الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن السيـره العـطره و الاحاديث النبويـــه
.مصادر السيرة النبوية:
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ام عبد المولى" data-source="post: 93401" data-attributes="member: 3290"><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><p style="text-align: center"><span style="color: #0033cc">الفصل الرابع - منذ الهجرة حتى استقرار النبي في المدينة</span></p> <p style="text-align: right"><span style="color: #cc0000">الوقائع التاريخية</span></p></span></span></p><p style="text-align: right"><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"></p><p><span style="color: #000000"><strong><span style="font-family: 'times new roman'"><strong>1-</strong> </span><strong>علمت قريش بإسلام فريق من أهل يثرب، فاشتد أذاها للمؤمنين بمكة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، فهاجروا مستخفين، إلا عمر رضي الله عنه، فإنه أعلم مشركي قريش بهجرته </strong>[ التحرير أن عمر رضي الله عنه هاجر سرا كسائر الصحابة]<strong>، وقال لهم: من أراد أن تثكله أمه فليلحق بي غدا ببطن هذا الوادي، فلم يخرج له أحد.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>2-</strong> </span><strong>ولما أيقنت قريش أن المسلمين قد أصبحوا في المدينة في عزة ومنعة، عقدت مؤتمرا في دار الندوة للتفكير في القضاء على الرسول نفسه، فقرَّ رأيهم على أن يتخيروا من كل قبيلة منهم فتى جلدا، فيقتلوه جميعا، فيتفرق دمه في القبائل، ولا يقدر بنو مناف على حربهم جميعا، فيرضوا بالدية، وهكذا اجتمع الفتيان الموكلون بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم على بابه ليلة الهجرة ينتظرون خروجه ليقتلوه.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>3-</strong> </span><strong>لم ينم الرسول صلى الله عليه وسلم تلك الليلة على فراشه، وإنما طلب من علي رضي الله عنه أن ينام مكانه، وأمره إذا أصبح أن يرد الودائع التي كان أودعها كفار قريش عنده إلى أصحابها، وغادر الرسول صلى الله عليه وسلم بيته دون أن يشاهده الموكلون بقتله، وذهب إلى بيت أبي بكر، وكان قد هيأ من قبل راحلتين له وللرسول صلى الله عليه وسلم، فعزما على الخروج، واستأجر أبو بكر عبد الله بن أريقط الدِّيلي وكان مشركا ليدلهما على طريق المدينة، على أن يتجنب الطريق المعروفة إلى طريق أخرى لا يهتدي إليها كفار قريش.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>4-</strong> </span><strong>خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر يوم الخميس أول يوم من ربيع الأول لسنة ثلاث وخمسين من مولده عليه الصلاة والسلام، ولم يعلم بأمر هجرته إلا علي رضي الله عنه وآل أبي بكر رضي الله عنه، وعملت عائشة وأسماء بنتا أبي بكر في تهيئة الزاد لهما، وقطعت أسماء قطعة من نطاقها - وهو ما يشد به الوسط- فربطت به على فم الجراب - وعاء الطعام- فسميت لذلك: ذات النطاقين، واتجها مع دليلهما عن طريق اليمن حتى وصلا إلى «غار ثور»، فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف « حاذق» لقن « سريع الفهم»، فيخرج من عندهما بالسَحَر، ويصبح مع قريش بمكة كأنه كان نائما فيها، فلا يسمع من قريش أمرا يبيتونه لهما إلا وعاه حتى يأتيهما في المساء بخبره.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>5-</strong> </span><strong>قامت قيامة قريش لنجاة الرسول صلى الله عليه وسلم من القتل، وخرجوا يطلبونه من طريق مكة المعتاد، فلم يجدوه واتجهوا إلى طريق اليمن، ووقفوا عند فم « غار ثور» يقول بعضهم: لعله وصاحبه في هذا الغار. فيجيبه الآخرون: ألا ترى إلى فم الغار كيف تنسج عليه العنكبوت خيوطها، وكيف تعشعش فيه الطيور، مما يدل على أنه لم يخل هذا الغار أحد منذ أمد، وأبو بكر رضي الله عنه يرى أقدامهم وهم واقفون على فم الغار، فيرتعد خوفا على حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول له: والله يا رسول الله، لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا، فيطمئنه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟».</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>6-</strong> </span><strong>أرسلت قريش في القبائل تطمع كل من عثر على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، أو قتله، أو أسره، في دفع مبلغ ضخم من المال يغري الطامعين، فانتدب لذلك سراقة بن جعشم ، وأخذ على نفسه أن يتفقدهما ليظفر وحده بالجائزة.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>7-</strong> </span><strong>بعد أن انقطع طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، خرجا من الغار مع دليلهما وأخذا طريق الساحل « ساحل البحر الأحمر» وقطعا مسافة بعيدة أدركهما من بعدها سراقة، فلما اقترب منهما، ساخت قوائم فرسه في الرمل فلم تقدر على السير، وحاول ثلاث مرات أن يحملها على السير جهة الرسول صلى الله عليه وسلم، عندئذ أيقن أنه أمام رسول كريم، فطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعده بشيء إن نصره، فوعده بسواري كسرى يلبسهما، ثم عاد سراقة إلى مكة فتظاهر بأنه لم يعثر على أحد.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>8-</strong> </span><strong>وصل الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه المدينة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول وبعد أن طال انتظار أصحابه له، يخرجون كل صباح إلى مشارف المدينة، فلا يرجعون إلا حين تحمى الشمس وقت الظهيرة، فلما رأوه فرحوا به فرحا عظيما، وأخذت الولائد ينشدن بالدفوف:</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <p style="text-align: right"> <p style="text-align: center"><p style="text-align: center"><strong>طلع البدر عـلـيـنــــا</strong></p> </p></p> <p style="text-align: right"> <p style="text-align: center"><p style="text-align: center"><strong>من ثــنـيـات الـوداع</strong></p> </p></p> <p style="text-align: right"> <p style="text-align: center"><p style="text-align: center"><strong>وجب الشكر عـلـيـنا</strong></p> </p></p> <p style="text-align: right"> <p style="text-align: center"><p style="text-align: center"><strong>مـــــا دعــــا لله داع</strong></p> </p></p> <p style="text-align: right"> <p style="text-align: center"><p style="text-align: center"><strong>أيها المبعوث فـيــنـا</strong></p> </p></p> <p style="text-align: right"> <p style="text-align: center"><p style="text-align: center"><strong>جئت بالأمر المطاع</strong></p> </p> </p><p> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>9-</strong> </span><strong>كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في طريقه إلى المدينة قد وصل إلى «قباء» وهي قرية جنوب المدينة على بعد ميلين منها، فأسس فيها أول مسجد بني في الإسلام، وأقام فيها أربعة أيام، ثم سار صباح الجمعة إلى المدينة، فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف، فبنى مسجدا هناك وأقام أول جمعة في الإسلام، وأول خطبة خطبها في الإسلام، ثم سار إلى المدينة، فلما وصلها كان أول عمل عمله بعد وصوله أن اختار المكان الذي بركت فيه ناقته ليكون مسجدا له، وكان المكان لغلامين يتيمين من الأنصار، فساومهما على ثمنه، فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى إلا أن يبتاعه منهما بعشرة دنانير ذهبا أداها من مال أبي بكر، ثم ندب المسلمين للاشتراك في بناء المسجد، فأسرعوا إلى ذلك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللَّبِن [الطوب]، حتى تم بناء المسجد جدرانه من لَبِن، وسقفه من جريد النخل مقاما على الجذوع.