جواهر العطف فى كتاب الله

طباعة الموضوع

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة الواحدة والعشرون

{ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيهُ ٱللَّهُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّـٰنِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَٰبَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ } * { وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِٱلْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ}

قال الرازى فى تفسيره:

قرأ عاصم وحمزة وابن عامر { وَلاَ يَأْمُرَكُمْ } بنصب الراء، والباقون بالرفع

أما النصب فوجهه أن
يكون عطفاً على { ثُمَّ يَقُولُ }
وفيه وجهان

أحدهما:
أن تجعل { لا } مزيدة والمعنى: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوّة أن يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ويأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيّين أرباباً، كما تقول: ما كان لزيد أن أكرمه ثم يهينني ويستخف بي

والثاني:
أن تجعل { لا } غير مزيدة، والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى قريشاً عن عبادة الملائكة، واليهود والنصارى عن عبادة عزير والمسيح، فلما قالوا: أتريد أن نتخذك رباً؟ قيل لهم: ما كان لبشر أن يجعله الله نبياً ثم يأمر الناس بعبادة نفسه وينهاهم عن عبادة الملائكة والأنبياء،

وأما القراءة بالرفع على سبيل الاستئناف فظاهر لأنه بعد انقضاء الآية وتمام الكلام، ومما يدل على الانقطاع عن الأول ما روي عن ابن مسعود أنه قرأ { وَلَنْ يَأْمُرُكُمْ }.
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة الثانية والعشرون

{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}ال عمران121


قال الرازى فى تفسيره:
قال أبو مسلم: هذا كلام معطوف بالواو على قوله

{ قَدْ كَانَ لَكُمْ ءايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَـٰتِلُ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ }
[آل عمران: 13] يقول: قد كان لكم في نصر الله تلك الطائفة القليلة من المؤمنين على الطائفة الكثيرة من الكافرين موضع اعتبار لتعرفوا به أن الله ناصر المؤمنين، وكان لهم مثل ذلك من الآية إذ غدا الرسول صلى الله عليه وسلم يبوىء المؤمنين مقاعد للقتال
ملحوظة

الاية الاولى رقم 121 تتكلم عن غزة احد والثانية 13عن بدر

فيكون المعنى على قول ابى مسلم لقد كان لكم اية فى غزوة بدر حين التقت الفئتان وفى غزوة احد اذ غدوت
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة الثالثة والعشرون



{ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَوَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْفَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:


في مَحَلِّه أربعةُ أوجه،

أحدها:
أنه مبتدأ والخبر قوله: " فآتوهم ".

الثاني:
أنه منصوب على الاشتغال بإضمار فعل، وهذا أرجحُ من حيث إنَّ بعده طَلَباً.

والثالث:
أنه
مرفوعٌ عطفاً على " الوالدان والأقربون
" فإنْ أريد بالوالدين أنهم موروثون عادَ الضميرُ مِنْ " فآتوهم " على " موالي " ، وإنْ أُريد أنهم وارثون جازَ عَوْدُه على " مواليَ " وعلى الوالدين وما عُطف عليهم.

الرابع:
أنه منصوبٌ عطفاً على " مواليَ
" ، قال أبو البقاء: " أي وَجَعَلْنا الذين عاقَدَتْ وُرَّاثاً، وكان ذلك
ونُسِخ "



قال ابن كثير فى تفسيره:



وقد اختار ابن جرير أن المراد بقوله: { فآتوهم نصيبهم } ، أي:من النصرة والنصيحة والمعونة،لا أن المراد { فَـآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } من الميراث حتى تكون الآية منسوخة، ولا أن ذلك كان حكماً ثم نسخ، بل إنما دلت الآية على الوفاء بالحلف المعقود على النصرة والنصيحة فقط، فهي محكمة لا منسوخة، وهذا الذي قاله فيه نظر، فإن من الحلف ما كان على المناصرة والمعاونة، ومنه ما كان على الإرث كما حكاه غير واحد من السلف، وكما قال ابن عباس: كان المهاجري يرث الأنصاري دون قراباته وذوي رحمه حتى نسخ ذلك، فكيف يقولون إن هذه الآية محكمة غير منسوخة؟ والله أعلم.


 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة الرابعة والعشرون


{ وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

....قال الزمخشري: " فإن قلت: كيفَ اتَّصل به قولُه: " فَنَذَرُ الذين لا يَرْجُون لقاءَنا وما معناه؟ قلت: قولُه: " ولو يُعَجِّل " متضمِّنٌ معنى نفي التعجيل كأنه قيل: ولا نُعَجِّل لهم بالشرِّ ولا نَقْضي إليهم أجلَهم ".....


قوله: { فَنَذَرُ } فيه ثلاثةُ أوجهٍ،

أحدها: أنه معطوفٌ على قوله { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ } على معنىٰ أنه في قوة النفي، وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك في سؤال الزمخشري وجوابِه فيه. إلا أن أبا البقاء ردَّ عطفه على " يُعَجِّل " فقال: " ولا يجوزُ أن يكونَ معطوفاً على " يُعَجِّل " إذ لو كان كذلك لدَخَلَ في الامتناع الذي تقتضيه " لو " وليس كذلك، لأنَّ التعجيلَ لم يقع، وتَرْكَهم في طغيانهم وقع ". قلت: إنما يَتمُّ هذا الردُّ لو كان معطوفاً على " يُعَجِّل " فقط باقياً على معناه، وقد تقدَّم أن الكلامَ صار في قوةِ { لا نعجِّل لهم الشرَّ فَنَذَرُهم } فيكون " فَنَذَرُهم " معطوفاً على جملة النفي لا على الفعلِ الممتنع وحدَه حتى يلزمَ ما قال.

