام للمسلمين ((الحياء لا يأتي إلا بخير)) ((إذا لم تستح فاصنع ما شئت)) .</p><p>ثالثاً: إن هذا المجاهر قد ينتج عن فعله هذا ترويج الفاحشة وفعل المنكرات في المجتمع المسلم، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، بل المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة.</p><p>رابعاً: وأما استدلالهم بخبر ابن مسعود -رضي الله عنه- (وأنه أتي برجل تقطر لحيته خمراً فقال: إنا قد نهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به) .</p><p>فهذا الخبر مردود عليهم من وجهين:</p><p>الوجه الأول: إن هذا الخبر يخالف صريح وصحيح قول الرسول صلى الله عليه وسلم حيث حدث مثل هذه الصورة وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإقامة الحد عليه.</p><p>فقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب الخمر قال: (اضربوه) قال أبو هريرة: فمنا الضارب بنعله والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاه الله. قال: ((لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان)) .</p><p>فإذا كان هذا في حق من قد شرب الخمر فما هو شأن من تقطر لحيته خمراً؟</p><p>الوجه الثاني: إن هذا الخبر لا ينفي أن ابن مسعود -رضي الله عنه- أقام الحد عليه أو أمر بإقامته.</p><p>فكان ابن مسعود يقول إننا لم نبحث عنه ولم نؤمر بالبحث عنه فلما أن ظهر لنا فعله فسوف نأخذ به. حيث قال ابن مسعود (ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به) وما أشد ظهور المنكر في هذه الصورة.</p><p>فمن هنا نقول في مشروعية الاحتساب على من جاهر بالمعصية. والله أعلم. </p><p>المطلب الرابع: ألا يكون المنكر من المسائل المختلف فيها</p><p>يجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ألا ينكر على الناس في المسائل المختلف فيها كأن تكون هذه المسألة جائزة عند بعض الأئمة وممنوعة عند بعضهم والفاعل لها مقلداً لإمامه المجيز لهذه المسألة مثلاً:</p><p>يقول الغزالي:</p><p>فكل ما هو محل اجتهاد فلا حسبة فيه فليس للحنفي أن ينكر على الشافعي أكله الضب والضبع ومتروك التسمية، ولا للشافعي أن ينكر على الحنفي شربه النبيذ الذي ليس بمسكر وجلوسه في دار أخذها بشفعة الجوار إلى غير ذلك من مجاري الاجتهاد. نعم لو رأى الشافعي شافعياً يشرب النبيذ فهذا في محل نظر والأظهر أن له الحسبة والإنكار إذ لم يذهب أحد من المحصلين إلى أن المجتهد يجوز أن يعمل بموجب اجتهاد غيره ولا أن الذي أدى اجتهاده في التقليد إلى شخص رآه أفضل العلماء أن له أن يأخذ بمذهب غيره فينتقي من المذاهب أحبها عنده بل على كل مقلد اتباع مقلده في كل تفصيل .</p><p>وقال أبو الحسن الماوردي: واختلف الفقهاء من أصحاب الشافعي هل يجوز له –المحتسب- أن يحمل الناس فيما ينكره من الأمور التي اختلف الفقهاء فيها على رأيه واجتهاده أم لا؟ على وجهين: أحدهما وهو قول أبي سعيد الاصطخري أن له أن يحمل ذلك على رأيه واجتهاده، فعلى هذا يجب على المحتسب أن يكون عالماً من أهل الاجتهاد في أحكام الدين ليجتهد رأيه فيما اختلف فيه.</p><p>والوجه الثاني: ليس له أن يحمل الناس على رأيه واجتهاده، ولا يقودهم إلى مذهبه لتسويغ الاجتهاد للكافة، وفيما اختلف فيه، فعلى هذا يجوز أن يكون المحتسب من غير أهل الاجتهاد إذا كان عارفاً بالمنكرات المتفق عليها .</p><p>وقال عبد الكريم زيدان: الواقع أن الخلاف إما أن يكون سائغاً وإما أن يكون غير سائغ ولكل حكمه:</p><p>1- الخلاف السائغ يمنع من الاحتساب على رأي بعض الفقهاء وقال آخرون: يجوز للمحتسب أن ينكر على فاعل المنكر المختلف فيه بشرط أن يكون المحتسب مجتهداً.</p><p>2- الخلاف غير السائغ وهو الخلاف الشاذ أو الباطل الذي لا يعتد به لعدم قيامه على أي دليل مقبول كالذي يخالف صريح القرآن والسنة الصحيحة المتواترة المشهورة أو إجماع الأمة أو ما علم من الدين بالضرورة فمثل هذا الخلاف لا قيمة له ولا يمنع المحتسب من الإنكار والاحتساب .