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>10-</strong> </span><strong> ثم كان أن آخى المهاجرين والأنصار، فجعل لكل أنصاري أخا من المهاجرين، فكان الأنصاري يذهب بأخيه المهاجر إلى بيته، فيعرض عليه أن يقتسم معه كل شيء في بيته.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>11-</strong> </span><strong> ثم كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه اليهود، وأقرهم على دينهم وأموالهم، وقد ذكر ابن هشام هذا الكتاب بطوله في سيرته، وهو يتضمن المبادئ التي قامت عليها أول دولة في الإسلام، وفيها من الإنسانية والعدالة الاجتماعية والتسامح الديني والتعاون على مصلحة المجتمع ما يجدر بكل طالب أن يرجع إليه ويتفهمه ويحفظ مبادئه.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <strong> ونحن نذكر المبادئ العامة التي تضمنتها هذه الوثيقة التاريخية الخالدة:</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>1-</strong> </span><strong>وحدة الأمة المسلمة من غير تفرقة بينها.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>2-</strong> </span><strong>تساوي أبناء الأمة في الحقوق والكرامة.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>3-</strong> </span><strong>تكاتف الأمة دون الظلم والإثم والعدوان.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>4-</strong> </span><strong>اشتراك الأمة في تقرير العلاقات مع أعدائها لا يسالم مؤمن دون مؤمن.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>5-</strong> </span><strong>تأسيس المجتمع على أحدث النظم وأهداها وأقومها.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>6-</strong> </span><strong>مكافحة الخارجين على الدولة ونظامها العام، ووجوب الامتناع عن نصرتهم.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>7-</strong> </span><strong>حماية من أراد العيش مع المسلمين مسالما متعاونا، والامتناع عن ظلمهم والبغي عليهم.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>8-</strong> </span><strong>لغير المسلمين دينهم وأموالهم، لا يجبرون على دين المسلمين ولا تؤخذ منهم أموالهم.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>9-</strong> </span><strong>على غير المسلمين أن يسهموا في نفقات الدولة كما يسهم المسلمون.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>10-</strong> </span><strong>على غير المسلمين أن يتعاونوا معهم لدرء الخطر عن كيان الدولة ضد أي عدوان.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>11-</strong> </span><strong>وعليهم أن يشتركوا في نفقات القتال ما دامت الدولة في حالة حرب.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>12-</strong> </span><strong>على الدولة أن تنصر من يظلم منهم، كما تنصر كل مسلم يعتدى عليه.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>13-</strong> </span><strong>على المسلمين وغيرهم أن يمتنعوا عن حماية أعداء الدولة ومن يناصرهم.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>14-</strong> </span><strong>إذا كانت مصلحة الأمة في الصلح، وجب على جميع أبنائها مسلمين وغير مسلمين أن يقبلوا بالصلح.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>15-</strong> </span><strong>لا يؤاخذ إنسان بذنب غيره، ولا يجني جان إلا على نفسه وأهله.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>16-</strong> </span><strong>حرية الانتقال داخل الدولة وخارجها مصونة بحماية الدولة.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>17-</strong> </span><strong>لا حماية لآثم ولا لظالم.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>18-</strong> </span><strong>المجتمع يقوم على أساس التعاون على البر والتقوى، لا على الإثم والعدوان.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>19-</strong> </span><strong>هذه المبادئ تحميها قوتان:</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <strong>قوة معنوية، وهي: إيمان الشعب بالله ومراقبته له، ورعاية الله لمن [عاهد] ووفى. </strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong> <strong>وقوة مادية، وهي رئاسة الدولة التي يمثلها محمد صلى الله عليه وسلم.</strong></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong></strong></span></span></span></p><p style="text-align: center"><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #0033cc">الفصل الرابع - منذ الهجرة حتى استقرار النبي في المدينة</span></p> <p style="text-align: right"><span style="color: #cc0000">الدروس والعظات</span></p></strong></span></span></span></p><p style="text-align: right"><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong></p><p><span style="color: #000000"><strong><span style="font-family: 'times new roman'"><strong>1-</strong> </span><strong>إن المؤمن إذا كان واثقا من قوته لا يستخفي في عمله، بل يجاهر فيه، ولا يبالي بأعداء دعوته ما دام واثقا من التغلب عليهم، كما فعل عمر رضي الله عنه حين هاجر، وفي ذلك دليل أيضا على أن موقف القوة يرهب أعداء الله، ويلقي الجزع في نفوسهم، ولا شك أنهم لو أرادوا أن يجتمعوا على قتل عمر لاستطاعوا، ولكن موقف عمر الجريء ألقى الرعب في نفس كل واحد منهم، فخشي إن تعرض له أن تثكله أمه، وأهل الشر ضنينون [بخلاء] بحياتهم حريصون عليها.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>2-</strong> </span><strong>حين ييأس المبطلون من إيقاف دعوة الحق والإصلاح، وحين يفلت المؤمنون من أيديهم ويصبحون في منجى من عدوانهم، يلجؤون آخر الأمر إلى قتل الداعية المصلح، ظنا منهم أنهم إن قتلوه تخلصوا منه، وقضوا على دعوته، وهذا هو تفكير الأشرار أعداء الإصلاح في كل عصر، وقد شاهدناه ورأينا مثله في حياتنا.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>3-</strong> </span><strong>إن الجندي الصادق المخلص لدعوة الإصلاح، يفدي قائده بحياته، ففي سلامة القائد سلامة للدعوة، وفي هلاكه خذلانها ووهنها، فما فعله علي رضي الله عنه ليلة الهجرة من بياته على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم تضحية بحياته في سبيل الإبقاء على حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان من المحتمل أن تهوي سيوف فتيان قريش على رأس علي رضي الله عنه انتقاما منه، لأنه سهل لرسول الله صلى الله عليه وسلم النجاة، ولكن عليا رضي الله عنه لم يبال بذلك، فحسبه أن يسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي الأمة وقائد الدعوة.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>4-</strong> </span><strong>وفي إيداع المشركين ودائعهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع محاربتهم له وتصميمهم على قتله، دليل على أن أعداء الإصلاح يوقنون في قرارة نفوسهم باستقامة الداعية وأمانته ونزاهته، وأنه خير منهم سيرة، وأنقى سريرة، ولكن العماية واللجاجة والجمود على العادات والعقائد الضالة، هو الذي يحملهم على محاربته، ونصب الكيد له، والتآمر على قتله إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>5-</strong> </span><strong>إن تفكير قائد الدعوة، أو رئيس الدولة، أو زعيم حركة الإصلاح في النجاة من تآمر المتربصين والمغتالين، وعمله لنجاح خطة النجاة ليستأنف حركته أشد قوة ومراسا في ميدان آخر، لا يعتبر جبنا ولا فرارا من الموت، ولا ضنا بالتضحية بالنفس والروح.