والثاني: أنه معطوفٌ على جملةٍ مقدرة: " ولكن نُمْهِلُهم فَنَذَرُ " قاله أبو البقاء.

والثالث: أن تكون جملةً مستأنفةً، أي: فنحن نَذَرُ الذين. قاله الحوفي
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة الخامسة والعشرون


{ قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِوَٱلَّذِي فَطَرَنَافَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ }
قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

قوله: { وَٱلَّذِي فَطَرَنَا }: فيه وجهان،
أحدهما: أن الواوَ عاطفةٌ،
عَطَفَتْ هذا الموصولَ على " ما جاءنا " أي: لن نؤثرَك على الذي جاءنا، ولا على الذي فطرنا. وإنما أخَّروا ذِكْرَ البارِيْ تعالى لأنه من باب الترقِّي من الأدنى إلى الأعلى.

والثاني: أنها واوُ قسمٍ، والموصولُ مقسمٌ به. وجوابُ القسمِ محذوفٌ أي: وحَقِّ الذي فطرنا لا نؤثرك على الحق. ولا يجوز أن يكونَ الجوابُ " لن نُؤْثرك " عند مَنْ يَجَوِّزُ تقديمَ الجواب؛ لأنه لا يُجاب القسمُ بـ " لن " إلاَّ في شذوذٍ من الكلام.
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة السادسة والعشرون


{ وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَٱتَّخِذُواْمِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْعَاكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ }

قال الرازى فى تفسيره:


قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وعاصم والكسائي: { وَٱتَّخَذُواْ } بكسر الخاء على صيغة الأمر،

وقرأ نافع وابن عامر بفتح الخاء على صيغة الخبر.

أما القراءة الأولى:
فقوله: { وَٱتَّخَذُواْ } عطف على ماذا،


وفيه أقوال،
الأول:
أنه عطف على قوله:
{ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِى ٱلَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَـٰلَمِينَ }
[البقرة: 122]، واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى }.



الثاني:
إنه عطف على قوله:
{ إِنّى جَـٰعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا }
[البقرة: 124] والمعنى أنه لما ابتلاه بكلمات وأتمهن، قال له جزاء لما فعله من ذلك: { إِنّى جَـٰعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } وقال: { وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرٰهِيمَ مُصَلًّى } ويجوز أن يكون أمر بهذا ولده، إلا أنه تعالى أضمر قوله وقال، ونظيره قوله تعالى:
{ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا ءَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ }
[الأعراف: 171].


الثالث:
أن هذا أمر من الله تعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن يتخذوا من مقام إبراهيم مصلى، وهو كلام اعترض في خلال ذكر قصة إبراهيم عليه السلام، وكأن وجهه: { وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لّلنَّاسِ وَأَمْناً وَٱتَّخِذُواْ } أنتم من مقام إبراهيم مصلى والتقدير أنا لما شرفناه ووصفناه بكونه مثابة للناس وأمناً فاتخذوه أنتم قبلة لأنفسكم، والواو والفاء قد يذكر كل واحد منهما في هذا الوضع وإن كانت الفاء أوضح،

أما من قرأ: { وَٱتَّخَذُواْ } بالفتح فهو إخبار عن ولد إبراهيم أنهم اتخذوا من مقامه مصلى، فيكون هذا عطفاً على: { جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ } واتخذوه مصلى، ويجوز أن يكون عطفاً على: { وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ } وإذ اتخذوه مصلى.
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة السابعة والعشرون


{ لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ } * { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ أَوْيَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

قوله تعالى: { أَوْ يَتُوبَ }: في نصبِه أوجهٌ،

أحدها: أنه معطوفٌ على الأفعالِ المنصوبةِ قبلَه تقديرُه: ليقطعَ أو يكبِتَهم أو يتوبَ عليهم أو يعذِّبَهم، وعلى هذا فيكونُ قولُه " ليس لك من الأمرِ شيءٌ " جملةً اعتراضيةً بين المتعاطِفَيْنِ، والمعنى: أنَّ الله تعالى هو المالِكُ لأمرهم، فإنْ شاء قطع طرفاً منهم أو هزمهم، أو يتوبَ عليهم إن أسلموا ورَجعوا، أو يعذبهم إن تمادَوا على كفرهم، وإلى هذا التخريجِ ذهب جماعة من النحاة كالفراء والزجاج.


والثاني: أن " أو " هنا بمعنى " إلاَّ أَنْ " كقولِهم: " لألزَمَنَّك أو تقضِيَني حقي " أي: إلاَّ أَنْ تقضيني.


الثالث: [أنّ] " أو " بمعنى " حتى " أي: ليس لك من الأمر شيء حتى يتوبَ. وعلى هذين القولين فالكلامُ متصلٌ بقولِه: " ليس لك من الأمر شيء " والمعنى:/ ليس لك من الأمر شيء إلاَّ أَنْ يتوب عليهم بالإِسلامِ فيحصُل لك سرورٌ بهدايتِهم إليه أو يعذبهم بقتلٍ أو نارٍ في الآخرةِ. فيتَشَفَّى بهم. ومِمَّنْ ذهب إلى ذلك الفراء وأبو بكر ابن الأنباري. قال الفراء: " ومثلُ هذا الكلامِ: " لأُذَمَّنَّك أو تعطيَني " على معنى: إلا أَنْ تعطيَني، وحتى تعطيني. وأنشد ابن الأنباري في ذلك قول امرىء القيس:
1425ـ فقلتُ له لاَ تبْكِ عينُك إنَّما تحاولُ مُلْكَاً أو تموتَ فَتُعْذَرا
أراد: حتى تموتَ، أو: إلاَّ أن تموتَ " قلت: وفي تقديره بيتَ امرىء القيس بـ " حتى " نظرٌ، إذ ليس المعنى عليه؛ لأنه لم يفعلْ ذلك لأجلِ هذه الغايةِ والنحويون لم يقدِّروه إلا بمعنى " إلاَّ ".