</p><p>ولعل الأرجح –والله أعلم- أنه ليس للمحتسب أن يحمل الناس على مذهبه إلا أن يكون مجتهداً وإذا كان مجتهداً فله ذلك. ولكن الأحرى أن لا ينتسب المجتهد إلى مذهب معين بل إنه يعمل بما ترجح لديه من الدليل. وإن كان يعمل بمعظم وبكثير من مسائل أحد المذاهب فعمله هذا على حسب ظهور الدليل له في هذه المسائل مثلاً.</p><p>وأيضاً لا يشترط أن يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من أهل الاجتهاد. لأننا لو شرطنا ذلك لتعطل الأمر والنهي ولعمت المنكرات لافتقار المجتهدين.</p><p>والنصوص الشرعية خاطبت الأمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم تخاطب المجتهدين منهم فقط يقول تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران: 110].</p><p>ويقول صلى الله عليه وسلم ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) .</p><p>ولم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أحداً عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعدم اجتهاده ولا عن الصحابة أنهم نهى بعضهم بعضاً عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعدم اجتهاده.</p><p>فتخصيص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمجتهد يحتاج إلى مخصص.</p><p>فتبين من ذلك أن للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يمارس ذلك ولو لم يكن من أهل الاجتهاد. والله أعلم.</p><p>وقال الإمام أحمد في رواية المروذي: (لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه ولا يشدد عليهم) وله رواية أخرى خلاف ذلك.</p><p>قال في رواية الميموني في الرجل يمر بالقوم يلعبون بالشطرنج ينهاهم ويعظهم. وقال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل مر بقوم يلعبون بالشطرنج فنهاهم فلم ينتهوا فرمى به فقال: قد أحسن .</p><p>فالإمام أحمد أقره على فعله بل أيده عليه مع الخلاف المذكور في الشطرنج.</p><p>ولأحمد رواية ثالثة: لا ينكر على المجتهد بل على المقلد، روى إسحاق ابن إبراهيم عن الإمام أحمد أنه سئل عن الصلاة في جلود الثعالب، قال: إذا كان متأولاً أرجو أن لا يكون به بأس، وإن كان جاهلاً ينهى ويقال له: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك .</p><p>وقال الخلال: أخبرنا عصمة بن عصام حدثنا حنبل قال: قلت لأبي عبد الله: ترى الرجل إذا رأى الرجل لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا يقيم أمر صلاته ترى أن تأمره بالإعادة؟ قال: يحسن صلاته أو نمسك عنه. ثم قال: إن كان يظن أنه يقبل منه أمره، وقال له ووعظه حتى يحسن الصلاة فإن الصلاة من تمام الدين .</p><p>وقال أيضاً: أخبرني الحسن بن عبد الوهاب، أن إسماعيل بن يوسف حدثهم. قال: حدثنا يعقوب حدثنا عبد الرحمن حدثنا محمد بن النضر قال: سأل رجل الأوزاعي قال: من آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر؟ قال: من ترى أنه يقبل منك .</p><p>وفي الغالب من على خلاف مذهبك لا يقبل منك.</p><p>وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والصواب ما عليه جماهير المسلمين أن كل مسكر خمر يجلد شاربه ولو شرب قطرة واحدة لتداو أو غير تداو.</p><p>وقال في كتاب بطلان التحليل: قولهم ومسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل.</p><p>أما الأول فإن كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً.</p><p>وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد، وهم عامة السلف والفقهاء، وأما العمل إذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضاً بحسب درجات الإنكار. كما ذكرنا من حديث شارب النبيذ المختلف فيه وكما ينقض حكم الحاكم إذا خالف سنة وإن كان قد اتبع بعض العلماء.</p><p>وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا اجتماع والاجتهاد فيها مساغ فلا ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً.</p><p>وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد. كما اعتقد ذلك طوائف من الناس والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ إذا عدم ذلك الاجتهاد لتعارض الأدلة المقاربة أو لخفاء الأدلة فيها وليس في ذكر كون المسألة قطعية طعن على من خالفها من المجتهدين كسائر المسائل التي اختلف فيها السلف وقد تيقنا صحة أحد القولين فيها مثل كون الحامل المتوفى عنها زوجها تعتد بوضع الحمل. وأن الجماع المجرد عن إنزال يوجب الغسل.</p><p>وقال أيضاً: من أصر على ترك الجماعة ينكر عليه ويقاتل عليه أيضاً في أحد الوجهين عن استحبابها، وأما من أوجبها فإنه عنده يقاتل ويفسق إذا قام الدليل عنده المبيح للمقاتلة والتفسيق كالبغاة بعد زوال الشبهة... .</p><p>وقال النووي –رحمه الله-: إن المختلف فيه لا إنكار فيه لكن إن ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف فهو حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق . </p><p>الفصل الثالث: درجات النهي عن المنكر</p><p>المبحث الأول: القدرة والاستطاعة وضابطها</p><p>المطلب الأول: القدرة والاستطاعة</p><p>إن من فضل الله تعالى على خلقه أن جعل دين الإسلام دين الواقعية، فهو لا يطالب المسلمين بأمور فوق طاقتهم لا يستطيعون فعلها أياً كان هذا المأمور به، فإما أن يسقط كلية أو يخفف إلى درجة تتناسب مع قدرات هذا الشخص.</p><p>ولقد جاءت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة موضحة ذلك أوضح بيان. يقول تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286].</p><p>ويقول تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].</p><p>ويقول تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].</p><p>ويقول صلى الله عليه وسلم ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) .</p><p>فهذه النصوص الشرعية تبين بوضوح أن الإنسان لا يكلف فوق طاقته في أي أمر من أمور الشرع، وما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا جزء من أوامر الشرع.</p><p>ومدار هذا البحث على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يقول فيه:</p><p>((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) .</p><p>فهذا نص صريح من المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن المغير للمنكر لا يلزمه إزالته بطريقة واحدة، بل عليه أن يغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أقل الأحوال.</p><p>يقول الجصاص حول قوله صلى الله عليه وسلم ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) الحديث: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن إنكار المنكر على هذه الوجوه الثلاثة على حسب الإمكان، ودل على أنه إن لم يستطع تغييره بيده فعليه تغييره بلسانه، ثم إن لم يكن ذلك فليس عليه أكثر من إنكاره بقلبه .</p><p>وقال النووي –رحمه الله-: وأما صفة النهي ومراتبه فقد قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح: ((فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه)) فقوله صلى الله عليه وسلم فبقلبه معناه فليكرهه بقلبه وليس ذلك بإزالة وتغيير منه للمنكر ولكنه هو الذي وسعه.</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 35423, member: 329"] المطلب الثالث: أن يكون المنكر ظاهراً من غير تجسس لقد شمل الإسلام جميع جوانب الحياة للمسلم وأعطى كل جانب منها حقه وضمن للإنسان أن يعيش في المجتمع آمناً مطمئناً محترماً وموقراً طالما أنه سالك الطريق المستقيم، وأما إذا حاد عن الطريق فإن الإسلام جعل لكل أمر معوج ما يناسبه من التقويم. ومن الأمور التي شرعها الإسلام لاحترام الإنسان وأمنه النهي عن التجسس عليه. فلا يجوز لأحد أن يدخل عليه بيته إلا بإذنه يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور: 27] حتى تسلموا وتستأذنوا وذلك أن يقول أحدهم السلام عليكم أأدخل؟ وهو من المقدم الذي معناه التأخير إنما هو حتى تسلموا وتستأذنوا . ففي الآية نص من الله تعالى بتحريم الدخول إلى البيوت بغير إذن، بل إن الإسلام حرم أقل من ذلك وهو النظر إلى داخل البيت من أحد ثقوبه أو فتحاته. فأسقط الشارع الحكم حد القصاص والدية عمن فعل ذلك. حيث ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ((لو أن امرأً اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح)) . وما رخصت عين الجاني إلا لعظمة حرمة المسلم داخل بيته. وإذا كان الإسلام حرم الدخول إلى البيت والنظر إلى داخله بغير إذن. فإن الإسلام أيضاً حرم التجسس. يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} [الحجرات: 12] الآية. قال مجاهد –رحمه الله- خذوا ما ظهر لكم ودعوا ما ستر الله . وقال القرطبي –رحمه الله-: ومعنى الآية خذوا ما ظهر ولا تتبعوا عورات المسلمين أي لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه حتى يطلع عليه بعد أن ستره الله . وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً)) . وفي رواية عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخوانا)) . ومعنى التحسس والتجسس قال بعض العلماء: الحسس بالحاء الاستماع لحديث القوم وبالجيم: البحث عن العورات، وقيل بالجيم التفتيش عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال في الشر. والجاسوس صاحب سر الشر، والناموس صاحب سر الخير، وقيل بالجيم أن تطلبه لغيرك وبالحاء أن تطلبه لنفسك قاله ثعلب. وقيل هما بمعنى وهو طلب معرفة الأخبار الغائبة والأحوال . وعلى كل فإنه إن كان وقع اختلاف في معنى التحسس والتجسس فإن العلماء متفقون على تحريم التجسس بنص الآية الكريمة {ولا تجسسوا} وبنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ولا تجسسوا)) وقد سبقت الإشارة إلى موضعها. وعن معاوية -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنك اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم)) . فهذا نص صريح من الرسول صلى الله عليه وسلم بأن التجسس وتتبع عورات المسلمين من وسائل إفساد المجتمع وقد ورد في ذلك بعض الآثار التي تبين وقوف الصحابة رضي الله عنهم عند هذا الحد، فلم يقدموا عليه بل إذا ما وقع من أحدهم ذلك لاجتهاد ظنه أنكر عليه ذلك. من ذلك ما ورد عن عبد الرحمن بن عوف قال: حرست ليلة مع عمر بن الخطاب بالمدينة إذ تبين لنا سراج في بيت بابه مجافى على قوم لهم أصوات مرتفعة ولغط. فقال عمر: هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب فما ترى، قلت: أرى أنا قد أتينا ما نهى الله عنه {ولا تجسسوا} وقد تجسسنا، فانصرف عمر وتركهم . وقال أبو قلابة: حدث عمر أن أبا محجن الثقفي يشرب الخمر مع أصحاب له في بيته فانطلق عمر حتى دخل عليه فإذا ليس عنده إلا رجل فقال أبو محجن: إن هذا لا يحل لك. قد نهاك الله عن التجسس فخرج عمر وتركه . فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر منهي عن التجسس إلا في حالات نادرة سنتحدث عنها في الفقرة التي تلي هذه، لأن من يفعل ذلك ينتهك عدة حقوق أساسية ثابتة شرعاً لمن تجسس عليه، منها: حقه في حرمته في مسكنه، وحقه في حرية شخصه باطلاعه على سره، هذا من جهة ومن جهة أخرى يكون المتجسس قد استباح وسيلة محرمة للوصول إلى غاية. وسواء أكانت هذه الغاية محرمة أم مباحة، فإن ذلك محظور؛ لأنها إن كانت محرمة فالوسيلة إليها محرمة، وأما إذا كانت الغاية مشروعة فلا يصح أن يسعى إليها بوسيلة محرمة؛ لأن الغاية تأخذ حكم الوسيلة . وجوب التستر: إن المسلم مأمور بأن يتستر ولا يظهر معصيته أياً كانت هذه المعصية سواء أكانت مرئية كأن يخرج عند بابه ويضع الفيديو إلى جواره وفيه أفلام خليعة، أو المسموعة كأن يضع بآلة التسجيل شريطاً به غناء غرامي وموسيقى خليعة ماجنة ونحو ذلك، أو المشمومة كأن يظهر رائحة الخمر والمسكر بحيث يشمها من هو خارج المنزل أو قريباً منه ويتكلم معه؛ لأنه إذا فعل ذلك يكون قد أضاع الحق الذي أعطاه الإسلام له، ويكون بذلك عرض نفسه للإهانة والردع. ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين. وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويكشف ستر الله عنه)) . ومعنى (المجاهرين) المعلنون لفسقهم ومعاصيهم. قال القسطلاني: والمجاهرون بكسر الهاء المعلنون بالفسق؛ لاستخفافهم بحق الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد . وقال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم. وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف، لأن المعاصي تذل فاعلها من إقامة الحد عليه إن كان فيها حد، ومن التعزير إن لم توجب حداً، وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة. والذي يجاهر يفوته جميع ذلك. وفي المجاهرة بالمعصية تحريك لرغبة الشر فيمن سمعه أو شهده . قلت: ومصداق كلام ابن بطال ما ورد عن صفوان بن محرز أن رجلاً سأل ابن عمر كيف رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ قال: ((يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول: عملت كذا وكذا. فيقول: نعم. فيقول: عملت كذا وكذا. فيقول: نعم. فيقرره ثم يقول إني سترت عليك في الدنيا فأنا أغفرها لك اليوم)) . فالإسلام لا يقر المجاهرة بالمعصية أياً كانت صغيرة أم كبيرة. لما لها من الآثار السيئة الكبيرة ليس على فاعلها فقط وإنما على المجتمع. إذ في المجاهرة بالمعصية تشجيع الناس عليها، وإبعاد الحياء عنهم بفعلها وتسهيل ارتكابهم لها، فكأن المجاهر رسم طريقاً لمن أراد أن يفعل كفعله. موقف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إذا ظهرت علامات المنكر: عرفنا حكم الإسلام في التجسس وعرفنا أيضاً أنه لا يجوز للمسلم أن يجاهر بالمعصية. ولكن ما هو موقف الناهي عن المنكر. إذا ظهرت أمارات المنكر وهو داخل البيت. كأن تفوح رائحة الخمر، أو تسمع آلات الموسيقى والطرب أو تسمع أصوات المغنيات والمطربات ونحو ذلك؟ فذهب بعض العلماء إلى أنه لا يجب الإنكار في هذه الحال. قال في غذاء الألباب: وأما تسور الجدران على من علم اجتماعهم على منكر فقد أنكره الأئمة مثل: سفيان الثوري وغيره وهو داخل في التجسس المنهي عنه . وأما الماوردي فيقسم المنكر في هذه الحال إلى قسمين: الحالة الأولى: أن يكون ذلك في انتهاك حرمة يفوت استدراكها ففي هذه الحال يجوز للناهي أن يتجسس. الحالة الثانية: ما خرج عن هذا الحد وقصر عن هذه الرتبة فلا يجوز التجسس عليه وكشف الأستار عنه . وقد استدل القائلون بعدم التجسس على أولئك بالأمر الوارد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- (أنه أتي إليه برجل فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمراً. فقال: إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يُظهر لنا شيء نأخذ به) وأيضاً عموم الآيات والأحاديث الواردة عن النهي عن ذلك وذهب بعض العلماء إلى أنه في هذه الحالة يجوز التجسس عليهم واقتحام البيت إذا تحققت تلك الأمارات. قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن مثنى الأنباري حدثهم. قال: سمع أحمد بن حنبل حس طبل في جواره فقام إليهم ونهاهم. وقال أيضاً: أخبرني محمد بن علي الوراق أن محمداً بن أبي حرب حدثهم قال: سألت أبا عبد الله عن الرجل يسمع المنكر في دار بعض جيرانه قال: يأمره. قلت: فإن لم يقبل؟ قال يجمع عليه الجيران ويهول عليه. وقال أيضاً: أخبرني منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم قال: سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل يمر بالقوم يغنون. قال: هذا قد ظهر عليه أن ينهاهم . وقال الغزالي: إلا أن يظهر –المنكر- ظهوراً يعرفه من هو خارج الدار كأصوات المزامير والأوتار إذا ارتفعت بحيث جاوز ذلك حيطان الدار فمن سمع ذلك فله دخول الدار وكسر الملاهي، وكذا إذا ارتفعت أصوات السكارى بالكلمات بالمألوفة بينهم بحيث يسمعها أهل الشوارع فهذا إظهار موجب للحسبة . وقال ابن الجوزي: من تستر بالمعصية في داره وأغلق بابه لم يجز أن يتجسس عليه، إلا أن يظهر ما يعرفه كأصوات المزامير والعيدان فلمن سمع ذلك أن يدخل ويكسر الملاهي، وإن فاحت رائحة الخمر فالأظهر جواز الإنكار . والقول الثاني أرجح وهو جواز التجسس ووجوب الإنكار على من جاهر بالمعصية؛ لأن النصوص الواردة في النهي عن التجسس خاصة بمن لم يجاهر بمعصيته، وأما من جاهر بمعصيته فإنه لا يشمله هذا التكريم؛ لأن فعل المجاهر ينتج عنه أمور تخالف قواعد الشرع ونوضح المسألة بما يأتي: أولاً: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتستر وقال: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين)) فبفعله خالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وخرج من العافية. ثانياً: إنه بفعله هذا يكون قد نزع الحياء الذي شرعه الإسلام للمسلمين ((الحياء لا يأتي إلا بخير)) ((إذا لم تستح فاصنع ما شئت)) . ثالثاً: إن هذا المجاهر قد ينتج عن فعله هذا ترويج الفاحشة وفعل المنكرات في المجتمع المسلم، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، بل المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة. رابعاً: وأما استدلالهم بخبر ابن مسعود -رضي الله عنه- (وأنه أتي برجل تقطر لحيته خمراً فقال: إنا قد نهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به) . فهذا الخبر مردود عليهم من وجهين: الوجه الأول: إن هذا الخبر يخالف صريح وصحيح قول الرسول صلى الله عليه وسلم حيث حدث مثل هذه الصورة وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإقامة الحد عليه. فقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب الخمر قال: (اضربوه) قال أبو هريرة: فمنا الضارب بنعله والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاه الله. قال: ((لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان)) . فإذا كان هذا في حق من قد شرب الخمر فما هو شأن من تقطر لحيته خمراً؟ الوجه الثاني: إن هذا الخبر لا ينفي أن ابن مسعود -رضي الله عنه- أقام الحد عليه أو أمر بإقامته. فكان ابن مسعود يقول إننا لم نبحث عنه ولم نؤمر بالبحث عنه فلما أن ظهر لنا فعله فسوف نأخذ به. حيث قال ابن مسعود (ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به) وما أشد ظهور المنكر في هذه الصورة. فمن هنا نقول في مشروعية الاحتساب على من جاهر بالمعصية. والله أعلم. المطلب الرابع: ألا يكون المنكر من المسائل المختلف فيها يجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ألا ينكر على الناس في المسائل المختلف فيها كأن تكون هذه المسألة جائزة عند بعض الأئمة وممنوعة عند بعضهم والفاعل لها مقلداً لإمامه المجيز لهذه المسألة مثلاً: يقول الغزالي: فكل ما هو محل اجتهاد فلا حسبة فيه فليس للحنفي أن ينكر على الشافعي أكله الضب والضبع ومتروك التسمية، ولا للشافعي أن ينكر على الحنفي شربه النبيذ الذي ليس بمسكر وجلوسه في دار أخذها بشفعة الجوار إلى غير ذلك من مجاري الاجتهاد. نعم لو رأى الشافعي شافعياً يشرب النبيذ فهذا في محل نظر والأظهر أن له الحسبة والإنكار إذ لم يذهب أحد من المحصلين إلى أن المجتهد يجوز أن يعمل بموجب اجتهاد غيره ولا أن الذي أدى اجتهاده في التقليد إلى شخص رآه أفضل العلماء أن له أن يأخذ بمذهب غيره فينتقي من المذاهب أحبها عنده بل على كل مقلد اتباع مقلده في كل تفصيل . وقال أبو الحسن الماوردي: واختلف الفقهاء من أصحاب الشافعي هل يجوز له –المحتسب- أن يحمل الناس فيما ينكره من الأمور التي اختلف الفقهاء فيها على رأيه واجتهاده أم لا؟ على وجهين: أحدهما وهو قول أبي سعيد الاصطخري أن له أن يحمل ذلك على رأيه واجتهاده، فعلى هذا يجب على المحتسب أن يكون عالماً من أهل الاجتهاد في أحكام الدين ليجتهد رأيه فيما اختلف فيه. والوجه الثاني: ليس له أن يحمل الناس على رأيه واجتهاده، ولا يقودهم إلى مذهبه لتسويغ الاجتهاد للكافة، وفيما اختلف فيه، فعلى هذا يجوز أن يكون المحتسب من غير أهل الاجتهاد إذا كان عارفاً بالمنكرات المتفق عليها . وقال عبد الكريم زيدان: الواقع أن الخلاف إما أن يكون سائغاً وإما أن يكون غير سائغ ولكل حكمه: 1- الخلاف السائغ يمنع من الاحتساب على رأي بعض الفقهاء وقال آخرون: يجوز للمحتسب أن ينكر على فاعل المنكر المختلف فيه بشرط أن يكون المحتسب مجتهداً. 2- الخلاف غير السائغ وهو الخلاف الشاذ أو الباطل الذي لا يعتد به لعدم قيامه على أي دليل مقبول كالذي يخالف صريح القرآن والسنة الصحيحة المتواترة المشهورة أو إجماع الأمة أو ما علم من الدين بالضرورة فمثل هذا الخلاف لا قيمة له ولا يمنع المحتسب من الإنكار والاحتساب . ولعل الأرجح –والله أعلم- أنه ليس للمحتسب أن يحمل الناس على مذهبه إلا أن يكون مجتهداً وإذا كان مجتهداً فله ذلك. ولكن الأحرى أن لا ينتسب المجتهد إلى مذهب معين بل إنه يعمل بما ترجح لديه من الدليل. وإن كان يعمل بمعظم وبكثير من مسائل أحد المذاهب فعمله هذا على حسب ظهور الدليل له في هذه المسائل مثلاً. وأيضاً لا يشترط أن يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من أهل الاجتهاد. لأننا لو شرطنا ذلك لتعطل الأمر والنهي ولعمت المنكرات لافتقار المجتهدين. والنصوص الشرعية خاطبت الأمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم تخاطب المجتهدين منهم فقط يقول تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران: 110]. ويقول صلى الله عليه وسلم ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) . ولم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أحداً عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعدم اجتهاده ولا عن الصحابة أنهم نهى بعضهم بعضاً عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعدم اجتهاده. فتخصيص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمجتهد يحتاج إلى مخصص. فتبين من ذلك أن للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يمارس ذلك ولو لم يكن من أهل الاجتهاد. والله أعلم. وقال الإمام أحمد في رواية المروذي: (لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه ولا يشدد عليهم) وله رواية أخرى خلاف ذلك. قال في رواية الميموني في الرجل يمر بالقوم يلعبون بالشطرنج ينهاهم ويعظهم. وقال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن رجل مر بقوم يلعبون بالشطرنج فنهاهم فلم ينتهوا فرمى به فقال: قد أحسن . فالإمام أحمد أقره على فعله بل أيده عليه مع الخلاف المذكور في الشطرنج. ولأحمد رواية ثالثة: لا ينكر على المجتهد بل على المقلد، روى إسحاق ابن إبراهيم عن الإمام أحمد أنه سئل عن الصلاة في جلود الثعالب، قال: إذا كان متأولاً أرجو أن لا يكون به بأس، وإن كان جاهلاً ينهى ويقال له: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك . وقال الخلال: أخبرنا عصمة بن عصام حدثنا حنبل قال: قلت لأبي عبد الله: ترى الرجل إذا رأى الرجل لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا يقيم أمر صلاته ترى أن تأمره بالإعادة؟ قال: يحسن صلاته أو نمسك عنه. ثم قال: إن كان يظن أنه يقبل منه أمره، وقال له ووعظه حتى يحسن الصلاة فإن الصلاة من تمام الدين . وقال أيضاً: أخبرني الحسن بن عبد الوهاب، أن إسماعيل بن يوسف حدثهم. قال: حدثنا يعقوب حدثنا عبد الرحمن حدثنا محمد بن النضر قال: سأل رجل الأوزاعي قال: من آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر؟ قال: من ترى أنه يقبل منك . وفي الغالب من على خلاف مذهبك لا يقبل منك. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والصواب ما عليه جماهير المسلمين أن كل مسكر خمر يجلد شاربه ولو شرب قطرة واحدة لتداو أو غير تداو. وقال في كتاب بطلان التحليل: قولهم ومسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل. أما الأول فإن كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً. وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد، وهم عامة السلف والفقهاء، وأما العمل إذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضاً بحسب درجات الإنكار. كما ذكرنا من حديث شارب النبيذ المختلف فيه وكما ينقض حكم الحاكم إذا خالف سنة وإن كان قد اتبع بعض العلماء. وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا اجتماع والاجتهاد فيها مساغ فلا ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً. وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد. كما اعتقد ذلك طوائف من الناس والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ إذا عدم ذلك الاجتهاد لتعارض الأدلة المقاربة أو لخفاء الأدلة فيها وليس في ذكر كون المسألة قطعية طعن على من خالفها من المجتهدين كسائر المسائل التي اختلف فيها السلف وقد تيقنا صحة أحد القولين فيها مثل كون الحامل المتوفى عنها زوجها تعتد بوضع الحمل. وأن الجماع المجرد عن إنزال يوجب الغسل. وقال أيضاً: من أصر على ترك الجماعة ينكر عليه ويقاتل عليه أيضاً في أحد الوجهين عن استحبابها، وأما من أوجبها فإنه عنده يقاتل ويفسق إذا قام الدليل عنده المبيح للمقاتلة والتفسيق كالبغاة بعد زوال الشبهة... . وقال النووي –رحمه الله-: إن المختلف فيه لا إنكار فيه لكن إن ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف فهو حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق . الفصل الثالث: درجات النهي عن المنكر المبحث الأول: القدرة والاستطاعة وضابطها المطلب الأول: القدرة والاستطاعة إن من فضل الله تعالى على خلقه أن جعل دين الإسلام دين الواقعية، فهو لا يطالب المسلمين بأمور فوق طاقتهم لا يستطيعون فعلها أياً كان هذا المأمور به، فإما أن يسقط كلية أو يخفف إلى درجة تتناسب مع قدرات هذا الشخص. ولقد جاءت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة موضحة ذلك أوضح بيان. يقول تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286]. ويقول تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]. ويقول تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. ويقول صلى الله عليه وسلم ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) . فهذه النصوص الشرعية تبين بوضوح أن الإنسان لا يكلف فوق طاقته في أي أمر من أمور الشرع، وما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا جزء من أوامر الشرع. ومدار هذا البحث على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يقول فيه: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) . فهذا نص صريح من المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن المغير للمنكر لا يلزمه إزالته بطريقة واحدة، بل عليه أن يغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أقل الأحوال. يقول الجصاص حول قوله صلى الله عليه وسلم ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) الحديث: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن إنكار المنكر على هذه الوجوه الثلاثة على حسب الإمكان، ودل على أنه إن لم يستطع تغييره بيده فعليه تغييره بلسانه، ثم إن لم يكن ذلك فليس عليه أكثر من إنكاره بقلبه . وقال النووي –رحمه الله-: وأما صفة النهي ومراتبه فقد قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح: ((فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه)) فقوله صلى الله عليه وسلم فبقلبه معناه فليكرهه بقلبه وليس ذلك بإزالة وتغيير منه للمنكر ولكنه هو الذي وسعه. [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن العقيـــده الاســـلاميه
الموسوعة العقدية