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>6-</strong> </span><strong>في موقف عبد الله بن أبي بكر ما يثبت أثر الشباب في نجاح الدعوات، فهم عماد كل دعوة إصلاحية، وباندفاعهم للتضحية الفداء، تتقدم الدعوات سريعا نحو النصر والغلبة. ونحن نرى في المؤمنين السابقين إلى الإسلام كلهم شبابا، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان عمره أربعين سنة عند البعثة، وأبو بكر رضي الله عنه كان أصغر منه بثلاث سنين، وعمر رضي الله عنه أصغر منهما، وعلي رضي الله عنه أصغر الجميع، وعثمان رضي الله عنه كان أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان عبد الله بن مسعود، وعبد الرحمن بن عوف، والأرقم بن أبي الأرقم، وسعيد بن زيد، وبلال بن رباح، وعمار بن ياسر، رضي الله عنهم، وغيرهم، كل هؤلاء كانوا شبابا، حملوا أعباء الدعوة على كواهلهم، فتحملوا في سبيلها التضحيات، واستعذبوا من أجلها العذاب والألم والموت، وبهؤلاء انتصر الإسلام، وعلى جهودهم وجهود إخوانهم قامت دولة الخلفاء الراشدين، وتمت الفتوحات الإسلامية الرائعة، وبفضلهم وصل إلينا الإسلام الذي حررنا الله به من الجهالة والضلالة والوثنية والكفر والفسوق.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>7-</strong> </span><strong>وفي موقف عائشة وأسماء رضي الله عنهما أثناء هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يثبت حاجة الدعوات الإصلاحية إلى النساء، فهن أرق عاطفة، وأكثر اندفاعا، وأسمح نفسا، وأطيب قلبا، والمرأة إذا آمنت بشيء لم تبال بنشره والدعوة إليه بكل صعوبة، وعملت على إقناع زوجها وأخوتها وأبنائها به، ولجهاد المرأة في سبيل الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم صفحات بيضاء مشرقة، تؤكد لنا اليوم أن حركات الإصلاح الإسلامي ستظل وئيدة الخطأ، قليلة الأثر في المجتمع حتى تشترك فيها المرأة، فتنشئ جيلا من الفتيات على الإيمان والخلق والعفة والطهارة، هؤلاء أقدر على نشر القيم التي يحتاج إليها مجتمعنا اليوم في أوساط النساء من الرجال، عدا أنهن سيكن زوجات وأمهات، وأن الفضل الكبير في تربية كبار الصحابة ثم التابعين من بعدهم يعود إلى نساء الإسلام اللاتي أنشأن هذه الأجيال على أخلاق الإسلام وآدابه، وحب الإسلام ورسوله، فكانت أكرم الأجيال التي عرفها التاريخ في علو الهمة، واستقامة السيرة، وصلاح الدين والدنيا.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <strong> إن علينا اليوم أن ندرك هذه الحقيقة، فنعمل على أن تحمل الفتيات والزوجات لواء دعوة الإصلاح الإسلامي في أوساط النساء، وهن أكثر من نصف الأمة، وذلك يقتضينا أن نشجع بناتنا وأخواتنا على تعلم الشريعة في معهد موثوق بحسن تدريسه للإسلام، مثل كلية الشريعة في جامعتنا، وكلما كثر عدد هؤلاء الفتيات العالمات بالدين، الفقيهات في الشريعة، الملمات بتاريخ الإسلام، المحبات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، المتخلقات بأخلاقه وأخلاق أمهات المؤمنين، استطعنا أن ندفع حركة الإصلاح الإسلامي إلى الأمام دفعا قويا، وأن نقرب اليوم الذي يخضع فيه مجتمعنا الإسلامي لأحكام الإسلام وشريعته، وإن ذلك لواقع إن شاء الله.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>8-</strong> </span><strong>وفي عمى أبصار المشركين عن رؤية رسول الله وصاحبه في «غار ثور» وهم عنده، وفيما تحكيه لنا الروايات من نسيج العنكبوت وتفريخ الطير على فم الغار، مثل تخشع له القلوب من أمثلة العناية الإلهية برسله ودعاته وأحبابه، فما كان الله في رحمته لعباده ليسمح أن يقع الرسول صلى الله عليه وسلم في قبضة المشركين فيقضوا عليه وعلى دعوته وهو الذي أرسله رحمة للعالمين، وكذلك يعود الله عباده الدعاة المخلصين أن يلطف بهم في ساعات الشدة، وينقذهم من المآزق الحرجة، ويعمي عنهم - في كثير من الأحيان- أبصار المتربصين لهم بالشر والغدر، وليس في نجاة الرسول وصاحبه بعد أن أحاط بهما المشركون في «غار ثور» إلا تصديق قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر:51] وقول الله تبارك وتعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج:38].</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>9-</strong> </span><strong>وفي خوف أبي بكر وهو في الغار من أن يراهما المشركون مثل لما يجب أن يكون عليه جندي الدعوة الصادق مع قائده الأمين حين يحدق به الخطر من خوف وإشفاق على حياته، فما كان أبو بكر ساعتئذ بالذي يخشى على نفسه من الموت، ولو كان كذلك، لما رافق الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الهجرة الخطيرة وهو يعلم أن أقل جزائه القتل إن أمسكه المشركون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان يخشى على حياة الرسول الكريم، وعلى مستقبل الإسلام إن وقع الرسول صلى الله عليه وسلم في قبضة المشركين.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>10-</strong> </span><strong>وفي جواب الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر تطمينا له على قلقه « يا أبابكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما» مثل من أمثلة الصدق في الثقة بالله والاطمئنان إلى نصره، والاتكال عليه عند الشدائد، وهو دليل واضح على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوى النبوة، فهو في أشد المآزق حرجا ومع ذلك تبدو عليه أمارات الاطمئنان إلى أن الله [الذي] بعثه هدى ورحمة للناس لن يتخلى عنه في تلك الساعات، فهل مثل هذا الاطمئنان يصدر عن مدع للنبوة، منتحل صفة الرسالة؟ وفي مثل هذه الحالات يبدو الفرق واضحا بين دعاة الإصلاح وبين المدعين له والمنتحلين لاسمه، أولئك تفيض قلوبهم دائما وأبدا بالرضى عن الله، والثقة بنصره، وهؤلاء يتهاوون عند المخاوف، وينهارون عند الشدائد، ثم لا تجد لهم من دون الله وليا ولا نصيرا.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>11-</strong> </span><strong>ويبدو لنا من موقف سراقة حين أدرك الرسول صلى الله عليه وسلم وعجزه عن الوصول إليه دليل على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كانت قوائم فرسه تسيخ في الرمل وهي متجهة صوب الرسول، حتى إذا نزل عنها ووجهها شطر مكة نشطت من كبوتها، فإذا أراد أن يعيدها كرة في اتجاه الرسول صلى الله عليه وسلم عادت إلى عجزها وكعِّها [ضعفها]، أفترى هذا يقع إلا لنبي مرسل مؤيد من الله بالنصر والعون؟ كلا، وهذا ما أدركه سراقة، فنادى الرسول بالأمان، وأدرك أن للرسول صلى الله عليه وسلم من العناية الإلهية ما تعجز عن إدراكه قوى البشر، فرضي أن يخسر الجائزة ويفوز بالوعد.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>12-</strong> </span><strong>وفي وعد الرسول صلى الله عليه وسلم لسراقة بسواري كسرى معجزة أخرى، فالإنسان الذي يبدو هاربا من وجه قومه لا يؤمل في فتح الفرس والاستيلاء على كنوز كسرى، إلا أن يكون نبيا مرسلا، ولقد تحقق وعد الرسول صلى الله عليه وسلم له، وطالب كسرى عمر بن الخطاب بإنفاذ وعد الرسول صلى الله عليه وسلم له حين رأى سواري كسرى في الغنائم، فألبسهما عمر سراقة على ملأ من الصحابة، وقال: «الحمد لله الذي سلب كسرى سواريه وألبسهما سراقة بن جعشم الأعرابي» وهكذا تتوالى المعجزات في هذه الهجرة واحدة بعد أخرى ليزداد المؤمنون ويستيقن الذين أوتوا الكتاب من المترددين والجاحدين أنه رسول من رب العالمين.