الرابع: أنه منصوبٌ بإضمار " أَنْ " عطفاً على قوله: " الأمر " كأنه قيل: " ليس لك من الأمرِ أو من تَوْبته عليهم أو تعذيبِهم شيءٌ " ، فلمَّا كان في تأويلِ الاسم عُطفِ على الاسمِ قبلَه فهو من باب قولِه:
1426ـ ولولا رجالٌ من رِزامٍ أعِزَّةً وآلُ سُبَيْعٍ أو أَسُوْءَكَ علقما
وقولها:
1427ـ لَلُبْسُ عباءةٍ وتقرَّ عيني أَحَبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفوف

الخامس: أنه معطوفٌ بالتأويلِ المذكور على " شيء " والتقدير: ليس لك من الأمرِ من شيءٌ أو توبةُ اللهِ عليهم أو تعذيبُهم أي: ليس لك أيضاً توبتُهم ولا تعذيبُهم، إنما ذلك راجعٌ إلى الله تعالى.

 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة الثامنة والعشرون

{ ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنْكُمْوَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ فِيۤ أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَٰهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

قوله: { وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ } في هذه الواو ثلاثةُ أوجهٍ،

أحدُها: أنَّها واوُ الحالِ، وما بعدها في محلِّ نصب على الحالِ، والعاملُ فيها " يَغْشىٰ

والثاني: أنها واوُ الاستئنافِ، وهي التي عَبَّر عنها مكي بواوِ الابتداءِ،

والثالث: أنها بمعنى " إذ " ذكره مكي وأبو البقاء وهو ضعيفٌ
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة التاسعة والعشرون

{ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * {وَنُقَلِّبُأَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَٰرَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:
قوله: { ونُقَلِّب } في هذه الجملة وجهان،
أحدهما ـولم يقل الزمخشري غيره ـ
أنها وما عطف عليها من قوله " وَيذَرُهم " عطف على " يُؤْمنون " داخلٌ في حكم وما يُشْعركم،​
بمعنى: وما يشعركم أنهم لا يؤمنون، وما يُشْعركم أنَّا نقلِّب أفئدتَهم وأبصارَهم، وما يُشْعركم أنَّا نَذَرَهم " وهذا يساعده ما جاء في التفسير عن ابن عباس ومجاهد وابن زيد،
والثاني:أنها استئناف إخبار، وجعله الشيخُ الظاهرَ، والظاهرُ ما تقدَّم.
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||

الجوهرة الثلاثون

{قَالَ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً}

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

قوله: { وَلاَ أَعْصِي }: فيه أربعةُ أوجهٍ،

أحدُها: أنََّها لا محلَّ لها من الإِعراب لاستئنافِها. وفيه بُعْدٌ.

الثاني: أنها في محلِّ نصبٍ عطفاً على " سَتَجِدُني " لأنَّها منصوبةُ المحلِّ بالقول. وقال الشيخ: " ويجوزُ أَنْ يكونَ معطوفاً على " سَتَجِدُني " فلا يكونُ له محلٌّ من الإِعراب؟ وهذا سَهْوٌ؛ فإنَّ " ستجِدُني " منصوبُ المحلِّ لأنه منصوبٌ بالقول، فكذلك ما عُطِفَ عليه، ولكن الذي غَرَّ الشيخَ أنَّه رأى كلامَ الزمخشري كذلك، ولم يتأمَّلْه فتبعه في ذلك، فمن ثَمَّ جاء السهو.

قال الزمخشري: ولا أَعْصِي: في محلِّ النصبِ عطفاً على " صابراً " ، أي: ستجدني صابراً وغيرَ عاصٍ. أو " لا " في محلِّ عطفاً على " سَتَجِدُني ".

الرابع: أنَّه في محلِّ نصبٍ عطفاً على " صابراً " كما تقدَّم تقريرُه

وقال الشيخ ابو حيان فى بحره:

وقال القشيري: وعد موسى من نفسه بشيئين: بالصبر وقرنه بالاستثناء بالمشيئة فصبر حين وجد على يدي الخضر فيما كان منه من الفعل، وبأن لا يعصيه فأطلق ولم يقرنه بالاستثناء فعصاه حيث قال له { فلا تسألني } فكان يسأله فما قرن بالاستثناء لم يخالف فيه وما أطلقه وقع فيه الخلف انتهى. وهذا منه على تقدير أن يكون { ولا أعصي } معطوفاً على { ستجدني } فلم يندرج تحت المشيئة.
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||

الجوهرة الواحدة والثلاثون


{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:

قوله تعالى: { وَمَا يُتْلَىٰ }: فيه سبعة أوجه، وذلك أن موضع " ما " يحتمل أن يكون رفعاً أو نصباً أو جراً.

فالرفعُ من ثلاثة أوجه،

أحدها: أن يكون مرفوعاً عطفاً على الضمير المستكنِّ في " يُفتيكم " العائدِ على الله تعالى، وجاز ذلك للفصل بالمفعول والجار والمجرور مع أن الفصلَ بأحدِهما كافٍ.

والثاني: أنه معطوفٌ على لفظ الجلالة فقط، كذا ذكره أبو البقاء وغيرُه، وفيه نظر، لأنه: إمَّا أَنْ يُجعلَ من عطف مفردٍ على مفرد فكان يجب أن يُثَنَّى الخبرُ وإنْ توسط بين المتعاطفين فيقال: " يُفْتِيانكم " ، إلاَّ أنَّ ذلك لا يجوز، ومَنِ ادَّعى جوازه يَحْتاج إلى سماع من العرب فيقال: " زيد قائمان وعمرو " ومثلُ هذا لا يجوز، وإم‍َّا أَنْ يُجْعَلَ من عطف الجمل بمعنى أنَّ خبرَ الثاني محذوفٌ أي: وما يتلى عليكم يُفْتيكم، فيكون هذا هو الوجهَ الثالث - وقد ذكروه - فيلزم التكرار.