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>13-</strong> </span><strong>كانت فرحة المؤمنين من سكان يثرب من أنصار ومهاجرين بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصوله إليهم سالما فرحة أخرجت النساء من بيوتهن والولائد، وحملت الرجال على ترك أعمالهم، وكان موقف يهود المدينة موقف المشارك في الفرحة ظاهرا، والمتألم من منافسة الزعامة الجديدة باطنا، أما فرحة المؤمنين بلقاء رسولهم، فلا عجب فيها وهو الذي أنقذهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، وأما موقف اليهود فلا غرابة فيه وهم الذين عرفوا بالملق والنفاق للمجتمع الذي فقدوا السيطرة عليه، وبالغيظ والحقد الأسود ممن يسلبهم زعامتهم على الشعوب، ويحول بينهم وبين سلب أموالها باسم القروض، وسفك دمائها باسم النصح والمشورة، وما زال اليهود يحقدون على كل من يخلص الشعوب من سيطرتهم، وينتهون من الحقد إلى الدس والمؤامرات، ثم إلى الاغتيال إن استطاعوا، ذلك ديدنهم، وتلك جبلتهم، وقد فعلوا مثل ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد استقراره بالمدينة، برغم ما أمضاه بينه وبينهم على التعاون والتعايش بسلامن ولكن اليهود قوم يشعلون نار الحروب دائما وأبدا، و{كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ} [المائدة:64].</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>14-</strong> </span><strong>من وقائع الهجرة إلى المدينة تبين لنا أنه صلى الله عليه وسلم ما أقام بمكان إلا كان أول ما يفعله بناء مسجد يجتمع فيه المؤمنون فقد أقام مسجد قباء حين اقام فيها أربعة أيام، وبنى مسجدا في منتصف الطريق بين قباء والمدينة لما أدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن الوادي « وادي رانوناء».</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <strong> فلما أن وصل إلى المدينة، كان أول عمل عمله بناء مسجد فيها.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <strong> وهذا يدلنا على أهمية المسجد في الإسلام، وعبادات الإسلام كلها تطهير للنفس، وتزكية للأخلاق، وتقوية لأواصر التعاون بين المسلمين، وصلاة الجماعة والجمعة والعيدين، مظهر قوي من مظاهر اجتماع المسلمين، ووحدة كلمتهم، وأهدافهم، وتعاونهم على البر والتقوى، لا جرم أن كان للمسجد رسالة اجتماعية وروحية عظيمة الشأن في حياة المسلمين، فهو الذي يوحد صفوفهم، ويهذب نفوسهم، ويوقظ قلوبهم وعقولهم، ويحل مشاكلهم، وتظهر فيه قوتهم وتماسكهم.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <strong> ولقد أثبت تاريخ المسجد في الإسلام أنه منه انطلقت جحافل الجيوش الإسلامية لغمر الأرض بهداية الله، ومنه انبعثت أشعة النور والهداية للمسلمين وغيرهم، وفيه ترعرعت بذور الحضارة الإسلامية ونمت، وهل كان أبوبكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وخالد، وسعد، وأبو عبيدة وأمثالهم من عظماء التاريخ الإسلامي إلا تلامذة المدرسة المحمدية التي كان مقرها المسجد النبوي.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <strong> وميزة أخرى للمسجد في الإسلام أنه تنبعث منه في كل أسبوع كلمة الحق مدوية مجلجلة على لسان خطيبه، في إنكار منكر أو أمر بمعروف، أو دعوة إلى خير أو إيقاظ من غفلة، أو دعوة إلى تجمع، أو احتجاج على ظالم، أو تحذير لطاغية، ولقد شاهدنا في عصر الطفولة كيف كانت المساجد مراكز الانطلاق للحركات الوطنية ضد المستعمرين الفرنسيين، يلجأ إليها زعماء الجهاد ضد الاستعمار وضد الصهيونية، وإذا كنا نرى تعطيلها اليوم عن القيام بوظيفتها الكبرى، فما ذلك إلا ذنب بعض الخطباء من الموظفين المرتزقين، أو الجاهلين الغافلين، ويوم يعتلي منابرها ويؤم محاريبها دعاة أشداء في الحق، علماء بالشريعة، مخلصون لله ولرسوله، ناصحون لأئمة المسلمين وعامتهم، يعود للمسجد في مجتمعنا الإسلامي مكان الصدارة في مؤسساتنا الاجتماعية، ويعود المسجد ليعمل عمله في تربية الرجال، وإخراج الأبطال، وإصلاح الفساد، ومحاربة المنكر، وبناء المجتمع على أساس من تقوى الله ورضوانه.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <strong> وإنا لنأمل ذلك إن شاء الله حين تحتل هذه الطليعة الطاهرة من شبابنا المؤمن المثقفة بدين الله المتخلقة بأخلاق رسول الله منابره وأرجاءه.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>15-</strong> </span><strong>في مؤخاة الرسول بين المهاجرين والأنصار أقوى مظهر من مظاهر عدالة الإسلام الإنسانية الأخلاقية البناءة، فالمهاجرون قوم تركوا في سبيل الله أموالهم وأراضيهم، فجاؤوا المدينة لا يملكون من حطام الدنيا شيئا، والأنصار قوم أغنياء بزروعهم وأموالهم وصناعتهم، فليحمل الأخ أخاه، وليقتسم معه سراء الحياة وضراءها، ولينزله في بيته مادام فيه متسع لهما، وليعطه نصف ماله ما دام غنيا عنه، موفرا له، فأية عدالة اجتماعية في الدنيا تعدل هذه الأخوة؟</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <strong> إن الذين ينكرون أن يكون الإسلام عدالة اجتماعية، قوم لا يريدون أن يبهر نور الإسلام أبصار الناس ويستولي على قلوبهم، أو قوم جامدون يكرهون كل لفظ جديد ولو أحبه الناس وكان في الإسلام مدلوله، وإلا فكيف تنكر العدالة الاجتماعية في الإسلام وفي تاريخه هذه المؤاخاة الفذة في التاريخ، وهي التي عقدها صاحب الشريعة محمد صلى الله عليه وسلم بنفسه، وطبقها بإشرافه، وأقام على أساسها أول مجتمع ينشؤه، وأول دولة يبنيها؟</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <strong> سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم..</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <span style="font-family: 'times new roman'"><strong>16-</strong> </span><strong> وفي الكتاب الذي عقد فيه الرسول الأخوة بين المهاجرين والأنصار، والتعاون بين المسلمين وغيرهم جملة من الأدلة التي لا ترَدُّ على أن أساس الدولة الإسلامية قائم على العدالة الاجتماعية، وأن أساس العلائق بين المسلمين وغيرهم هو السلم ما سالموا، وأن مبدأ الحق والعدل والتعاون على البر والتقوى والعمل لخير الناس، ودفع أذى الأشرار عن المجتمع، هو أبرز الشعارات التي تنادي بها دولة الإسلام، وبذلك تكون الدولة الإسلامية أينما قامت، وفي أي عصر نشأت قائمة على أقوم المبادئ وأعدلها، وهي تنطبق اليوم على أكرم المبادئ التي تقوم عليها الدول، وتعيش في ظلها الشعوب، وإن العمل في عصرنا هذا لإقامة دولة في مجتمعنا الإسلامي تركز قواعدها على مبادئ الإسلام عمل يتفق مع تطور الفكر الإنساني في مفهوم الدولة، عدا أنه يحقق للمسلمين بناء مجتمع من أقوى المجتمعات وأكملها وأسعدها وأرقاها.</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong> <strong>وأيا ما كان فإن من مصلحتنا أن تبنى الدولة عندنا على أساس الإسلام، وفي ترك ذلك خرابنا ودمارنا، والإسلام لا يؤذي غير المسلمين في الوطن الإسلامي، ولا يضطهد عقائدهم، ولا ينتقص من حقوقهم، ففيم الخوف من إلزام الدول في البلاد الإسلامية بتنفيذ شرائع الإسلام، وإقامة أحكامه وهي كلها عدل وحق وقوة وإخاء وتكافل اجتماعي شامل على أساس من الإخاء والحب والتعاون الكريم؟ إننا لن نخلص من الاستعمار، إلا بالمناداة بالإسلام، وفي سبيل ذلك فليعمل العاملون {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ} [الأعراف: 96] {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } [الطلاق: 2] {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4] {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5].</strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong><span style="color: #000000"><strong></strong></span></strong></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'arial black'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #000000"><strong></strong></span></span></span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ام عبد المولى, post: 93401, member: 3290"] [font=arial black][size=5][center][color=#0033cc]الفصل الرابع - منذ الهجرة حتى استقرار النبي في المدينة[/color][/center] [right][color=#cc0000]الوقائع التاريخية[/color] [color=#000000][/color][/right] [color=#000000][b][font=times new roman][b]1-[/b] [/font][b]علمت قريش بإسلام فريق من أهل يثرب، فاشتد أذاها للمؤمنين بمكة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، فهاجروا مستخفين، إلا عمر رضي الله عنه، فإنه أعلم مشركي قريش بهجرته [/b][ التحرير أن عمر رضي الله عنه هاجر سرا كسائر الصحابة][b]، وقال لهم: من أراد أن تثكله أمه فليلحق بي غدا ببطن هذا الوادي، فلم يخرج له أحد.[/b][/b][/color] [color=#000000][b] [font=times new roman][b]2-[/b] [/font][b]ولما أيقنت قريش أن المسلمين قد أصبحوا في المدينة في عزة ومنعة، عقدت مؤتمرا في دار الندوة للتفكير في القضاء على الرسول نفسه، فقرَّ رأيهم على أن يتخيروا من كل قبيلة منهم فتى جلدا، فيقتلوه جميعا، فيتفرق دمه في القبائل، ولا يقدر بنو مناف على حربهم جميعا، فيرضوا بالدية، وهكذا اجتمع الفتيان الموكلون بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم على بابه ليلة الهجرة ينتظرون خروجه ليقتلوه.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]3-[/b] [/font][b]لم ينم الرسول صلى الله عليه وسلم تلك الليلة على فراشه، وإنما طلب من علي رضي الله عنه أن ينام مكانه، وأمره إذا أصبح أن يرد الودائع التي كان أودعها كفار قريش عنده إلى أصحابها، وغادر الرسول صلى الله عليه وسلم بيته دون أن يشاهده الموكلون بقتله، وذهب إلى بيت أبي بكر، وكان قد هيأ من قبل راحلتين له وللرسول صلى الله عليه وسلم، فعزما على الخروج، واستأجر أبو بكر عبد الله بن أريقط الدِّيلي وكان مشركا ليدلهما على طريق المدينة، على أن يتجنب الطريق المعروفة إلى طريق أخرى لا يهتدي إليها كفار قريش.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]4-[/b] [/font][b]خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر يوم الخميس أول يوم من ربيع الأول لسنة ثلاث وخمسين من مولده عليه الصلاة والسلام، ولم يعلم بأمر هجرته إلا علي رضي الله عنه وآل أبي بكر رضي الله عنه، وعملت عائشة وأسماء بنتا أبي بكر في تهيئة الزاد لهما، وقطعت أسماء قطعة من نطاقها - وهو ما يشد به الوسط- فربطت به على فم الجراب - وعاء الطعام- فسميت لذلك: ذات النطاقين، واتجها مع دليلهما عن طريق اليمن حتى وصلا إلى «غار ثور»، فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف « حاذق» لقن « سريع الفهم»، فيخرج من عندهما بالسَحَر، ويصبح مع قريش بمكة كأنه كان نائما فيها، فلا يسمع من قريش أمرا يبيتونه لهما إلا وعاه حتى يأتيهما في المساء بخبره.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]5-[/b] [/font][b]قامت قيامة قريش لنجاة الرسول صلى الله عليه وسلم من القتل، وخرجوا يطلبونه من طريق مكة المعتاد، فلم يجدوه واتجهوا إلى طريق اليمن، ووقفوا عند فم « غار ثور» يقول بعضهم: لعله وصاحبه في هذا الغار. فيجيبه الآخرون: ألا ترى إلى فم الغار كيف تنسج عليه العنكبوت خيوطها، وكيف تعشعش فيه الطيور، مما يدل على أنه لم يخل هذا الغار أحد منذ أمد، وأبو بكر رضي الله عنه يرى أقدامهم وهم واقفون على فم الغار، فيرتعد خوفا على حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول له: والله يا رسول الله، لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا، فيطمئنه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟».[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]6-[/b] [/font][b]أرسلت قريش في القبائل تطمع كل من عثر على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، أو قتله، أو أسره، في دفع مبلغ ضخم من المال يغري الطامعين، فانتدب لذلك سراقة بن جعشم ، وأخذ على نفسه أن يتفقدهما ليظفر وحده بالجائزة.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]7-[/b] [/font][b]بعد أن انقطع طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، خرجا من الغار مع دليلهما وأخذا طريق الساحل « ساحل البحر الأحمر» وقطعا مسافة بعيدة أدركهما من بعدها سراقة، فلما اقترب منهما، ساخت قوائم فرسه في الرمل فلم تقدر على السير، وحاول ثلاث مرات أن يحملها على السير جهة الرسول صلى الله عليه وسلم، عندئذ أيقن أنه أمام رسول كريم، فطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعده بشيء إن نصره، فوعده بسواري كسرى يلبسهما، ثم عاد سراقة إلى مكة فتظاهر بأنه لم يعثر على أحد.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]8-[/b] [/font][b]وصل الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه المدينة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول وبعد أن طال انتظار أصحابه له، يخرجون كل صباح إلى مشارف المدينة، فلا يرجعون إلا حين تحمى الشمس وقت الظهيرة، فلما رأوه فرحوا به فرحا عظيما، وأخذت الولائد ينشدن بالدفوف:[font=simplified arabic][/font][/b] [right] [center][center][b]طلع البدر عـلـيـنــــا[/b][/center][/center] [center][center][b]من ثــنـيـات الـوداع[/b][/center][/center] [center][center][b]وجب الشكر عـلـيـنا[/b][/center][/center] [center][center][b]مـــــا دعــــا لله داع[/b][/center][/center] [center][center][b]أيها المبعوث فـيــنـا[/b][/center][/center] [center][center][b]جئت بالأمر المطاع[/b][/center][/center] [/right] [font=times new roman][b]9-[/b] [/font][b]كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في طريقه إلى المدينة قد وصل إلى «قباء» وهي قرية جنوب المدينة على بعد ميلين منها، فأسس فيها أول مسجد بني في الإسلام، وأقام فيها أربعة أيام، ثم سار صباح الجمعة إلى المدينة، فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف، فبنى مسجدا هناك وأقام أول جمعة في الإسلام، وأول خطبة خطبها في الإسلام، ثم سار إلى المدينة، فلما وصلها كان أول عمل عمله بعد وصوله أن اختار المكان الذي بركت فيه ناقته ليكون مسجدا له، وكان المكان لغلامين يتيمين من الأنصار، فساومهما على ثمنه، فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى إلا أن يبتاعه منهما بعشرة دنانير ذهبا أداها من مال أبي بكر، ثم ندب المسلمين للاشتراك في بناء المسجد، فأسرعوا إلى ذلك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللَّبِن [الطوب]، حتى تم بناء المسجد جدرانه من لَبِن، وسقفه من جريد النخل مقاما على الجذوع.[/b] [font=times new roman][b]10-[/b] [/font][b] ثم كان أن آخى المهاجرين والأنصار، فجعل لكل أنصاري أخا من المهاجرين، فكان الأنصاري يذهب بأخيه المهاجر إلى بيته، فيعرض عليه أن يقتسم معه كل شيء في بيته.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]11-[/b] [/font][b] ثم كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه اليهود، وأقرهم على دينهم وأموالهم، وقد ذكر ابن هشام هذا الكتاب بطوله في سيرته، وهو يتضمن المبادئ التي قامت عليها أول دولة في الإسلام، وفيها من الإنسانية والعدالة الاجتماعية والتسامح الديني والتعاون على مصلحة المجتمع ما يجدر بكل طالب أن يرجع إليه ويتفهمه ويحفظ مبادئه.[/b][font=simplified arabic][/font] [b] ونحن نذكر المبادئ العامة التي تضمنتها هذه الوثيقة التاريخية الخالدة:[/b] [font=times new roman][b]1-[/b] [/font][b]وحدة الأمة المسلمة من غير تفرقة بينها.[/b] [font=times new roman][b]2-[/b] [/font][b]تساوي أبناء الأمة في الحقوق والكرامة.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]3-[/b] [/font][b]تكاتف الأمة دون الظلم والإثم والعدوان.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]4-[/b] [/font][b]اشتراك الأمة في تقرير العلاقات مع أعدائها لا يسالم مؤمن دون مؤمن.