والثالث من أوجه الرفع: أنه رفع بالابتداء

وفي الخبر

احتمالان، أحدهما: أنه الجار بعده وهو " في الكتاب " والمرادُ بما يتلى القرآنُ، وبالكتابِ اللوحُ المحفوظ، وتكون هذه الجملةُ معترضةً بين البدل والمبدل منه على ما سيأتي بيانُه. وفائدةُ الاخبارِ بذلك تعظيمُ المتلوِّ ورفعُ شأنِه، ونحوه:
{ وَإِنَّهُ فِيۤ أُمِّ ٱلْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ }
[الزخرف: 4]. والاحتمال الثاني: أن الخبر محذوف: أي: والمتلوُّ عليكم في الكتاب يُفْتيكم أو يبيِّن لكم أحكامَهن، فهذه أربعة أوجه. وكلام الزمخشري يحتمل جميع الأوجه، فإنه قال: " ما يُتْلى " في محل الرفع أي: اللّهُ يُفْتيكم والمتلوُّ في الكتاب في معنى اليتامى، يعني قولَه:
{ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ }
[النساء: 3] وهو من قولك: " أعجبني زيدٌ وكرمه " انتهى. يعني أنه من بابِ التجريد، إذ المقصودُ الإِخبارُ بإعجاب كرمِ زيدٍ، وإنما ذُكِر زيدٌ ليُفيدَ هذا المعنى الخاص لذلك المقصود أنّ الذي يُفْتيهم هو المتلو في الكتاب، وذُكِرت الجلالةُ للمعنى المشار [إليه]، وقد تقدَّم تحقيق التجريد في أول البقرة عند قوله
{ يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ }
[الآية: 9].

والجر من وجهين،

أحدهما: أن تكون الواو للقسم، وأقسمَ اللّهُ بالمتلوِّ في شأن النساء تعظيماً له كأنه قيل: وأُقْسم بما يُتْلى عليكم في الكتاب، ذكره الزمخشري

والثاني: أنه عطفٌ على الضمير المجرور بـ " في " أي: يُفْتيكم فيهنَّ وفيما يتلى، وهذا منقولٌ عن محمد بن أبي موسى قال: " أفتاهم الله فيما سألوا عنه وفيما لم يَسْألوا " إلا أنَّ هذا ضعيف من حيث الصناعةُ، لأنه عطفٌ على الضميرِ المجرورِ من غير إعادة الجار وهو رأي الكوفيين، وقد قَدَّمْتُ ما في ذلك من مذاهب الناس ودلائلهم مستوفى عند قوله:

{ وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ }
[البقرة: 217] فعليك بالالتفات إليه. قال الزمخشري: " ليس بسديدٍ أن يُعْطَف على المجرور في " فيهنَّ " لاختلاله من حيث اللفظ والمعنى " وهذا سبَقَه إليه أبو إسحاق قال: " وهذا بعيدٌ بالنسبةِ إلى اللفظِ وإلى المعنى: أمَّا اللفظُ فإنه يقتضي عطفَ المُظْهَر على المضمرِ، وأما المعنى فلأنه ليس المرادُ أنَّ اللّهَ يفتيكم في شأنِ ما يُتْلى عليكم في الكتاب، وذلك غيرُ جائزٍ كما لم يَجُزْ في قوله
{ تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ }
[النساء: 1] يعني من غيرِ إعادةِ الجار. وقد أجاب الشيخ عما ردَّ به الزمخشري والزجاج بأن التقدير: يُفْتيكم في متلوِّهنَّ وفيما يُتْلى عليكم في الكتابِ في يتامى النساء، وحُذِف لدلالة قوله { وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } وإضافةُ " متلوّ " إلى ضمير " هُنَّ " سائغةٌ، إذ الإِضافةُ تكون بأدنى ملابسةٍ لمَّا كان متلواً فيهن صَحَّتِ الإِضافةُ إليهن، كقوله:
{ مَكْرُ ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ }
[سبأ: 33] لمَّا كان المكرُ يقع فيهما صَحَّتْ إضافُته إليهما، ومثله قول الآخر:
1659- إذا كوكبُ الخَرْقاءِ لاحَ بِسُحْرَةٍ
سهيلٌ أذاعَتْ غَزْلَها في الغرائب
وفي هذا الجواب نظرٌ.

والنصبُ بإضمار فعل أي: ويبيِّن لكم ما يُتْلى، لأنَّ " يُفْتيكم " بمعنى يبيِّن لكم. واختار الشيخ وجهَ الجرِّ على العطفِ على الضمير، مختاراً لمذهب الكوفيين وبأنَّ الأوجه كلَّها تؤدي إلى التأكيد، وأمَّا وجهُ العطف على الضمير فيجعلُه تأسيساً قال: " وإذا دار الأمرُ بينهما فالتأسيسُ أَوْلى " وفي جَعْلِه هذا الوجهَ منفرداً بالتأسيس دونَ بقية الأوجه نظرٌ لا يَخْفى.

وقال القرطبي فى تفسيره:

{ مَا } في موضع رفع، عطف على اسم الله تعالى. والمعنى: والقرآن يفتيكم فيهن، وهو قوله:
{ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ }
[النساء: 3] وقد تقدّم.
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة الثانية والثلاثون

{ لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلْكِتَابِ وَٱلنَّبِيِّينَ وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِذَوِي ٱلْقُرْبَىٰوَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلاةَ وَآتَى ٱلزَّكَاةَ وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْوَٱلصَّابِرِينَفِي ٱلْبَأْسَآءِ وٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ }

قال القرطبي فى تفسيره:

قوله تعالى: { وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَٱلصَّابِرِينَ } فقيل: يكون «الموفون» عطفاً على «مَن» لأن من في موضع جمع ومحل رفع؛ كأنه قال: ولكن البرّ المؤمنون والموفون؛ قاله الفراء والأخفش. «والصابرين» نصب على المدح، أو بإضمار فعل.
والعرب تنصب على المدح وعلى الذم​
كأنهم يريدون بذلك إفراد الممدوح والمذموم ولا يتبعونه أوّل الكلام، وينصبونه. فأمّا المدح فقوله:
{ وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ }
[النساء: 162]. وأنشد الكسائي:
وكلُّ قومٍ أطاعوا أَمْرَ مُرْشِدِهم إلا نُميراً أطاعت أَمْرَ غاوِيها
الظاعنين ولما يُظْعِنوا أحدا والقائلون لِمَنْ دارٌ نُخلِّيها
وأنشد أبو عبيدة:
لا يَبْعَدن قومي الذين هُمُ سَمُّ العُدَاةِ وآفَةُ الجُزْرِ
النازلين بكل مُعْتَرَكٍ والطيبون مَعاقِدَ الأُزْرِ
وقال آخر:
نحن بني ضَبَّةَ أصحاب الجَمَل
فنصب على المدح. وأمّا الذّم فقوله تعالى:
{ مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ }
[الأحزاب: 61] الآية. وقال عُرْوَة بن الوَرْد:
سَقَوْني الخمر ثم تَكَنَّفُوني عُدَاةَ اللَّهِ من كَذِب وزورِ
وهذا مَهْيَع في النعوت، لا مطعن فيه من جهة الإعراب، موجود في كلام العرب كما بيّنا. وقال بعض من تعسّف في كلامه: إن هذا غلط من الكتاب حين كتبوا مصحف الإمام؛ قال: والدليل على ذلك ما روي عن عثمان أنه نظر في المصحف فقال: أرى فيه لَحْناً وستقيمه العرب بألسنتها. وهكذا قال في سورة النساء
{ والْمُقِيمينَ الصَّلاَةَ }
[النساء: 162]، وفي سورة المائدة
{ وَٱلصَّابِئُونَ }
[المائدة: 69]. والجواب ما ذكرناه. وقيل: «الموفون» رفع على الابتداء والخبر محذوف، تقديره وهم الموفون.

وقال الكسائي: «والصابرين» عطف على «ذوي القربى» كأنه قال: وآتى الصابرين.
قال النحاس: «وهذا القول خطأ وغلط بيّن؛ لأنك إذا نصبت «والصابرين» ونسقته على «ذوي القربى» دخل في صلة «من» وإذا رفعت «والموفون» على أنه نسق على «مَن» فقد نسقت على «مَن» مِن قبل أن تتم الصلة، وفرّقت بين الصلة والموصول بالمعطوف». وقال الكسائي: وفي قراءة عبد اللَّه «والموفين، والصابرين». وقال النحاس: «يكونان منسوقين على «ذوي القربى» أو على المدح. قال الفرّاء: وفي قراءة عبد اللَّه في النساء
{ وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ }
[النساء: 162]. وقرأ يعقوب والأعمش «والموفون والصابرون» بالرفع فيهما. وقرأ الجَحْدَرِيّ «بعهودهم». وقد قيل: إن «والمُوفُون» عطف على الضمير الذي في «آمن». وأنكره أبو عليّ وقال: ليس المعنى عليه؛ إذ ليس المراد أن البرِّ بِرّ من آمن بالله هو والموفون؛ أي آمنا جميعاً. كما تقول: الشجاع من أقدم هو وعمرو؛ وإنما الذي بعد قوله «من آمن» تعداد لأفعال من آمن وأوصافهم.
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة الثالثة والثلاثون
{ لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ وَٱلْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَوَٱلْمُقِيمِينَٱلصَّلاَةَ وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أُوْلَـٰئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:​


قوله: والمقيمين " قراءةُ الجمهورِ بالياء، وقرأ جماعة كثيرة " والمقيمون " بالواو منهم ابن جبير وأبو عمرو بن العلاء في رواية يونس وهارون عنه، ومالك بن دينار وعصمة عن الأعمش، وعمرو بن عبيد، والجحدري وعيسى بن عمر وخلائق.

فأما قراءة الياء فقد اضطربت فيها اقوال النحاة، وفيها ستةُ أقوال،

أظهرهما:​
وعزاه مكي لسيبويه، وأبو البقاء للبصريين - أنه منصوبٌ على القطع، يعني المفيدَ للمدح كما في قطع النعوت، وهذا القطعُ مفيدٌ لبيان فضل الصلاة فَكَثُر الكلامُ في الوصفِ بأن جُعِل في جملة أخرى، وكذلك القطعُ في قوله { وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } على ما سيأتي هو لبيانِ فَضْلِها أيضاً، لكن على هذا الوجه يجب أن يكونَ الخبرُ قولَه: " يؤمنون " ولا يجوز أن يكون قوله { أُوْلَـۤئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ } لأن القطع إنما يكونَ بعد تمامِ الكلام. قال مكي: " ومَنْ جَعلَ نَصْبَ " المقيمين " على المدحِ جَعَلَ خبرَ " الراسخين ": " يؤمنون " ، فإنْ جَعَل الخبر " أولئك " سنؤتيهم " لم يجز نصب " المقيمين " على المدح، لأنه لا يكون إلا بعد تمام الكلام " وقال الشيخ: " ومَنْ جعل الخبرَ: أولئك سنؤتيهم فقوله ضعيفٌ " قلت: هذا غيرُ لازمٍ، لأنه هذا القائلَ لا يَجْعَلُ نصبَ " المقيمين " حينئذٍ منصوباً على القطع، لكنه ضعيفٌ بالنسبةِ إلى أنه ارتكبَ وجهاً ضعيفاً في تخريج " المقيمين " كما سيأتي. وحكى ابنُ عطية عن قومٍ مَنْعَ نصبه على القطع من أجلِ حرف العطف، والقطعُ لا يكونُ في العطف، إنما ذلك في النعوت، ولما استدلَّ الناسُ بقول الخرنق:

1674- لا يَبْعَدَن قومي الذين همُ سُمُّ العُداةِ وآفَةُ الجُزْرِ
النازلين بكلِّ معتَركٍ والطيبون معاقدَ الأزْرِ
على جواز القطع فَرَّق هذا القائلُ بأن البيت لا عطفَ فيه؛ لأنها قطعت " النازين " فنصبته، و " الطيبون " فرفعَتْه عن قولِها " " قومي " ، وهذا الفرقُ لا أثرَ له؛ لأنه في غيرِ هذا البيت ثبت القطع مع حرف العطف، أنشد سيبويه:
1675- ويَأْوي إلى نِسْوةٍ عُطَّلٍ وشُعْثاً مراضيعَ مثلَ السَّعالِي
فنصب " شعثاً " وهو معطوف.

الثاني​
: أن يكونَ معطوفاً على الضمير في " منهم " أي: لكن الراسخون في العلمِ منهم ومن المقيمين الصلاة.

الثالث​
: أن يكون معطوفاً على الكاف في " إليك " أي: يؤمنون بما أُنْزل إليك وإلى المقيمين الصلاةَ وهم الأنبياء.

الرابع:​
أن يكونَ معطوفاً على " ما " في " بما أُنْزِل " أي: يؤمنون " بما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وبالمقيمين، ويُعْزَى هذا الكسائي. واختلفت عبارة هؤلاء في " المقيمين " فقيل: هم الملائكة قال مكي: " ويؤمنون بالملائكة الذين صفتُهم إقامةُ الصلاةِ كقوله:
{ يُسَبِّحُونَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ }
[الأنبياء: 20]. وقيل: هم الأنبياء، وقيل: هم المسلمون، ويكون على حَذْفِ مضافٍ أي: وبدين المقيمين.

الخامس​
: أن يكونَ معطوفاً على الكاف في " قبلك " أي: ومِنْ قبلِ المقيمين، ويعني بهم الأنبياءَ أيضاً.

السادس​
: أن يكونَ معطوفاً على نفسِ الظرف، ويكونَ على حَذْفِ مضاف أي: ومن قبل المقيمين، فحُذِف المضافُ وأقيم المضافُ إليه مُقامه. فهذا نهايةُ القولِ في تخريجِ هذه القراءةِ.

وقد زعم قومٌ لا اعتبارَ بهم أنهم لحنٌ، ونقلوا عن عائشة وأبان بن عثمان أنها خطأ من جهةِ غلط كاتبِ المصحف، قالوا: وأيضاً فهي في مصحفِ ابن مسعود بالواو فقط نقله الفراء، وفي مصحف أُبيّ كذلك، وهذا لا يَصحُّ عن عائشة ولا أبان، وما أحسن قولَ الزمخشري رحمه الله: " ولا يُلتفت إلى ما زعموا مِنْ وقوعِه لَحْناً في خط المصحف، وربما التفت إليه مَنْ لم ينظر في الكتاب الكتاب ومَنْ لم يعرف مذاهبَ العرب وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان، وغَبِيَ عليه أنَّ السابقين الأولين الذين مَثَلُهم في التوراة ومثلُهم في الانجيل كانوا أبعدَ همةً في الغَيْرة عن الاسلام وذَبَّ المطاعنِ عنه من ان يقولوا ثُلْمَةً في كتاب اله ليسُدَّها مَنْ بعدهم، وخَرْقاً يَرْفوه مَنْ يلحق بهم " وأمَّا قراءةُ الرفعِ فواضحةٌ.

 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة الرابعة والثلاثون
{ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً }

الظاهر ان روح معطوفة على كلمته لكن ذكر القرطبي قولا اخر

قال القرطبي فى تفسيره:

{ وَرُوحٌ مِّنْهُ }. هذا الذي أوقع النصارى في الإضلال؛ فقالوا: عيسى جزء منه فجهلوا وضلوا؛ وعنه أجوبة ثمانية؛ الأوّل ـ قال أُبيّ بن كعب: خلق الله أرواح بني آدم لما أخذ عليهم الميثاق؛ ثم ردّها إلى صلب آدم وأمسك عنده روح عيسى عليه السلام؛ فلما أراد خلقه أرسل ذلك الرّوح إلى مريم، فكان منه عيسى عليه السلام؛ فلهذا قال: { وَرُوحٌ مِّنْهُ }. وقيل: هذه الإضافة للتفضيل وإن كان جميع الأرواح من خلقه؛ وهذا كقوله:
{ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ }
[الحج: 26] وقيل: قد يسمى من تظهر منه الأشياء العجيبة روحاً، وتضاف إلى الله تعالى فيقال: هذا روح من الله أي من خلقه؛ كما يقال في النعمة إنها من الله. وكان عيسى يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى فاستحق هذا الاسم. وقيل: يسمى روحاً بسبب نفخة جبريل عليه السلام، ويسمى النفخ روحاً؛ لأنه ريح يخرج من الروح قال الشاعر ـ هو ذو الرمة ـ:
فقلتُ له ٱرْفَعْها إلَيكَ وأحْيِها بِرُوحِكَ وٱقْتَتْه لها قِيتَةً قَدْرا
وقد وَرَد أن جبريل نفخ في دِرْع مريم فحمَلتْ منه بإذن الله؛ وعلى هذا يكون «وَرُوحٌ مِنْهُ» معطوفاً على المضمر الذي هو ٱسم الله في «أَلْقَاهَا» التقدير: ألقى الله وجبريل الكلمة إلى مريم
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
الجوهرة الخامسة والثلاثون




{ فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } * {وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَهُـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ }

قال السمين الحلبى فى الدر المصون:


قوله تعالى: { وَيَقُولُ }: قرأ أبو عمرو والكوفيون بالواو قبل " يقول " والباقون بإسقاطها، إلا أنَّ أبا عمرو ونصب الفعل بعد الواو، وروى عنه علي بن نصر الرفع كالكوفيين، فتحصَّل فيه ثلاثُ قراءات: " يقول " من غير واو " ويقول " بالواو والنصب، و " يقول " بالواو والرفع. فأمَّا قراءةُ مَنْ قرأ " يقول " من غير واو فهي جملةٌ مستأنفة سِيقَتْ جواباً لسؤالٍ مقدر، كأنه لمَّا تقدَّم قولُه تعالى: { فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ } إلى قوله: { نَادِمِينَ } سأل سائل فقال: ماذا قال المؤمنون حنيئذ؟ فأجيبَ بقوله تعالى: { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } إلى آخره، وهو واضح، والواو ساقطةٌ في مصاحف مكة والمدينة والشام، والقارئ بذلك هو صاحبُ هذه المصاحف، فإن القارئين بذلك ابنُ كثير المكي وابن عامر الشامي ونافع المدني، فقراءتُهم موافقةٌ لمصاحفهم، وليس في هذا أنهم إنما قرؤوا كذلك لأجلِ المصحف فقط، بل وافَقَتْ روايتُهم مصاحفَهم على ما بيَّنَتْهُ غيرَ مرة.

وأمَّا قراءة الواو والرفع فواضحة أيضاً لأنها جملة ابتُدئ بالإِخبار بها، فالواوُ استئنافيةٌ لمجرد عطف جملة على جملة، فالواو ثابتة في مصاحف الكوفة والمشرق، والقارئُ بذلك هو صاحبُ هذا المصحف، والكلام كما تقدَّم أيضاً.

وأمَّا قراءةُ أبي عمرو فهي التي تحتاج إلى فَضْلِ نظر، واختلف الناسُ في ذلك على ثلاثةِ أوجه،

أحدُها: أنه منصوب عطفاً على " فيصحبوا " على أحد الوجهين المذكورين في نصبِ " فيُصْبحوا " وهو الوجه الثاني، أعني كونَه منصوباً بإضمار " أَنْ " في جوابِ الترجِّي بعد الفاء إجراءً للترجِّي مُجْرى التمني، وفيه خلافٌ مشهور بين البصريين والكوفيين، فالبصريون يمنعونَه والكوفيون يُجيزونه مستدلِّين على ذلك بقراءِة نافع: { لعله يزَّكى أو يَذَّكَّرُ فتنفعَه } بنصب " تنفعه " وبقراءة عاصم في رواية حفص: " لعلي أبلغُ الأسبابَ أسبابَ السماواتِ فأطَّلِعَ " بنصب " فأطَّلِعَ " وسيأتي الجوابُ عن الآيتين الكريمتين في موضعِه. وهذا الوجهُ - أعني عطفَ " ويقول " على " فيصبحوا " قال الفارسي وتبعه جماعةٌ، ونقله عنه أبو محمد بن عطية، وذكرَه أبو عمرو بن الحاجب أيضاً، قال الشيخ شهابُ الدين أبو شامة بعد ذكره الوجهَ المتقدِّم: " وهذا وجهٌ جيد أفادنيه الشيخ أبو عمرو بن الحاجب ولم أَرَه لغيرِه، وذكروا وجوهاً كلُّها بعيدةٌ متعسِّفة " انتهى. قلت: وهذا - كما رأيتَ - منقولٌ مشهور عن أبي علي الفارسي، وأمَّا استجادتُه هذا الوجهَ فإنما يتمشى على قول الكوفيين، وهو مرجوحٌ كما تقرر في علم النحو.


الثاني: أنه منصوبٌ عطفاً على المصدر قبلَه وهو الفتحُ كأنه قيل: فعسى اللَّهُ أن يأتِيَ بالفتحِ وبأَنْ يقولَ، أي: وبقولِ الذين آمنوا، وهذا الوجهُ ذكره أبو جعفر النحاس، / ونظَّره بقول الشاعر:
1743- لَلُبْسُ عباءةٍ وتَقَرَّ عيني


أحبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفوفِ
وقول الآخر:1744- لقد كانَ في حَوْلٍ ثَواءٍ ثويتُه
تَقَضِّي لُباناتٍ ويَسْأَمَ سائِمُ
وهذا مردودٌ من ثلاثةِ أوجه،

أحدُها: أنه يؤدِّي ذلك إلى الفصل بين أبعاضِ الصلةِ بأجنبي، وذلك أنَّ الفتحَ على قوله مؤولٌ بـ " أَنْ " والفعلِ تقديرُه: أَنْ يأتِيَ بأن يفتحَ وبأَنْ يقولَ، فيقعُ الفصلُ بقوله: { فيُصبحوا } وهو أجنبي لأنه معطوفٌ على " يأتي "

الثاني: أن هذا المصدرَ - وهو الفتح - ليس يُراد به انحلالُه لحرفٍ مصدري وفعلٍ، بل المرادُ به مصدرٌ غيرُ مرادٍ به ذلك نحو: يعجبني ذكاؤك وعلمك.

الثالث: أنه وإنْ سُلِّم انحلالُه لحرف مصدري وفعل فلا يكون المعنى على: " فعسى الله أن يأتيَ بأَنْ يقولَ الذين آمنوا " فإنه نابٍ عنه نُبُوّاً ظاهراً.

الثالث- من أوجه نصبِ " ويقول " -: أنه منصوبٌ عطفاً على قوله: " يأتي " أي: فعسى اللَّهُ أَنْ يأتيَ ويقولَ، وإلى ذلك ذهب الزمخشري ولم يَعْتَرض عليه بشيء، وقد رُدَّ ذلك بأنه يلزمُ عطفُ ما لا يجوز أن يكون خبراً على ما هو خبر، وذلك أنَّ قولَه: { أن يأتيَ } خبرُ عسى وهو صحيحٌ، لأنَّ فيه رابطاً عائداً على اسم " عسى " وهو ضميرُ الباري تعالى، وقولُه: " ويقول " ليس فيه ضميرٌ يعودُ على اسم " عسى " فكيف يَصِحُّ جَعْلُه خبراً؟ وقد اعتذر مَنْ أجازَ ذلك عنه بثلاثة أوجه، أَحدُها: أنه من باب العطفِ على المعنى، والمعنى: فَعَسى أَنْ يأتي الله بالفتح وبقولِ الذين آمنوا، فتكون " عسى " تامةً لإِسنادها إلى " أَنْ " وما في حَيِّزها، فلا تحتاجُ حينئذ إلى رابط، وهذا قريبٌ من قولهم " العطف على التوهم " نحو:
{ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ }
[المنافقون: 10]. الثاني أنّ { أَنْ ياتي } بدلٌ من اسم الله لا خبرٌ، وتكونُ " عسى " حينئذ تامةً، كأنه قيل: فعسى أن يقولَ الذين آمنوا، وهذان الوجهان منقولان عن أبي عليّ الفارسيّ؟ إلا أنَّ الثاني لا يَصِحُّ لأنهم نَصُّوا على أنَّ عسى واخلولق وأوشك من بين سائر أخواتها يجوز أن تكونَ تامةً بشرطِ أن يكونَ مرفوعُها: " أن يفعل " قالوا: ليوجَدَ في الصورةِ مسندٌ ومسندٌ إليه، كما قالوا / ذلك في " ظن " وأخواتِها: إنَّ " أَنْ " و " أَنَّ " تسدُّ مسدَّ مفعوليها. والثالث: أن ثم ضميراً محذوفاً هو مصحِّحٌ لوقوعِ " ويقول " خبراً عن عسى، والتقدير: ويقولُ الذين آمنوا به أي: بالله، ثم حُذِفَ للعلم به، ذكر ذلك أبو البقاء، وقال ابن عطية بعد حكايتِه نصبَ " ويقولَ " عطفاً على " يأتي ": " وعندي في منع " عسى الله أن يقول المؤمنون " نظرٌ، إذ الله تعالى يُصَيِّرهم يقولون ذلك بنصرِه وإظهاره دينه " قلت: قولُ ابن عطية في ذلك يشبه قولَ أبي البقاء في كونِه قَدَّره ضميراً عائداً على اسم " عسى " يَصِحُّ به الربط.

وبعضُ الناسِ يُكْثِرُ هذه الأوجه ويوصلُها إلى سبعة وأكثر، وذلك باعتبار تصحيحِ كلِّ وجهٍ من الأوجه الثلاثة التي ذكرتها لك، ولكن لا يخرج حاصلُها عن ثلاثة، وهو النصبُ: إمَّا عطفاً على " أن يأتي " وإما على " فيصبحوا " وإمَّا على " بالفتح " ، وقد تقدَّم لك تحقيقها.

وقال القرطبي فى تفسيره:

قوله تعالى: { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }. وقرأ أهل المدينة وأهل الشام: «يَقُولُ» بغير واو. وقرأ أبو عمرو وابن أبي إسحاق: «وَيَقُولَ» بالواو والنصب عطفاً على «أَنْ يَأَتي» عند أكثر النحويين، التقدير: فعسى الله أن يأتي بالفتح وأن يقول. وقيل: هو عطف على المعنى؛ لأن معنى { فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ } وعسى أن يأتي الله بالفتح؛ إذ لا يجوز عسى زيد أن يأتي ويقومَ عمرو، لأنّه لا يصحّ المعنى إذا قلت: وعسى زيد أن يقوم عمرو، ولكن لو قلت: عسى أن يقوم زيد ويأتي عمرو كان جيداً. فإذا قدّرت التقديم في أن يأتي إلى جنب عسى حَسُن؛ لأنه يصير التقدير: عسى أن يأتي وعسى أن يقوم، ويكون من باب قوله:
ورأيت زوجك في الوغى
مُتقلِّداً سيفاً ورُمحا
وفيه قول ثالث ـ وهو أن تعطفه على الفتح؛ كما قال الشاعر:لَلُبْس عَباءةٍ وَتَقرّ عيني


ويجوز أن يجعل «أَنْ يَأْتِيَ» بدلاً من اسم الله جل ذكره؛ فيصير التقدير: عسى أن يأتي الله ويقول الذين آمنوا. وقرأ الكوفيون: «وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ» بالرفع على القطع من الأوّل. { أَهَـۤؤُلاۤءِ } إشارة إلى المنافقين. { أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ } حلفوا وٱجتهدوا في الإيمان. { إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ } أي قالوا إنهم، ويجوز «أنهم» نصب بـ «أقسموا» أي قال المؤمنون لليهود على جهة التوبيخ: أهؤلاء الذي أقسموا بالله جهد أيمانهم أنهم يعينونكم على محمد. ويحتمل أن يكون من المؤمنين بعضهم لبعض؛ أي هؤلاء الذين كانوا يحلِفون أنهم مؤمنون فقد هتك الله اليوم سترهم { حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } بطلت بنفاقهم. { فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ } أي خاسِرين الثواب. وقيل: خسِروا في موالاة اليهود فلم تحصل لهم ثمرة بعد قتل اليهود وإجلائهم.
 
أعلى