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]5-[/b] [/font][b]تأسيس المجتمع على أحدث النظم وأهداها وأقومها.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]6-[/b] [/font][b]مكافحة الخارجين على الدولة ونظامها العام، ووجوب الامتناع عن نصرتهم.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]7-[/b] [/font][b]حماية من أراد العيش مع المسلمين مسالما متعاونا، والامتناع عن ظلمهم والبغي عليهم.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]8-[/b] [/font][b]لغير المسلمين دينهم وأموالهم، لا يجبرون على دين المسلمين ولا تؤخذ منهم أموالهم.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]9-[/b] [/font][b]على غير المسلمين أن يسهموا في نفقات الدولة كما يسهم المسلمون.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]10-[/b] [/font][b]على غير المسلمين أن يتعاونوا معهم لدرء الخطر عن كيان الدولة ضد أي عدوان.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]11-[/b] [/font][b]وعليهم أن يشتركوا في نفقات القتال ما دامت الدولة في حالة حرب.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]12-[/b] [/font][b]على الدولة أن تنصر من يظلم منهم، كما تنصر كل مسلم يعتدى عليه.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]13-[/b] [/font][b]على المسلمين وغيرهم أن يمتنعوا عن حماية أعداء الدولة ومن يناصرهم.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]14-[/b] [/font][b]إذا كانت مصلحة الأمة في الصلح، وجب على جميع أبنائها مسلمين وغير مسلمين أن يقبلوا بالصلح.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]15-[/b] [/font][b]لا يؤاخذ إنسان بذنب غيره، ولا يجني جان إلا على نفسه وأهله.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]16-[/b] [/font][b]حرية الانتقال داخل الدولة وخارجها مصونة بحماية الدولة.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]17-[/b] [/font][b]لا حماية لآثم ولا لظالم.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]18-[/b] [/font][b]المجتمع يقوم على أساس التعاون على البر والتقوى، لا على الإثم والعدوان.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]19-[/b] [/font][b]هذه المبادئ تحميها قوتان:[font=simplified arabic][/font][/b] [b]قوة معنوية، وهي: إيمان الشعب بالله ومراقبته له، ورعاية الله لمن [عاهد] ووفى. [/b] [b]وقوة مادية، وهي رئاسة الدولة التي يمثلها محمد صلى الله عليه وسلم.[/b] [center][color=#0033cc]الفصل الرابع - منذ الهجرة حتى استقرار النبي في المدينة[/color][/center] [right][color=#cc0000]الدروس والعظات[/color] [color=#000000][/color][/right] [color=#000000][b][font=times new roman][b]1-[/b] [/font][b]إن المؤمن إذا كان واثقا من قوته لا يستخفي في عمله، بل يجاهر فيه، ولا يبالي بأعداء دعوته ما دام واثقا من التغلب عليهم، كما فعل عمر رضي الله عنه حين هاجر، وفي ذلك دليل أيضا على أن موقف القوة يرهب أعداء الله، ويلقي الجزع في نفوسهم، ولا شك أنهم لو أرادوا أن يجتمعوا على قتل عمر لاستطاعوا، ولكن موقف عمر الجريء ألقى الرعب في نفس كل واحد منهم، فخشي إن تعرض له أن تثكله أمه، وأهل الشر ضنينون [بخلاء] بحياتهم حريصون عليها.[font=simplified arabic][/font][/b][/b][/color] [color=#000000][b] [font=times new roman][b]2-[/b] [/font][b]حين ييأس المبطلون من إيقاف دعوة الحق والإصلاح، وحين يفلت المؤمنون من أيديهم ويصبحون في منجى من عدوانهم، يلجؤون آخر الأمر إلى قتل الداعية المصلح، ظنا منهم أنهم إن قتلوه تخلصوا منه، وقضوا على دعوته، وهذا هو تفكير الأشرار أعداء الإصلاح في كل عصر، وقد شاهدناه ورأينا مثله في حياتنا.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]3-[/b] [/font][b]إن الجندي الصادق المخلص لدعوة الإصلاح، يفدي قائده بحياته، ففي سلامة القائد سلامة للدعوة، وفي هلاكه خذلانها ووهنها، فما فعله علي رضي الله عنه ليلة الهجرة من بياته على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم تضحية بحياته في سبيل الإبقاء على حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان من المحتمل أن تهوي سيوف فتيان قريش على رأس علي رضي الله عنه انتقاما منه، لأنه سهل لرسول الله صلى الله عليه وسلم النجاة، ولكن عليا رضي الله عنه لم يبال بذلك، فحسبه أن يسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي الأمة وقائد الدعوة.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]4-[/b] [/font][b]وفي إيداع المشركين ودائعهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع محاربتهم له وتصميمهم على قتله، دليل على أن أعداء الإصلاح يوقنون في قرارة نفوسهم باستقامة الداعية وأمانته ونزاهته، وأنه خير منهم سيرة، وأنقى سريرة، ولكن العماية واللجاجة والجمود على العادات والعقائد الضالة، هو الذي يحملهم على محاربته، ونصب الكيد له، والتآمر على قتله إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]5-[/b] [/font][b]إن تفكير قائد الدعوة، أو رئيس الدولة، أو زعيم حركة الإصلاح في النجاة من تآمر المتربصين والمغتالين، وعمله لنجاح خطة النجاة ليستأنف حركته أشد قوة ومراسا في ميدان آخر، لا يعتبر جبنا ولا فرارا من الموت، ولا ضنا بالتضحية بالنفس والروح.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]6-[/b] [/font][b]في موقف عبد الله بن أبي بكر ما يثبت أثر الشباب في نجاح الدعوات، فهم عماد كل دعوة إصلاحية، وباندفاعهم للتضحية الفداء، تتقدم الدعوات سريعا نحو النصر والغلبة. ونحن نرى في المؤمنين السابقين إلى الإسلام كلهم شبابا، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان عمره أربعين سنة عند البعثة، وأبو بكر رضي الله عنه كان أصغر منه بثلاث سنين، وعمر رضي الله عنه أصغر منهما، وعلي رضي الله عنه أصغر الجميع، وعثمان رضي الله عنه كان أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان عبد الله بن مسعود، وعبد الرحمن بن عوف، والأرقم بن أبي الأرقم، وسعيد بن زيد، وبلال بن رباح، وعمار بن ياسر، رضي الله عنهم، وغيرهم، كل هؤلاء كانوا شبابا، حملوا أعباء الدعوة على كواهلهم، فتحملوا في سبيلها التضحيات، واستعذبوا من أجلها العذاب والألم والموت، وبهؤلاء انتصر الإسلام، وعلى جهودهم وجهود إخوانهم قامت دولة الخلفاء الراشدين، وتمت الفتوحات الإسلامية الرائعة، وبفضلهم وصل إلينا الإسلام الذي حررنا الله به من الجهالة والضلالة والوثنية والكفر والفسوق.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]7-[/b] [/font][b]وفي موقف عائشة وأسماء رضي الله عنهما أثناء هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يثبت حاجة الدعوات الإصلاحية إلى النساء، فهن أرق عاطفة، وأكثر اندفاعا، وأسمح نفسا، وأطيب قلبا، والمرأة إذا آمنت بشيء لم تبال بنشره والدعوة إليه بكل صعوبة، وعملت على إقناع زوجها وأخوتها وأبنائها به، ولجهاد المرأة في سبيل الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم صفحات بيضاء مشرقة، تؤكد لنا اليوم أن حركات الإصلاح الإسلامي ستظل وئيدة الخطأ، قليلة الأثر في المجتمع حتى تشترك فيها المرأة، فتنشئ جيلا من الفتيات على الإيمان والخلق والعفة والطهارة، هؤلاء أقدر على نشر القيم التي يحتاج إليها مجتمعنا اليوم في أوساط النساء من الرجال، عدا أنهن سيكن زوجات وأمهات، وأن الفضل الكبير في تربية كبار الصحابة ثم التابعين من بعدهم يعود إلى نساء الإسلام اللاتي أنشأن هذه الأجيال على أخلاق الإسلام وآدابه، وحب الإسلام ورسوله، فكانت أكرم الأجيال التي عرفها التاريخ في علو الهمة، واستقامة السيرة، وصلاح الدين والدنيا.[font=simplified arabic][/font][/b] [b] إن علينا اليوم أن ندرك هذه الحقيقة، فنعمل على أن تحمل الفتيات والزوجات لواء دعوة الإصلاح الإسلامي في أوساط النساء، وهن أكثر من نصف الأمة، وذلك يقتضينا أن نشجع بناتنا وأخواتنا على تعلم الشريعة في معهد موثوق بحسن تدريسه للإسلام، مثل كلية الشريعة في جامعتنا، وكلما كثر عدد هؤلاء الفتيات العالمات بالدين، الفقيهات في الشريعة، الملمات بتاريخ الإسلام، المحبات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، المتخلقات بأخلاقه وأخلاق أمهات المؤمنين، استطعنا أن ندفع حركة الإصلاح الإسلامي إلى الأمام دفعا قويا، وأن نقرب اليوم الذي يخضع فيه مجتمعنا الإسلامي لأحكام الإسلام وشريعته، وإن ذلك لواقع إن شاء الله.[/b] [font=times new roman][b]8-[/b] [/font][b]وفي عمى أبصار المشركين عن رؤية رسول الله وصاحبه في «غار ثور» وهم عنده، وفيما تحكيه لنا الروايات من نسيج العنكبوت وتفريخ الطير على فم الغار، مثل تخشع له القلوب من أمثلة العناية الإلهية برسله ودعاته وأحبابه، فما كان الله في رحمته لعباده ليسمح أن يقع الرسول صلى الله عليه وسلم في قبضة المشركين فيقضوا عليه وعلى دعوته وهو الذي أرسله رحمة للعالمين، وكذلك يعود الله عباده الدعاة المخلصين أن يلطف بهم في ساعات الشدة، وينقذهم من المآزق الحرجة، ويعمي عنهم - في كثير من الأحيان- أبصار المتربصين لهم بالشر والغدر، وليس في نجاة الرسول وصاحبه بعد أن أحاط بهما المشركون في «غار ثور» إلا تصديق قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّا[font=simplified arabic] [/font]لَنَنصُرُ[font=simplified arabic] [/font]رُسُلَنَا[font=simplified arabic] [/font]وَالَّذِينَ[font=simplified arabic] [/font]آمَنُوا[font=simplified arabic] [/font]فِي[font=simplified arabic] [/font]الْحَيَاةِ[font=simplified arabic] [/font]الدُّنْيَا وَيَوْمَ[font=simplified arabic] [/font]يَقُومُ[font=simplified arabic] [/font]الْأَشْهَادُ} [غافر:51] وقول الله تبارك وتعالى:{إِنَّ[font=simplified arabic] [/font]اللَّهَ يُدَافِعُ[font=simplified arabic] [/font]عَنِ[font=simplified arabic] [/font]الَّذِينَ[font=simplified arabic] [/font]آمَنُوا} [الحج:38].[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]9-[/b] [/font][b]وفي خوف أبي بكر وهو في الغار من أن يراهما المشركون مثل لما يجب أن يكون عليه جندي الدعوة الصادق مع قائده الأمين حين يحدق به الخطر من خوف وإشفاق على حياته، فما كان أبو بكر ساعتئذ بالذي يخشى على نفسه من الموت، ولو كان كذلك، لما رافق الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الهجرة الخطيرة وهو يعلم أن أقل جزائه القتل إن أمسكه المشركون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان يخشى على حياة الرسول الكريم، وعلى مستقبل الإسلام إن وقع الرسول صلى الله عليه وسلم في قبضة المشركين.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]10-[/b] [/font][b]وفي جواب الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر تطمينا له على قلقه « يا أبابكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما» مثل من أمثلة الصدق في الثقة بالله والاطمئنان إلى نصره، والاتكال عليه عند الشدائد، وهو دليل واضح على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوى النبوة، فهو في أشد المآزق حرجا ومع ذلك تبدو عليه أمارات الاطمئنان إلى أن الله [الذي] بعثه هدى ورحمة للناس لن يتخلى عنه في تلك الساعات، فهل مثل هذا الاطمئنان يصدر عن مدع للنبوة، منتحل صفة الرسالة؟ وفي مثل هذه الحالات يبدو الفرق واضحا بين دعاة الإصلاح وبين المدعين له والمنتحلين لاسمه، أولئك تفيض قلوبهم دائما وأبدا بالرضى عن الله، والثقة بنصره، وهؤلاء يتهاوون عند المخاوف، وينهارون عند الشدائد، ثم لا تجد لهم من دون الله وليا ولا نصيرا.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]11-[/b] [/font][b]ويبدو لنا من موقف سراقة حين أدرك الرسول صلى الله عليه وسلم وعجزه عن الوصول إليه دليل على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كانت قوائم فرسه تسيخ في الرمل وهي متجهة صوب الرسول، حتى إذا نزل عنها ووجهها شطر مكة نشطت من كبوتها، فإذا أراد أن يعيدها كرة في اتجاه الرسول صلى الله عليه وسلم عادت إلى عجزها وكعِّها [ضعفها]، أفترى هذا يقع إلا لنبي مرسل مؤيد من الله بالنصر والعون؟ كلا، وهذا ما أدركه سراقة، فنادى الرسول بالأمان، وأدرك أن للرسول صلى الله عليه وسلم من العناية الإلهية ما تعجز عن إدراكه قوى البشر، فرضي أن يخسر الجائزة ويفوز بالوعد.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]12-[/b] [/font][b]وفي وعد الرسول صلى الله عليه وسلم لسراقة بسواري كسرى معجزة أخرى، فالإنسان الذي يبدو هاربا من وجه قومه لا يؤمل في فتح الفرس والاستيلاء على كنوز كسرى، إلا أن يكون نبيا مرسلا، ولقد تحقق وعد الرسول صلى الله عليه وسلم له، وطالب كسرى عمر بن الخطاب بإنفاذ وعد الرسول صلى الله عليه وسلم له حين رأى سواري كسرى في الغنائم، فألبسهما عمر سراقة على ملأ من الصحابة، وقال: «الحمد لله الذي سلب كسرى سواريه وألبسهما سراقة بن جعشم الأعرابي» وهكذا تتوالى المعجزات في هذه الهجرة واحدة بعد أخرى ليزداد المؤمنون ويستيقن الذين أوتوا الكتاب من المترددين والجاحدين أنه رسول من رب العالمين.[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]13-[/b] [/font][b]كانت فرحة المؤمنين من سكان يثرب من أنصار ومهاجرين بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصوله إليهم سالما فرحة أخرجت النساء من بيوتهن والولائد، وحملت الرجال على ترك أعمالهم، وكان موقف يهود المدينة موقف المشارك في الفرحة ظاهرا، والمتألم من منافسة الزعامة الجديدة باطنا، أما فرحة المؤمنين بلقاء رسولهم، فلا عجب فيها وهو الذي أنقذهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، وأما موقف اليهود فلا غرابة فيه وهم الذين عرفوا بالملق والنفاق للمجتمع الذي فقدوا السيطرة عليه، وبالغيظ والحقد الأسود ممن يسلبهم زعامتهم على الشعوب، ويحول بينهم وبين سلب أموالها باسم القروض، وسفك دمائها باسم النصح والمشورة، وما زال اليهود يحقدون على كل من يخلص الشعوب من سيطرتهم، وينتهون من الحقد إلى الدس والمؤامرات، ثم إلى الاغتيال إن استطاعوا، ذلك ديدنهم، وتلك جبلتهم، وقد فعلوا مثل ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد استقراره بالمدينة، برغم ما أمضاه بينه وبينهم على التعاون والتعايش بسلامن ولكن اليهود قوم يشعلون نار الحروب دائما وأبدا، و{كُلَّمَا[font=simplified arabic] [/font]أَوْقَدُواْ[font=simplified arabic] [/font]نَارًا[font=simplified arabic] [/font]لِّلْحَرْبِ[font=simplified arabic] [/font]أَطْفَأَهَا[font=simplified arabic] [/font]اللّهُ} [المائدة:64].[font=simplified arabic][/font][/b] [font=times new roman][b]14-[/b] [/font][b]من وقائع الهجرة إلى المدينة تبين لنا أنه صلى الله عليه وسلم ما أقام بمكان إلا كان أول ما يفعله بناء مسجد يجتمع فيه المؤمنون فقد أقام مسجد قباء حين اقام فيها أربعة أيام، وبنى مسجدا في منتصف الطريق بين قباء والمدينة لما أدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن الوادي « وادي رانوناء».[font=simplified arabic][/font][/b] [b] فلما أن وصل إلى المدينة، كان أول عمل عمله بناء مسجد فيها.[/b] [b] وهذا يدلنا على أهمية المسجد في الإسلام، وعبادات الإسلام كلها تطهير للنفس، وتزكية للأخلاق، وتقوية لأواصر التعاون بين المسلمين، وصلاة الجماعة والجمعة والعيدين، مظهر قوي من مظاهر اجتماع المسلمين، ووحدة كلمتهم، وأهدافهم، وتعاونهم على البر والتقوى، لا جرم أن كان للمسجد رسالة اجتماعية وروحية عظيمة الشأن في حياة المسلمين، فهو الذي يوحد صفوفهم، ويهذب نفوسهم، ويوقظ قلوبهم وعقولهم، ويحل مشاكلهم، وتظهر فيه قوتهم وتماسكهم.[/b] [b] ولقد أثبت تاريخ المسجد في الإسلام أنه منه انطلقت جحافل الجيوش الإسلامية لغمر الأرض بهداية الله، ومنه انبعثت أشعة النور والهداية للمسلمين وغيرهم، وفيه ترعرعت بذور الحضارة الإسلامية ونمت، وهل كان أبوبكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وخالد، وسعد، وأبو عبيدة وأمثالهم من عظماء التاريخ الإسلامي إلا تلامذة المدرسة المحمدية التي كان مقرها المسجد النبوي.[/b] [b] وميزة أخرى للمسجد في الإسلام أنه تنبعث منه في كل أسبوع كلمة الحق مدوية مجلجلة على لسان خطيبه، في إنكار منكر أو أمر بمعروف، أو دعوة إلى خير أو إيقاظ من غفلة، أو دعوة إلى تجمع، أو احتجاج على ظالم، أو تحذير لطاغية، ولقد شاهدنا في عصر الطفولة كيف كانت المساجد مراكز الانطلاق للحركات الوطنية ضد المستعمرين الفرنسيين، يلجأ إليها زعماء الجهاد ضد الاستعمار وضد الصهيونية، وإذا كنا نرى تعطيلها اليوم عن القيام بوظيفتها الكبرى، فما ذلك إلا ذنب بعض الخطباء من الموظفين المرتزقين، أو الجاهلين الغافلين، ويوم يعتلي منابرها ويؤم محاريبها دعاة أشداء في الحق، علماء بالشريعة، مخلصون لله ولرسوله، ناصحون لأئمة المسلمين وعامتهم، يعود للمسجد في مجتمعنا الإسلامي مكان الصدارة في مؤسساتنا الاجتماعية، ويعود المسجد ليعمل عمله في تربية الرجال، وإخراج الأبطال، وإصلاح الفساد، ومحاربة المنكر، وبناء المجتمع على أساس من تقوى الله ورضوانه.[/b] [b] وإنا لنأمل ذلك إن شاء الله حين تحتل هذه الطليعة الطاهرة من شبابنا المؤمن المثقفة بدين الله المتخلقة بأخلاق رسول الله منابره وأرجاءه.[/b] [font=times new roman][b]15-[/b] [/font][b]في مؤخاة الرسول بين المهاجرين والأنصار أقوى مظهر من مظاهر عدالة الإسلام الإنسانية الأخلاقية البناءة، فالمهاجرون قوم تركوا في سبيل الله أموالهم وأراضيهم، فجاؤوا المدينة لا يملكون من حطام الدنيا شيئا، والأنصار قوم أغنياء بزروعهم وأموالهم وصناعتهم، فليحمل الأخ أخاه، وليقتسم معه سراء الحياة وضراءها، ولينزله في بيته مادام فيه متسع لهما، وليعطه نصف ماله ما دام غنيا عنه، موفرا له، فأية عدالة اجتماعية في الدنيا تعدل هذه الأخوة؟[font=simplified arabic][/font][/b] [b] إن الذين ينكرون أن يكون الإسلام عدالة اجتماعية، قوم لا يريدون أن يبهر نور الإسلام أبصار الناس ويستولي على قلوبهم، أو قوم جامدون يكرهون كل لفظ جديد ولو أحبه الناس وكان في الإسلام مدلوله، وإلا فكيف تنكر العدالة الاجتماعية في الإسلام وفي تاريخه هذه المؤاخاة الفذة في التاريخ، وهي التي عقدها صاحب الشريعة محمد صلى الله عليه وسلم بنفسه، وطبقها بإشرافه، وأقام على أساسها أول مجتمع ينشؤه، وأول دولة يبنيها؟[/b] [b] سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم..[/b] [font=times new roman][b]16-[/b] [/font][b] وفي الكتاب الذي عقد فيه الرسول الأخوة بين المهاجرين والأنصار، والتعاون بين المسلمين وغيرهم جملة من الأدلة التي لا ترَدُّ على أن أساس الدولة الإسلامية قائم على العدالة الاجتماعية، وأن أساس العلائق بين المسلمين وغيرهم هو السلم ما سالموا، وأن مبدأ الحق والعدل والتعاون على البر والتقوى والعمل لخير الناس، ودفع أذى الأشرار عن المجتمع، هو أبرز الشعارات التي تنادي بها دولة الإسلام، وبذلك تكون الدولة الإسلامية أينما قامت، وفي أي عصر نشأت قائمة على أقوم المبادئ وأعدلها، وهي تنطبق اليوم على أكرم المبادئ التي تقوم عليها الدول، وتعيش في ظلها الشعوب، وإن العمل في عصرنا هذا لإقامة دولة في مجتمعنا الإسلامي تركز قواعدها على مبادئ الإسلام عمل يتفق مع تطور الفكر الإنساني في مفهوم الدولة، عدا أنه يحقق للمسلمين بناء مجتمع من أقوى المجتمعات وأكملها وأسعدها وأرقاها.[font=simplified arabic][/font][/b] [b]وأيا ما كان فإن من مصلحتنا أن تبنى الدولة عندنا على أساس الإسلام، وفي ترك ذلك خرابنا ودمارنا، والإسلام لا يؤذي غير المسلمين في الوطن الإسلامي، ولا يضطهد عقائدهم، ولا ينتقص من حقوقهم، ففيم الخوف من إلزام الدول في البلاد الإسلامية بتنفيذ شرائع الإسلام، وإقامة أحكامه وهي كلها عدل وحق وقوة وإخاء وتكافل اجتماعي شامل على أساس من الإخاء والحب والتعاون الكريم؟ إننا لن نخلص من الاستعمار، إلا بالمناداة بالإسلام، وفي سبيل ذلك فليعمل العاملون {وَلَوْ[font=simplified arabic] [/font]أَنَّ[font=simplified arabic] [/font]أَهْلَ[font=simplified arabic] [/font]الْقُرَى[font=simplified arabic] [/font]آمَنُواْ[font=simplified arabic] [/font]وَاتَّقَواْ[font=simplified arabic] [/font]لَفَتَحْنَا[font=simplified arabic] [/font]عَلَيْهِم[font=simplified arabic] [/font]بَرَكَاتٍ مِّنَ[font=simplified arabic] [/font]السَّمَاء[font=simplified arabic] [/font]وَالأَرْضِ} [الأعراف: 96] {وَأَنَّ[font=simplified arabic] [/font]هَـذَا[font=simplified arabic] [/font]صِرَاطِي[font=simplified arabic] [/font]مُسْتَقِيمًا[font=simplified arabic] [/font]فَاتَّبِعُوهُ[font=simplified arabic] [/font]وَلاَ[font=simplified arabic] [/font]تَتَّبِعُواْ[font=simplified arabic] [/font]السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ[font=simplified arabic] [/font]بِكُمْ[font=simplified arabic] [/font]عَن[font=simplified arabic] [/font]سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] {وَمَن[font=simplified arabic] [/font]يَتَّقِ[font=simplified arabic] [/font]اللَّهَ[font=simplified arabic] [/font]يَجْعَل[font=simplified arabic] [/font]لَّهُ[font=simplified arabic] [/font]مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ[font=simplified arabic] [/font]حَيْثُ[font=simplified arabic] [/font]لَا[font=simplified arabic] [/font]يَحْتَسِبُ[font=simplified arabic] [/font]وَمَن[font=simplified arabic] [/font]يَتَوَكَّلْ[font=simplified arabic] [/font]عَلَى[font=simplified arabic] [/font]اللَّهِ[font=simplified arabic] [/font]فَهُوَ[font=simplified arabic] [/font]حَسْبُهُ[font=simplified arabic] [/font]إِنَّ[font=simplified arabic] [/font]اللَّهَ بَالِغُ[font=simplified arabic] [/font]أَمْرِهِ[font=simplified arabic] [/font]قَدْ[font=simplified arabic] [/font]جَعَلَ[font=simplified arabic] [/font]اللَّهُ[font=simplified arabic] [/font]لِكُلِّ[font=simplified arabic] [/font]شَيْءٍ[font=simplified arabic] [/font]قَدْرًا } [الطلاق: 2] {وَمَن[font=simplified arabic] [/font]يَتَّقِ[font=simplified arabic] [/font]اللَّهَ[font=simplified arabic] [/font]يَجْعَل[font=simplified arabic] [/font]لَّهُ[font=simplified arabic] [/font]مِنْ[font=simplified arabic] [/font]أَمْرِهِ[font=simplified arabic] [/font]يُسْرًا} [الطلاق: 4] {وَمَن[font=simplified arabic] [/font]يَتَّقِ[font=simplified arabic] [/font]اللَّهَ[font=simplified arabic] [/font]يُكَفِّرْ[font=simplified arabic] [/font]عَنْهُ[font=simplified arabic] [/font]سَيِّئَاتِهِ[font=simplified arabic] [/font]وَيُعْظِمْ[font=simplified arabic] [/font]لَهُ[font=simplified arabic] [/font]أَجْرًا} [الطلاق: 5].[/b] [/b][/color] [/b][/color][/size][/font] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن السيـره العـطره و الاحاديث النبويـــه
.مصادر السيرة النبوية: