الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن السيـره العـطره و الاحاديث النبويـــه
شرح الأربعين النووية لابن عثيمين رحمه الله
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="أم حذيفة" data-source="post: 46261" data-attributes="member: 1"><p style="text-align: center"><p style="text-align: center"><p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">الحديث الرابع والعشرون</span></span></p> </p></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'"><span style="font-size: 22px">عَنْ أَبي ذرٍّ الغِفَارْي رضي الله عنه عَن النبي صلى الله عليه وسلم فيمَا يَرْويه عَنْ رَبِِّهِ عزَّ وجل أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِيْ إِنِّيْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِيْ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً فَلا تَظَالَمُوْا، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوْنِي أَهْدِكُمْ، يَاعِبَادِيْ كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ فَتَضُرُّوْنِيْ وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ فَتَنْفَعُوْنِيْ، يَاعِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فَيْ مُلْكِيْ شَيْئَاً. يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِيْ شَيْئَاً، يَا عِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ)</span><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn1" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[165]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> رواه مسلم.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">الشرح</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"قوله فيمَا يَرْويَهُ" الرواية نقل الحديث "عَنْ رَبِِّهِ" أي عن الله عزّ وجل، وهذا الحديث يسمى عند المحدثين قدسياً، والحديث القدسي: كل ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عزّ وجل.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">لأنه منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم تبليغاً، وليس من القرآن بالإجماع، وإن كان كل واحد منهما قد بلغه النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن الله عزّ وجل.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">وقد اختلف العلماء رحمهم الله في لفظ الحديث القدسي: هل هو كلام الله تعالى، أو أن الله تعالى أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم معناه، واللفظ لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ على قولين:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">القول الأول: أن الحديث القدسي من عند الله لفظه ومعناه،لأن النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إلى الله تعالى، ومن المعلوم أن الأصل في القول المضاف أن يكون بلفظ قائله لا ناقله،لا سيما أن النبي صلى الله عليه وسلم أقوى الناس أمانةً وأوثقهم روايةً.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">القول الثاني: أن الحديث القدسي معناه من عند الله ولفظه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لوجهين:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">الوجه الأول: لو كان الحديث القدسي من عند الله لفظاً و معنى؛لكان أعلى سنداً من القرآن؛لأن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه تعالى بدون واسطة؛كما هو ظاهر السياق، أما القرآن فنزل على النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام؛كما قال تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُس من ربك )(النحل: الآية102) ، وقال: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء:193-195].</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">الوجه الثاني:أنه لو كان لفظ الحديث القدسي من عند الله؛لم يكن بينه وبين القرآن فرق؛ لأن كليهما على هذا التقدير كلام الله تعالى،والحكمة تقتضي تساويهما في الحكم حين اتفقا في الأصل،ومن المعلوم أن بين القرآن والحديث القدسي فروق كثيرة:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">منها:أن الحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته،بمعنى أن الإنسان لايتعبد الله تعالى بمجرد قراءته؛فلا يثاب على كل حرف منه عشر حسنات،والقرآن يتعبد بتلاوته بكل حرف منه عشر حسنات.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ومنها: أن الله عزّ وجل تحدى أن يأتي الناس بمثل القرآن أو آية منه،ولم يرد مثل ذلك في الأحاديث القدسية.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ومنها:أن القرآن محفوظ من عند الله عزّ وجل؛ كما قال سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)</span> <span style="font-family: 'Arabic Transparent'">؛ والأحاديث القدسية بخلاف ذلك؛ ففيها الصحيح والحسن،بل أضيف إليها ما كان ضعيفاً أو موضوعاً، وهذا وإن لم يكن منها لكن نسب إليها وفيها التقديم والتأخير والزيادة والنقص.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ومنها:أن القرآن لا تجوز قراءته بالمعنى بإجماع المسلمين، أما الأحاديث القدسية؛ فعلى الخلاف في جواز نقل الحديث النبوي بالمعنى والأكثرون على جوازه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ومنها:أن القرآن تشرع قراءته في الصلاة، ومنه ما لا تصح الصلاة بدون قراءته، بخلاف الأحاديث القدسية.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ومنها: أن القرآن لا يمسّه إلا طاهر على الأصح، بخلاف الأحاديث القدسية.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ومنها:أن القرآن لا يقرؤه الجنب حتى يغتسل على القول الراجح،بخلاف الأحاديث القدسية.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ومنها:أن القرآن ثبت بالتواتر القطعي المفيد للعلم اليقيني، فلو أنكر منه حرفاً أجمع القراء عليه؛ لكان كافراً، بخلاف الأحاديث القدسية؛ فإنه لو أنكر شيئاً منها مدعّياً أنه لم يثبت؛ لم يكفر، أما لو أنكره مع علمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؛ لكان كافراً لتكذيبه النبي صلى الله عليه وسلم .</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">وأجاب هؤلاء عن كون النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إلى الله، والأصل في القول المضاف أن يكون لفظ قائله بالتسليم أن هذا هو الأصل، لكن قد يضاف إلى قائله معنى لا لفظاً؛ كما في القرآن الكريم؛ فإن الله تعالى يضيف أقوالاً إلى قائليها، ونحن نعلم أنها أضيفت معنى لا لفظاً، كما في قصص الأنبياء وغيرهم، وكلام الهدهد والنملة؛ فإنه بغير هذا اللفظ قطعاً.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">وبهذا يتبين رجحان هذا القول، وليس الخلاف في هذا كالخلاف بين الأشاعرة وأهل السنة في كلام الله تعالى؛ لأن الخلاف بين هؤلاء في أصل كلام الله تعالى؛ فأهل السنة يقولون: كلام الله تعالى كلام حقيقي مسموع يتكلم سبحانه بصوت وحرف، والأشاعرة لا يثبتون ذلك، وإنما يقولون: كلام الله تعالى هو المعنى القائم بنفسه، وليس بحرف وصوت، ولكن الله تعالىيخلق صوتاً يعبّر به عن المعنى القائم بنفسه، ولا شك في بطلان قولهم، وهو في الحقيقة قول المعتزلة، لأن المعتزلة يقولون القرآن مخلوق، وهو كلام الله، وهؤلاء يقولون: القرآن مخلوق، وهو عبارة عن كلام الله، فقد اتفق الجميع على أن ما بين دفتي المصحف مخلوق.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ثم لو قيل في مسألتنا - الكلام في الحديث القدسي -: إن الأَولَى ترك الخوض في هذا؛ خوفاً من أن يكون من التنطّع الهالك فاعله، والاقتصار على القول بأن الحديث القدسي ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه وكفى؛ لكان ذلك كافياً، ولعله أسلم والله أعلم.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">نداءٌ من الله عزّ وجل أبلغنا به أصدق المخبرين وهو محمد صلى الله عليه وسلم.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">وقوله: "يَاعِبَادِي" يشمل كل من كان عابداً بالعبودية العامة والعبودية الخاصة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"إِنِّي حَرَّمتُ الظُّلمَ عَلَى نَفسِي" أي منعته مع قدرتي عليه، وإنما قلنا: مع قدرتي عليه لأنه لو كان ممتنعاً على الله لم يكن ذلك مدحاً ولاثناءً، إذ لايُثنى على الفاعل إلا إذا كان يمكنه أن يفعل أو لا يفعل.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فلو سألنا سائل مثلاً وقال: هل يقدر الله أن يظلم الخلق؟</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فالجواب: نعم، لكن نعلم أن ذلك مستحيل بخبره، حيث قال: (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [الكهف:49].</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"وَجَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً" أي صيّرته بينكم محرماً.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"فَلا تَظَالَمُوا" هذا عطف معنوي على قوله: "جَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً" أي فبناء على كونه محرماً لاتظالموا، أي لا يظلم بعضكم بعضاً.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"</span> <span style="font-family: 'Arabic Transparent'">يَا عِبَاديَ كُلُّكُم ضَالٌّ" أي تائه عن الطريق المستقيم "إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ" أي علمته ووفقته، و علمته هذه هداية الإرشاد و وفقته هداية التوفيق.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"فَاستَهدُونِي أَهدِكُمْ" أي اطلبوا مني الهداية لامن غيري أهدكم، وهذا جواب الأمر، وهذا كقوله: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر:60] </span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"يَاعِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ" أي كلكم جائع إلا من أطعمه الله، وهذا يشمل ما إذا فقد الطعام، أو وجد ولكن لم يتمكن الإنسان من الوصول إليه، فالله هو الذي أنبت الزرع، وهو الذي أدرّ الضرع، وهو الذي أحيا الثمار، واقرأ من سورة الواقعة من قول الله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ*</span> <span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ*نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ*عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ*و َلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ*أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ*إِنَّا لَمُغْرَمُونَ* بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* <strong>لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ*</strong> أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ* نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [الواقعة:58-74] ، تجد كيف تحدّى الله الخلق في هذه الآيات لابالنسبة للمأكول، ولا المشروب، ولا ما يصلح به المأكول والمشروب. فكلّنا جائع إلا من أطعمه الله.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">كذلك أيضاً يمكن أن يوجد الطعام لكن قد لا يتمكن الإنسان منه:إما لكونه محبوساً، أو مصاباً بمرض، أو بعيداً عن المحل الخصب والرخاء.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"فَاسْتَطْعِمُونِي" أي اطلبوا مني الإطعام، وإذا طلبتم ذلك ستجدونه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"</span> <span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أُطْعِمْكُمْ" أطعم: فعل مضارع مجزوم على أنه جواب الأمر.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"يَاعِبَادِي كُلُّكُم عَارٍ" فكلنا عار، لأننا خرجنا من بطون أمهاتناعراة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"إِلاّ مَنْ كَسَوتُهُ فَاستَكْسُونِي أَكْسُكُمْ" سواء كان من فعل الإنسان كالكبير يشتري الثوب، أو من فعل غيره كالصغير يُشترى له الثوب، وربما يقال: إنه يشمل لباس الدين، فيشمل الكسوتين: كسوة الجسد الحسيّة، وكسوة الروح المعنوية.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"يَاعِبَادي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ" أي تجانبون الصواب، لأن الأعمال إما خطأ وإما صواب، فالخطأ مجانبة الصواب وذلك إما بترك الواجب، وإما بفعل المحرّم.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">وقوله: بِالَّليْلِ الباء هنا بمعنى: (في) كما هي في قول الله تعالى: (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ*وَبِاللَّيْل) [الصافات:137-138] أي وفي الليل.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"وَأَنَا أَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً" أي أسترها وأتجاوز عنها مهما كثرت، ومهما عظمت، ولكن تحتاج إلى الاستغفار.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"فَاستَغفِرُونِي أَغْفِر لَكُم" أي اطلبوا مغفرتي، إما بطلب المغفرة كأن يقول: اللهم اغفر لي، أو: أستغفر الله وأتوب إليه. وإما بفعل ما تكون به المغفرة، فمن قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه ولوكانت مثل زبد البحر.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"يَاعِبَاديَ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّيْ فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُونِي" أي لن تستطيعوا أن تضروني ولا أن تنفعوني، لأن الضار والنافع هو الله عزّ وجل والعباد لايستطيعون هذا، وذلك لكمال غناه عن عباده عزّ وجل.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"</span> <span style="font-family: 'Arabic Transparent'">يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتقَى قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئَاً" يعني لو أن كل العباد من الإنس والجن الأولين والآخرين كانوا على أتقى قلب رجل ما زاد ذلك في ملك الله شيئاً، وذلك لأن ملكه عزّ وجل عام واسع لكل شيء، للتقيّ والفاجر.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ووجه قوله: "مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلكِي شَيئَاً" أنهم إذا كانوا على أتقى قلب رجل واحد كانوا من أولياء الله، وأولياء الله عزّ وجل جنوده، وجنوده يتسع بهم ملكه، كما لوكان للملك من ملوك الدنيا جنود كثيرون فإن ملكه يتسع بجنوده.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ثم قال: "يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفجَرِ قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِن مُلْكِي شَيْئَاً" ووجه ذلك: أن الفاجر عدو لله عزّ وجل فلا ينصر الله، ومع هذا لاينقص من ملكه شيئاً لأن الله تعالى غني عنه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلونِي فَأَعطَيتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسأَلَتَهُ" أي إذا قاموا في أرض واحدة منبسطة، وذلك لأنه كلما كثر الجمع كان ذلك أقرب إلى الإجابة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحرَ" وهذا من باب المبالغة في عدم النقص، لأن كل واحد يعلم أنك لو أدخلت المخيط وهو الإبرة الكبيرة في البحر ثم أخرجتها فإنها لا تنقص البحر شيئاً ولا تغيره، وهذاكقوله تعالى: ( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)(الأعراف: الآية40) </span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">إذ من المعلوم أن الجمل لايمكن أن يدخل في سم الخياط، فيكون هذا مبالغة في عدم دخولهم الجنة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'"><span style="font-size: 22px">كذلك هنا من المعلوم أن المخيط لو أدخل في البحر لم ينقص شيئاً، فكذلك لو أن أول الخلق وآخرهم وإنسهم وجنهم سألوا الله عزّ وجل وأعطى كل إنسان مسألته مهما بلغت فإن ذلك لاينقص ما عنده إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، ومن المعلوم أن المخيط إذا أدخل البحر لاينقص البحر شيئاً، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "يَدُ اللهِ مَلأى سحَّاءَ" أي كثيرة العطاء "الَّليلَ والنَّهَارَ" أي في الليل والنهار "أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرض فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ" أي لم ينقص "مَا فِي يَمِيْنِهِ"</span><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn2" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[166]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> .</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">يَاعِبَادِيَ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ هذه جملة فيها حصر طريقه: (إنما) أي ما هي إلا أعمالكم أُحْصِيْهَا لَكُمْ أي أضبطها تماماً بالعدّ لازيادة ولانقصان، لأنهم كانوا في الجاهلية لايعرفون الحساب فيضبطون الأعداد بالحصى، وفي هذا يقول الشاعر:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ولستُ بالأكثر منهمْ حصى وإنّما العزّة للكاثرِ</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">يعني أن عددكم قليل، وإنما العزة للغالب في الكثرة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا" أي في الدنيا والآخرة، وقد يكون في الدنيا فقط، وقد يكون في الآخرة فقط.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">قد يكون في الدنيا فقط: فإن الكافر يجازى علىعمله الحسن لكن في الدنيا لا في الآخرة، والمؤمن قد يؤخر له الثواب في الآخرة، وقد يجازى به في الدنيا وفي الآخرة، قال الله تعالى: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (الشورى:20)</span> </span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'"><span style="font-size: 22px">وقال عزّ وجل: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيد)(الاسراء: الآية18) وقال عزّ وجل: ( وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) (الاسراء:19)</span></span> </p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">إذاً فالتوفية تكون في الدنيا دون الآخرة للكافر، أما المؤمن فتكون في الدنيا والآخرة جميعاً، أو في الآخرة فقط.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"</span> <span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ" أي من وجد خيراً من أعماله فليحمد الله على الأمرين: علىتوفيقه للعمل الصالح، وعلى ثواب الله له.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">"وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ" أي وجد شراً أو عقوبة "فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفسَهُ" لأنه لم يُظلم، واللوم: أن يشعر الإنسان بقلبه بأن هذا فعل غير لائق وغير مناسب، وربما ينطق بذلك بلسانه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">من فوائد هذا الحديث:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.1-</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عزّ وجل،وهذا أعلى مراتب السند، لأن غاية السند: إما الرب عزّ وجل وهذا في الأحاديث القدسية، وإما النبي صلى الله عليه وسلم وهذا في الأحاديث المرفوعة، وإما عن الصحابة وهذا في الأحاديث الموقوفة، وإما عن التابعين ومن بعدهم وهذا في الأحاديث المقطوعة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فإذا روينا أثراً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فنسميه موقوفاً لأنه صحابي، وإذا روينا أثراً عن مجاهد - رحمه الله - فنسميه مقطوعاً لأنه تابعي.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.2</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">إن أحسن ما يقال في الحديث القدسي: إنه ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عزّ وجل، ونقتصر علىهذا ولانبحث هل هو من قول الله لفظاً ومعنى، أو من قول الله معنى ومن لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن هذا فيه نوع من التكلّف وقد نهينا عن التكلّف، ونهينا عن التنطّع وعن التعمّق.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.3</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">إثبات القول لله عزّ وجل وهذا كثير في القرآن الكريم، وهو دليل على ما ذهب إليه أهل السنة من أن كلام الله يكون بصوت، إذ لا يطلق القول إلا على المسموع. </span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فإن قال قائل:أليس الله تعالىيقول: (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ)(المجادلة: الآية8) وهذا قول يقولونه بقلوبهم؟</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فالجواب: بلى، لكن هذا القول مقيد (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) وأما إذا أطلق القول فالمراد به مايُسمع.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.4</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أن الله تعالى قادر على الظلم لكنه حرّمه على نفسه لكمال عدله،وجه ذلك: أنه لو كان غير قادر عليه لم يثن على نفسه بتحريم الظلم لأنه غير قادر.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.5</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أن من صفات الله ماهو منفي مثل الظلم، ولكن اعلم أنه لايوجد في صفات الله عزّ وجل نفي إلا لثبوت ضده، فنفي الظلم يعني ثبوت العدل الكامل الذي لانقص فيه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.6</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'"><span style="font-size: 22px">أن لله عزّ وجل أن يحرم على نفسه ما شاء لأن الحكم إليه، فنحن لا نستطيع أن نحرم على الله لكن الله يحرم على نفسه ما شاء، كما أنه يوجب علىنفسه ما شاء. اقرأ قول الله تعالى: (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )(الأنعام: الآية12)وكتب عزّ وجل عنده: "إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي"</span><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn3" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[167]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> .</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فلو سألنا سائل: هل يحرم على الله شيء، وهل يجب على الله شيء؟</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فالجواب: أما إذا كان هو الذي أوجب على نفسه أو حرم فنعم، لأن له أن يحكم بما شاء. وأما أن نحرم بعقولنا على الله كذا وكذا، أو أن نوجب بعقولنا على الله كذا وكذا فلا، فالعقل لايوجب ولايحرم، وإنما التحريم والإيجاب إلى الله عزّ وجل.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">قال ابن القيم - رحمه الله - في النونية:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'"><span style="font-size: 22px">ما للعباد عليه حقٌّ واجبٌ هو أوجبَ الأجرَ العظيم الشانِ </span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">كلاَّ ولا عملٌ لديه ضائع ٌ إن كانَ بالإخلاصِ والإحسانِ</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">والإحسان يعني المتابعة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.7</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">إطلاق النفس على الذات لقوله: "عَلَى نَفْسِيْ" والمراد بنفسه ذاته عزّ وجل، كما قال تعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)(آل عمران: الآية28) وليس النفس صفة كسائر الصفات: كالسمع والعلم والقدرة، فالنفس يعني الذات، فقوله: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) يعني ذاته، وقوله هنا: "عَلَى نَفْسِي" يعني على ذاتي، وكلمة النفس أصوب من كلمة ذات لكن شاع بين الناس إطلاق الذات دون إطلاق النفس، ولكن الأصل العربي: النفس.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.8</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أن الله تعالى حرّم الظلم بيننا فقال: "وَجَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً" وهذا يشمل ظلم الإنسان نفسه وظلم غيره، لكن هو في المعنى الثاني أظهر لقوله: "فَلا تَظَالَمُوا" أي فلا يظلم بعضكم بعضاً، وإلا فمن المعلوم أن الظلم يكون للنفس ويكون للغير، قال الله تعالى: (وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) (هود: الآية101)</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ومدار الظلم على النقص كما قال الله تعالى: ( كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئا ً) (الكهف:33)</span> </span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ويدور على أمرين:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">إما منع واجب للغير، وإما تحميله ما لايجب عليه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'"><span style="font-size: 22px">مثال الأول: أن تمنع شخصاً من دين عليك فلا توفّيه، أو تماطل به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "مطْلُ الغَنِيِّ ظُلمٌ"</span><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn4" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[168]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> .</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ومثال الثاني: كأن تدعي عليه ديناً وتأتي بشهادة زور فيُحكم لك به، فهذا ظلم.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فإن قال قائل: هل يستثنى من قوله: "فَلا تَظَالَمُوا" شيء؟</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">الجواب: لا يستثنى.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فإن قال: أليس يجوز لنا أن نأخذ أموال الكفار المحاربين؟</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فالجواب: بلى، لكن هذا ليس بظلم، لأنه أبيح لنا هذا.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فإن قال قائل: وهل يحل لنا أموال المعاهدين؟</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'"><span style="font-size: 22px">فالجواب: لايحلّ لنا أموال المعاهدين ولا دماء المعاهدين، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدَاً لَم يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّة"</span><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn5" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[169]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> نسأل الله العافية.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">وبهذا نعرف عدوان وظلم وضلال أولئك المغرورين الذين يعتدون على أموال الكفار المعاهدين سواء كان الكافر عندك في بلدك وهو معاهد، أو أنت في بلده، فإننا نسمع من بعض الشباب الذين في بلاد الكفر من يقول: إنه لابأس أن نفسد أموال هؤلاء الكفار، فتجدهم يعتدون على أنوار الشوارع، ويعتدون على المتاجر، ويعتدون على السيارات وهذا حرام عليهم - سبحان الله - قوم احتضنوكم وأنتم في عهدهم وليسوا هم في عهدكم فتخونون، هذا أشد ما يكون تشويهاً للإسلام وقدحاً في الإسلام.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">والقدح هنا والتشويه ليس للإسلام في الواقع لكن لهؤلاء الذين ينتسبون للإسلام، ولذلك يجب أن نعلم أن أموال المعاهدين محترمة سواء كانوا معاهدين عندك أو أنت عندهم، فلا يحل الاعتداء عليهم لأنه ظلم.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.9</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أن الإنسان ضال إلا من هدى الله، ويتفرع على هذه الفائدة: </span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أن تسأل الله الهداية دائماً حتى لا تضلّ.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'"><span style="font-size: 22px">فإن قال قائل: هنا إشكال وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن كل مولود يولد على الفطرة</span><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn6" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[170]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px">،وهنا يقول: كلكم ضال؟</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كُلُّ مَولُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطرَةِ" لكن قال: "أَبَوَاه يُهَوِّدَانِهِ، أَو يُنَصِّرَانِهِ، أَو يُمَجِّسَانِهِ" وهنا يخاطبُ عزّ وجل المكلّفين الذين قد تكون تغيرت فطرتهم إلى ما كان عليه آباؤهم، فهم ضلاَّلٌ حتى يهديهم الله عزّ وجل.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.10</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">الحثّ على طلب العلم، لقوله: "كُلُّكُم ضَالٌّ" ولاشكّ" أن طلب العلم من أفضل الأعمال، بل قد قال الإمام أحمد - رحمه الله -: العلم لايعدله شيء لمن صحت نيته لاسيما في هذا الزمن الذي كثر فيه الجهل، وكثر فيه الظن وأفتى من لايستحق أن يفتي، فطلب العلم في هذا الزمان متأكد.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.11</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أن لاتطلب الهداية إلا من الله لقوله: "فَاستَهدُونِي أَهدِكُم".</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">ولكن الهداية نوعان: هداية التوفيق وهذه لاتطلب إلا من الله، إذ لايستطيع أحد أن يهديك هداية التوفيق إلا الله عزّ وجل. وهداية الدلالة: وهذه تصحّ أن تطلبها من غير الله ممن عنده علم بأن تقول: يافلان أفتني في كذا، أي اهدني إلى الحق فيه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">هل نقول إن قوله: "فَاستَهدُونِي" يدل على أن المراد هداية التوفيق، أو نقول إنه يشمل الهدايتين، وهداية الدلالة تكون باتباع الوسائل التي جعلها الله عزّ وجل سبباً للعلم؟</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">الجواب: الثاني، أي العموم.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.12</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أن العباد في الأصل جياع، لأنهم لايملكون أن يخلقوا ما تحيى به الأجساد كما في سورة الواقعة: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ* إِنَّا لَمُغْرَمُونَ*بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ*أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُون* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) [الواقعة:63-71] فالأصل أن الإنسان قاصر جائع إلا من أطعمه الله، ويتفرع على هذه الفائدة قوله: "فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ" أي اسألوني الطعام أطعمكم، وعليه فلا تلجأ في طلب الرزق إلا من الله عزّ وجل.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.13</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">وقوله: "اسْتَطْعِمُونِي" يشمل سؤال الله عزّ وجل الطعام،ويشمل السعي في الرزق وابتغاء فضل الله عزّ وجل كما قال تعالى في سورة الجمعة: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة: 10) </span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">وقال تعالى<img src="data:image/gif;base64,R0lGODlhAQABAIAAAAAAAP///yH5BAEAAAAALAAAAAABAAEAAAIBRAA7" class="smilie smilie--sprite smilie--sprite3" alt=":(" title="Frown :(" loading="lazy" data-shortname=":(" /></span> <span style="font-family: 'Arabic Transparent'">هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك: 15)</span> <span style="font-family: 'Arabic Transparent'">وإلا فمن المعلوم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا درهماً ولا خبزاً، بل لابد من السعي.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">14-</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أن الأصل في الإنسان العري حتى يكسوه الله عزّ وجل،وسبق شرح أنه في الأصل العري الحسي، وقد يراد به المعنوي أيضاً، وذلك لأن الإنسان خرج من بطن أمه عارياً ولا يكسوه إلا الله عزّ وجل بما قدره من الأسباب .</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">15-</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">كرم الله عزّ وجل حيث يعرض على عباده بيان حالهم وافتقارهم إليه، ثم يدعوهم إلى دعائه عزّ وجل حتى يزيل عنهم ما فيهم من الفقر والحاجة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">16-</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أن بني آدم خطاء،أي كثير الخطأ، كما قال الله عزّ وجل: (وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)(الأحزاب: الآية72)</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">17-</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أنه مهما كثرت الذنوب والخطايا فإن الله تعالى يغفرها، لكن يحتاج أن يستغفر الإنسان، ولهذا قال: "فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ" وقد سبق في الشرح أن الاستغفار يكون على وجهين:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">الوجه الأول:طلب المغفرة باللفظ بأن يقول: اللهم اغفر لي، أو أستغفر الله.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'"><span style="font-size: 22px">الوجه الثاني:طلب المغفرة بالأعمال الصالحة التي تكون سبباً لذلك كقوله: "مَنْ قَالَ:سُبحَانَ اَلله وَبِحَمْدِهِ في اليَوم مائَةَ مَرةَ غُفِرَت خَطَايَاه ُوَإِنْ كَانَت مِثْلُ زَبَدِ البَحْرِ"</span><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn7" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[171]</span></span></u></a></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">18-</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'"><span style="font-size: 22px">أن الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً، وهذا لمن استغفر ، لقوله عزّ وجل "فَاسْتَغْفِرُونِيْ" أما من لم يستغفر فإن الصغائر تكون مكفرة بالأعمال الصالحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الصلَواتِ الخَمسُ وَالجُمُعَة إِلى الجُمُعَةِ وَرَمَضَان إِلى رَمَضَان مُكَفِِّرَاتٌ لِمَا بَينَهُنَّ مَا اجتَنَبَ الكَبَائِرَ"</span><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn8" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[172]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> ، وأما الكبائر فلابد لها من توبة خاصة،فلا تكفرها الأعمال الصالحة،أما الكفر فلابد له من توبة بالإجماع.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فالذنوب على ثلاثة أقسام:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">قسم لابد فيه من توبة بالإجماع وهو الكفر .</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">والثاني:ما تكفره الأعمال الصالحة وهو الصغائر .</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">والثالث:ما لابد له من توبة- على خلاف في ذلك- لكن الجمهور يقولون:إن الكبائر لابد لها من توبة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">19-</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">كمال سلطان الله عزّ وجل وغناه عن خلقه، لقوله عزّ وجل: إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ ... وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ وذلك لكمال سلطانه عزّ وجل وكمال غناه، فكأنه تعالى قال: إنما طلبت منكم الاستغفار من الذنوب لالحاجتي لذلك ولا لتضرري بمعاصيكم ولكن المصلحة لكم.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">20-</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'"><span style="font-size: 22px">أن محل التقوى والفجور القلب، لقوله: "عَلَى أَتقَى قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ" "عَلَى أَفجَرِ قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ" ويشهد لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أَلاَ وَإِنَّ في الجَسَدِ مُضغَة إِذَا صَلُحَت صَلُحَ الجَسَد كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ"</span><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn9" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[173]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> ويتفرع على هذا: أنه يجب علينا أن نعتني بالقلب وننظر أين ذهب، وأين حلّ حتى نُطَهِّرهُ ونصفيه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.21</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">كمال غنى الله عزّ وجل وسعة غناه، لقوله:"يَا عِباديَ لَو أَنَّ أوَّلَكُم وَآَخِرَكُم وَ إِنسكُم وَ جِنكُم قَاموا في صَعيدٍ وَاحِدٍ..." فهذا يدل على سعة غنى الله عزّ وجل وسعة كرمه وجوده.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.22</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أنه يظهر أن اجتماع الناس في مكان واحد أقرب إلى الإجابة من تفرقهم، ولهذا أمِروا أن يجتمعوا في مسجد واحد في الجمعة، وأن يجتمعوا في مصلى العيد وفي الاستسقاء، وأن يجتمعوا في عرفات في مكان واحد، لأن ذلك أقرب إلى الإجابة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.23</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">جواز المبالغة بالقول ،لقوله: "إِلا كَمَا يَنقُصُ المِخيطُ إِذَا أُدخِلَ البَحرَ" وهذا له نظير كما في قوله تعالى: (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)(الأعراف: الآية40)</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.24</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أن الله عزّ وجل يحصي أعمال العباد، أي يضبطها بالعدد فلا ينقص أحداً شيئاً، قال الله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) [الزلزلة:7،8] وهذا على سبيل المبالغة،فلو عَمِلَ أدنى من مثقال الذرة لرآه، لكن لما كانت الذرة من أصغر المخلوقات مما تضرب به العرب المثل في الصغر قال: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ)[الزلزلة:7].</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.25</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أن الله عزّ وجل لا يظلم أحداً شيئاً، بل من عمل عملاً وجده، لقوله: "ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا".</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.26</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">وجوب الحمد لله عزّ وجل على من وجد خيراً، وذلك من وجهين:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">الأول:أن الله عزّ وجل يسره حتى عمله.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">الثاني:أن الله تعالى أثابه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.27</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">جواز تحدث الإنسان عن نفسه بصيغة الغائب، لقوله:"فَمَن وَجَدَ خَيرَاً فَليَحمد الله" دون أن يقال: فمن وجد خيراً فليحمدني، والعدول عن ضمير المتكلم إلى أن تكون الصيغة للغائب من باب التعظيم، كما يقول الملك مثلاً وهو يأمر: يقول لكم الملك افعلوا كذا وكذا، فهو أبلغ مما لو قال: أقول لكم افعلوا كذا وكذا.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px">.28</span><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">أن من تخلف عن العمل الصالح ولم يجد الخير فاللوم على نفسه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فإن قال قائل: كيف يكون اللوم على نفسي وأنا لم يقدر لي هذا؟</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'">فالجواب: أنك حين فعلت المعصية أو تركت الواجب لم تكن تعلم أنه قُدِرَ لك هذا، فالعاصي يقدم على المعصية وهو لا يعلم أنها كتبت عليه إلا إذا عملها، وكذلك تارك الواجب لا يعلم أنه كتب عليه ترك الواجب إلا إذا تركه، وإلا فلا يعلم، فاللوم عليك، فالرسل بلغت والقرآن حجة ومع ذلك تركت هذا كله،فاللوم عليك أنت ، والله الموفق. </span></span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"></span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: right"><p style="text-align: center"><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref1" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[165]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> أخرجه مسلم كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم الظلم، (2577)،(55)</span></p> </p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: right"><p style="text-align: center"><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref2" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[166]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> أخرجه البخاري- كتاب: التوحيد، باب: (وكان عرشه على الماء)..، (7419). ومسلم – كتاب: الزكاة، باب: الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف، (993)، (37)</span></p> </p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: right"><p style="text-align: center"><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref3" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[167]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> أخرجه البخاري- كتاب: التوحيد، باب، (7422). ومسلم- كتاب: التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، (2715)،(14).</span></p> </p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: right"><p style="text-align: center"><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref4" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[168]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> أخرجه البخاري – كتاب: الحوالات، باب: في الحوالة وهل يرجع في الحوالة، (2287). ومسلم – كتاب: المساقاة، باب: تحريم مطل الغني وصحة الحوالة واستحباب قبولها إذا أحيل على ملي، (1564)، (33)</span></p> </p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: right"><p style="text-align: center"><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref5" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[169]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> أخرجه البخاري – كتاب: الجزية والموادعة، باب: إثم من قتل معاهداً بغير جرم، (3166)</span></p> </p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: right"><p style="text-align: center"><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref6" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[170]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> أخرجه البخاري – كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المشركين، (1385). ومسلم – كتاب: القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين،(2658)، (22)</span></p> </p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: right"><p style="text-align: center"><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref7" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[171]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> أخرجه مسلم – كتاب: الذكر والدعاء، باب: فضل التهليل والتسبيح والدعاء، (2691)،(28)</span></p> </p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: right"><p style="text-align: center"><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref8" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[172]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> رواه مسلم في كتاب الطهارة، باب: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة (233)</span></p> </p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: right"><p style="text-align: center"><a href="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref9" target="_blank"><u><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0066cc">[173]</span></span></u></a><span style="font-size: 22px"> أخرجه البخاري- كتاب: الإيمان، باب: من استبرأ لدينه، (52). ومسلم – كتاب: المساقاة، باب: أخذ الحلال وترك الشبهات، (1599)،(107</span></p> </p> <p style="text-align: center"></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="أم حذيفة, post: 46261, member: 1"] [CENTER][CENTER][CENTER][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]الحديث الرابع والعشرون[/FONT][/SIZE][/CENTER][/CENTER] [FONT=Arabic Transparent][SIZE=6]عَنْ أَبي ذرٍّ الغِفَارْي رضي الله عنه عَن النبي صلى الله عليه وسلم فيمَا يَرْويه عَنْ رَبِِّهِ عزَّ وجل أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِيْ إِنِّيْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِيْ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً فَلا تَظَالَمُوْا، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوْنِي أَهْدِكُمْ، يَاعِبَادِيْ كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ فَتَضُرُّوْنِيْ وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ فَتَنْفَعُوْنِيْ، يَاعِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فَيْ مُلْكِيْ شَيْئَاً. يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِيْ شَيْئَاً، يَا عِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ)[/SIZE][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn1"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][165][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] رواه مسلم.[/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]الشرح[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"قوله فيمَا يَرْويَهُ" الرواية نقل الحديث "عَنْ رَبِِّهِ" أي عن الله عزّ وجل، وهذا الحديث يسمى عند المحدثين قدسياً، والحديث القدسي: كل ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عزّ وجل.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]لأنه منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم تبليغاً، وليس من القرآن بالإجماع، وإن كان كل واحد منهما قد بلغه النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن الله عزّ وجل.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]وقد اختلف العلماء رحمهم الله في لفظ الحديث القدسي: هل هو كلام الله تعالى، أو أن الله تعالى أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم معناه، واللفظ لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ على قولين:[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]القول الأول: أن الحديث القدسي من عند الله لفظه ومعناه،لأن النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إلى الله تعالى، ومن المعلوم أن الأصل في القول المضاف أن يكون بلفظ قائله لا ناقله،لا سيما أن النبي صلى الله عليه وسلم أقوى الناس أمانةً وأوثقهم روايةً.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]القول الثاني: أن الحديث القدسي معناه من عند الله ولفظه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لوجهين:[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]الوجه الأول: لو كان الحديث القدسي من عند الله لفظاً و معنى؛لكان أعلى سنداً من القرآن؛لأن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه تعالى بدون واسطة؛كما هو ظاهر السياق، أما القرآن فنزل على النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام؛كما قال تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُس من ربك )(النحل: الآية102) ، وقال: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء:193-195].[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]الوجه الثاني:أنه لو كان لفظ الحديث القدسي من عند الله؛لم يكن بينه وبين القرآن فرق؛ لأن كليهما على هذا التقدير كلام الله تعالى،والحكمة تقتضي تساويهما في الحكم حين اتفقا في الأصل،ومن المعلوم أن بين القرآن والحديث القدسي فروق كثيرة:[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]منها:أن الحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته،بمعنى أن الإنسان لايتعبد الله تعالى بمجرد قراءته؛فلا يثاب على كل حرف منه عشر حسنات،والقرآن يتعبد بتلاوته بكل حرف منه عشر حسنات.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ومنها: أن الله عزّ وجل تحدى أن يأتي الناس بمثل القرآن أو آية منه،ولم يرد مثل ذلك في الأحاديث القدسية.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ومنها:أن القرآن محفوظ من عند الله عزّ وجل؛ كما قال سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)[/FONT] [FONT=Arabic Transparent]؛ والأحاديث القدسية بخلاف ذلك؛ ففيها الصحيح والحسن،بل أضيف إليها ما كان ضعيفاً أو موضوعاً، وهذا وإن لم يكن منها لكن نسب إليها وفيها التقديم والتأخير والزيادة والنقص.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ومنها:أن القرآن لا تجوز قراءته بالمعنى بإجماع المسلمين، أما الأحاديث القدسية؛ فعلى الخلاف في جواز نقل الحديث النبوي بالمعنى والأكثرون على جوازه.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ومنها:أن القرآن تشرع قراءته في الصلاة، ومنه ما لا تصح الصلاة بدون قراءته، بخلاف الأحاديث القدسية.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ومنها: أن القرآن لا يمسّه إلا طاهر على الأصح، بخلاف الأحاديث القدسية.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ومنها:أن القرآن لا يقرؤه الجنب حتى يغتسل على القول الراجح،بخلاف الأحاديث القدسية.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ومنها:أن القرآن ثبت بالتواتر القطعي المفيد للعلم اليقيني، فلو أنكر منه حرفاً أجمع القراء عليه؛ لكان كافراً، بخلاف الأحاديث القدسية؛ فإنه لو أنكر شيئاً منها مدعّياً أنه لم يثبت؛ لم يكفر، أما لو أنكره مع علمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؛ لكان كافراً لتكذيبه النبي صلى الله عليه وسلم .[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]وأجاب هؤلاء عن كون النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إلى الله، والأصل في القول المضاف أن يكون لفظ قائله بالتسليم أن هذا هو الأصل، لكن قد يضاف إلى قائله معنى لا لفظاً؛ كما في القرآن الكريم؛ فإن الله تعالى يضيف أقوالاً إلى قائليها، ونحن نعلم أنها أضيفت معنى لا لفظاً، كما في قصص الأنبياء وغيرهم، وكلام الهدهد والنملة؛ فإنه بغير هذا اللفظ قطعاً.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]وبهذا يتبين رجحان هذا القول، وليس الخلاف في هذا كالخلاف بين الأشاعرة وأهل السنة في كلام الله تعالى؛ لأن الخلاف بين هؤلاء في أصل كلام الله تعالى؛ فأهل السنة يقولون: كلام الله تعالى كلام حقيقي مسموع يتكلم سبحانه بصوت وحرف، والأشاعرة لا يثبتون ذلك، وإنما يقولون: كلام الله تعالى هو المعنى القائم بنفسه، وليس بحرف وصوت، ولكن الله تعالىيخلق صوتاً يعبّر به عن المعنى القائم بنفسه، ولا شك في بطلان قولهم، وهو في الحقيقة قول المعتزلة، لأن المعتزلة يقولون القرآن مخلوق، وهو كلام الله، وهؤلاء يقولون: القرآن مخلوق، وهو عبارة عن كلام الله، فقد اتفق الجميع على أن ما بين دفتي المصحف مخلوق.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ثم لو قيل في مسألتنا - الكلام في الحديث القدسي -: إن الأَولَى ترك الخوض في هذا؛ خوفاً من أن يكون من التنطّع الهالك فاعله، والاقتصار على القول بأن الحديث القدسي ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه وكفى؛ لكان ذلك كافياً، ولعله أسلم والله أعلم.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]نداءٌ من الله عزّ وجل أبلغنا به أصدق المخبرين وهو محمد صلى الله عليه وسلم.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]وقوله: "يَاعِبَادِي" يشمل كل من كان عابداً بالعبودية العامة والعبودية الخاصة.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"إِنِّي حَرَّمتُ الظُّلمَ عَلَى نَفسِي" أي منعته مع قدرتي عليه، وإنما قلنا: مع قدرتي عليه لأنه لو كان ممتنعاً على الله لم يكن ذلك مدحاً ولاثناءً، إذ لايُثنى على الفاعل إلا إذا كان يمكنه أن يفعل أو لا يفعل.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فلو سألنا سائل مثلاً وقال: هل يقدر الله أن يظلم الخلق؟[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فالجواب: نعم، لكن نعلم أن ذلك مستحيل بخبره، حيث قال: (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [الكهف:49].[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"وَجَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً" أي صيّرته بينكم محرماً.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"فَلا تَظَالَمُوا" هذا عطف معنوي على قوله: "جَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً" أي فبناء على كونه محرماً لاتظالموا، أي لا يظلم بعضكم بعضاً.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"[/FONT] [FONT=Arabic Transparent]يَا عِبَاديَ كُلُّكُم ضَالٌّ" أي تائه عن الطريق المستقيم "إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ" أي علمته ووفقته، و علمته هذه هداية الإرشاد و وفقته هداية التوفيق.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"فَاستَهدُونِي أَهدِكُمْ" أي اطلبوا مني الهداية لامن غيري أهدكم، وهذا جواب الأمر، وهذا كقوله: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر:60] [/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"يَاعِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ" أي كلكم جائع إلا من أطعمه الله، وهذا يشمل ما إذا فقد الطعام، أو وجد ولكن لم يتمكن الإنسان من الوصول إليه، فالله هو الذي أنبت الزرع، وهو الذي أدرّ الضرع، وهو الذي أحيا الثمار، واقرأ من سورة الواقعة من قول الله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ*[/FONT] [FONT=Arabic Transparent]أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ*نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ*عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ*و َلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ*أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ*إِنَّا لَمُغْرَمُونَ* بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* [B]لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ*[/B] أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ* نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [الواقعة:58-74] ، تجد كيف تحدّى الله الخلق في هذه الآيات لابالنسبة للمأكول، ولا المشروب، ولا ما يصلح به المأكول والمشروب. فكلّنا جائع إلا من أطعمه الله.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]كذلك أيضاً يمكن أن يوجد الطعام لكن قد لا يتمكن الإنسان منه:إما لكونه محبوساً، أو مصاباً بمرض، أو بعيداً عن المحل الخصب والرخاء.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"فَاسْتَطْعِمُونِي" أي اطلبوا مني الإطعام، وإذا طلبتم ذلك ستجدونه.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"[/FONT] [FONT=Arabic Transparent]أُطْعِمْكُمْ" أطعم: فعل مضارع مجزوم على أنه جواب الأمر.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"يَاعِبَادِي كُلُّكُم عَارٍ" فكلنا عار، لأننا خرجنا من بطون أمهاتناعراة.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"إِلاّ مَنْ كَسَوتُهُ فَاستَكْسُونِي أَكْسُكُمْ" سواء كان من فعل الإنسان كالكبير يشتري الثوب، أو من فعل غيره كالصغير يُشترى له الثوب، وربما يقال: إنه يشمل لباس الدين، فيشمل الكسوتين: كسوة الجسد الحسيّة، وكسوة الروح المعنوية.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"يَاعِبَادي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ" أي تجانبون الصواب، لأن الأعمال إما خطأ وإما صواب، فالخطأ مجانبة الصواب وذلك إما بترك الواجب، وإما بفعل المحرّم.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]وقوله: بِالَّليْلِ الباء هنا بمعنى: (في) كما هي في قول الله تعالى: (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ*وَبِاللَّيْل) [الصافات:137-138] أي وفي الليل.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"وَأَنَا أَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً" أي أسترها وأتجاوز عنها مهما كثرت، ومهما عظمت، ولكن تحتاج إلى الاستغفار.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"فَاستَغفِرُونِي أَغْفِر لَكُم" أي اطلبوا مغفرتي، إما بطلب المغفرة كأن يقول: اللهم اغفر لي، أو: أستغفر الله وأتوب إليه. وإما بفعل ما تكون به المغفرة، فمن قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه ولوكانت مثل زبد البحر.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"يَاعِبَاديَ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّيْ فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُونِي" أي لن تستطيعوا أن تضروني ولا أن تنفعوني، لأن الضار والنافع هو الله عزّ وجل والعباد لايستطيعون هذا، وذلك لكمال غناه عن عباده عزّ وجل.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"[/FONT] [FONT=Arabic Transparent]يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتقَى قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئَاً" يعني لو أن كل العباد من الإنس والجن الأولين والآخرين كانوا على أتقى قلب رجل ما زاد ذلك في ملك الله شيئاً، وذلك لأن ملكه عزّ وجل عام واسع لكل شيء، للتقيّ والفاجر.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ووجه قوله: "مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلكِي شَيئَاً" أنهم إذا كانوا على أتقى قلب رجل واحد كانوا من أولياء الله، وأولياء الله عزّ وجل جنوده، وجنوده يتسع بهم ملكه، كما لوكان للملك من ملوك الدنيا جنود كثيرون فإن ملكه يتسع بجنوده.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ثم قال: "يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفجَرِ قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِن مُلْكِي شَيْئَاً" ووجه ذلك: أن الفاجر عدو لله عزّ وجل فلا ينصر الله، ومع هذا لاينقص من ملكه شيئاً لأن الله تعالى غني عنه.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلونِي فَأَعطَيتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسأَلَتَهُ" أي إذا قاموا في أرض واحدة منبسطة، وذلك لأنه كلما كثر الجمع كان ذلك أقرب إلى الإجابة.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحرَ" وهذا من باب المبالغة في عدم النقص، لأن كل واحد يعلم أنك لو أدخلت المخيط وهو الإبرة الكبيرة في البحر ثم أخرجتها فإنها لا تنقص البحر شيئاً ولا تغيره، وهذاكقوله تعالى: ( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)(الأعراف: الآية40) [/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]إذ من المعلوم أن الجمل لايمكن أن يدخل في سم الخياط، فيكون هذا مبالغة في عدم دخولهم الجنة.[/FONT][/SIZE] [FONT=Arabic Transparent][SIZE=6]كذلك هنا من المعلوم أن المخيط لو أدخل في البحر لم ينقص شيئاً، فكذلك لو أن أول الخلق وآخرهم وإنسهم وجنهم سألوا الله عزّ وجل وأعطى كل إنسان مسألته مهما بلغت فإن ذلك لاينقص ما عنده إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، ومن المعلوم أن المخيط إذا أدخل البحر لاينقص البحر شيئاً، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "يَدُ اللهِ مَلأى سحَّاءَ" أي كثيرة العطاء "الَّليلَ والنَّهَارَ" أي في الليل والنهار "أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرض فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ" أي لم ينقص "مَا فِي يَمِيْنِهِ"[/SIZE][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn2"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][166][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] .[/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]يَاعِبَادِيَ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ هذه جملة فيها حصر طريقه: (إنما) أي ما هي إلا أعمالكم أُحْصِيْهَا لَكُمْ أي أضبطها تماماً بالعدّ لازيادة ولانقصان، لأنهم كانوا في الجاهلية لايعرفون الحساب فيضبطون الأعداد بالحصى، وفي هذا يقول الشاعر:[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ولستُ بالأكثر منهمْ حصى وإنّما العزّة للكاثرِ[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]يعني أن عددكم قليل، وإنما العزة للغالب في الكثرة.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا" أي في الدنيا والآخرة، وقد يكون في الدنيا فقط، وقد يكون في الآخرة فقط.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]قد يكون في الدنيا فقط: فإن الكافر يجازى علىعمله الحسن لكن في الدنيا لا في الآخرة، والمؤمن قد يؤخر له الثواب في الآخرة، وقد يجازى به في الدنيا وفي الآخرة، قال الله تعالى: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (الشورى:20)[/FONT] [/SIZE] [FONT=Arabic Transparent][SIZE=6]وقال عزّ وجل: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيد)(الاسراء: الآية18) وقال عزّ وجل: ( وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) (الاسراء:19)[/SIZE][/FONT][SIZE=6] [/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]إذاً فالتوفية تكون في الدنيا دون الآخرة للكافر، أما المؤمن فتكون في الدنيا والآخرة جميعاً، أو في الآخرة فقط.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"[/FONT] [FONT=Arabic Transparent]فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ" أي من وجد خيراً من أعماله فليحمد الله على الأمرين: علىتوفيقه للعمل الصالح، وعلى ثواب الله له.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]"وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ" أي وجد شراً أو عقوبة "فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفسَهُ" لأنه لم يُظلم، واللوم: أن يشعر الإنسان بقلبه بأن هذا فعل غير لائق وغير مناسب، وربما ينطق بذلك بلسانه.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]من فوائد هذا الحديث:[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].1-[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عزّ وجل،وهذا أعلى مراتب السند، لأن غاية السند: إما الرب عزّ وجل وهذا في الأحاديث القدسية، وإما النبي صلى الله عليه وسلم وهذا في الأحاديث المرفوعة، وإما عن الصحابة وهذا في الأحاديث الموقوفة، وإما عن التابعين ومن بعدهم وهذا في الأحاديث المقطوعة.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فإذا روينا أثراً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فنسميه موقوفاً لأنه صحابي، وإذا روينا أثراً عن مجاهد - رحمه الله - فنسميه مقطوعاً لأنه تابعي.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].2[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]إن أحسن ما يقال في الحديث القدسي: إنه ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عزّ وجل، ونقتصر علىهذا ولانبحث هل هو من قول الله لفظاً ومعنى، أو من قول الله معنى ومن لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن هذا فيه نوع من التكلّف وقد نهينا عن التكلّف، ونهينا عن التنطّع وعن التعمّق.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].3[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]إثبات القول لله عزّ وجل وهذا كثير في القرآن الكريم، وهو دليل على ما ذهب إليه أهل السنة من أن كلام الله يكون بصوت، إذ لا يطلق القول إلا على المسموع. [/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فإن قال قائل:أليس الله تعالىيقول: (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ)(المجادلة: الآية8) وهذا قول يقولونه بقلوبهم؟[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فالجواب: بلى، لكن هذا القول مقيد (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) وأما إذا أطلق القول فالمراد به مايُسمع.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].4[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أن الله تعالى قادر على الظلم لكنه حرّمه على نفسه لكمال عدله،وجه ذلك: أنه لو كان غير قادر عليه لم يثن على نفسه بتحريم الظلم لأنه غير قادر.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].5[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أن من صفات الله ماهو منفي مثل الظلم، ولكن اعلم أنه لايوجد في صفات الله عزّ وجل نفي إلا لثبوت ضده، فنفي الظلم يعني ثبوت العدل الكامل الذي لانقص فيه.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].6[/SIZE][FONT=Arabic Transparent][SIZE=6]أن لله عزّ وجل أن يحرم على نفسه ما شاء لأن الحكم إليه، فنحن لا نستطيع أن نحرم على الله لكن الله يحرم على نفسه ما شاء، كما أنه يوجب علىنفسه ما شاء. اقرأ قول الله تعالى: (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )(الأنعام: الآية12)وكتب عزّ وجل عنده: "إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي"[/SIZE][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn3"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][167][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] .[/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فلو سألنا سائل: هل يحرم على الله شيء، وهل يجب على الله شيء؟[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فالجواب: أما إذا كان هو الذي أوجب على نفسه أو حرم فنعم، لأن له أن يحكم بما شاء. وأما أن نحرم بعقولنا على الله كذا وكذا، أو أن نوجب بعقولنا على الله كذا وكذا فلا، فالعقل لايوجب ولايحرم، وإنما التحريم والإيجاب إلى الله عزّ وجل.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]قال ابن القيم - رحمه الله - في النونية:[/FONT][/SIZE] [FONT=Arabic Transparent][SIZE=6]ما للعباد عليه حقٌّ واجبٌ هو أوجبَ الأجرَ العظيم الشانِ [/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]كلاَّ ولا عملٌ لديه ضائع ٌ إن كانَ بالإخلاصِ والإحسانِ[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]والإحسان يعني المتابعة.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].7[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]إطلاق النفس على الذات لقوله: "عَلَى نَفْسِيْ" والمراد بنفسه ذاته عزّ وجل، كما قال تعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)(آل عمران: الآية28) وليس النفس صفة كسائر الصفات: كالسمع والعلم والقدرة، فالنفس يعني الذات، فقوله: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) يعني ذاته، وقوله هنا: "عَلَى نَفْسِي" يعني على ذاتي، وكلمة النفس أصوب من كلمة ذات لكن شاع بين الناس إطلاق الذات دون إطلاق النفس، ولكن الأصل العربي: النفس.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].8[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أن الله تعالى حرّم الظلم بيننا فقال: "وَجَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً" وهذا يشمل ظلم الإنسان نفسه وظلم غيره، لكن هو في المعنى الثاني أظهر لقوله: "فَلا تَظَالَمُوا" أي فلا يظلم بعضكم بعضاً، وإلا فمن المعلوم أن الظلم يكون للنفس ويكون للغير، قال الله تعالى: (وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) (هود: الآية101)[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ومدار الظلم على النقص كما قال الله تعالى: ( كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئا ً) (الكهف:33)[/FONT] [/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ويدور على أمرين:[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]إما منع واجب للغير، وإما تحميله ما لايجب عليه.[/FONT][/SIZE] [FONT=Arabic Transparent][SIZE=6]مثال الأول: أن تمنع شخصاً من دين عليك فلا توفّيه، أو تماطل به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "مطْلُ الغَنِيِّ ظُلمٌ"[/SIZE][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn4"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][168][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] .[/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ومثال الثاني: كأن تدعي عليه ديناً وتأتي بشهادة زور فيُحكم لك به، فهذا ظلم.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فإن قال قائل: هل يستثنى من قوله: "فَلا تَظَالَمُوا" شيء؟[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]الجواب: لا يستثنى.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فإن قال: أليس يجوز لنا أن نأخذ أموال الكفار المحاربين؟[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فالجواب: بلى، لكن هذا ليس بظلم، لأنه أبيح لنا هذا.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فإن قال قائل: وهل يحل لنا أموال المعاهدين؟[/FONT][/SIZE] [FONT=Arabic Transparent][SIZE=6]فالجواب: لايحلّ لنا أموال المعاهدين ولا دماء المعاهدين، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدَاً لَم يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّة"[/SIZE][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn5"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][169][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] نسأل الله العافية.[/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]وبهذا نعرف عدوان وظلم وضلال أولئك المغرورين الذين يعتدون على أموال الكفار المعاهدين سواء كان الكافر عندك في بلدك وهو معاهد، أو أنت في بلده، فإننا نسمع من بعض الشباب الذين في بلاد الكفر من يقول: إنه لابأس أن نفسد أموال هؤلاء الكفار، فتجدهم يعتدون على أنوار الشوارع، ويعتدون على المتاجر، ويعتدون على السيارات وهذا حرام عليهم - سبحان الله - قوم احتضنوكم وأنتم في عهدهم وليسوا هم في عهدكم فتخونون، هذا أشد ما يكون تشويهاً للإسلام وقدحاً في الإسلام.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]والقدح هنا والتشويه ليس للإسلام في الواقع لكن لهؤلاء الذين ينتسبون للإسلام، ولذلك يجب أن نعلم أن أموال المعاهدين محترمة سواء كانوا معاهدين عندك أو أنت عندهم، فلا يحل الاعتداء عليهم لأنه ظلم.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].9[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أن الإنسان ضال إلا من هدى الله، ويتفرع على هذه الفائدة: [/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أن تسأل الله الهداية دائماً حتى لا تضلّ.[/FONT][/SIZE] [FONT=Arabic Transparent][SIZE=6]فإن قال قائل: هنا إشكال وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن كل مولود يولد على الفطرة[/SIZE][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn6"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][170][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6]،وهنا يقول: كلكم ضال؟[/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كُلُّ مَولُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطرَةِ" لكن قال: "أَبَوَاه يُهَوِّدَانِهِ، أَو يُنَصِّرَانِهِ، أَو يُمَجِّسَانِهِ" وهنا يخاطبُ عزّ وجل المكلّفين الذين قد تكون تغيرت فطرتهم إلى ما كان عليه آباؤهم، فهم ضلاَّلٌ حتى يهديهم الله عزّ وجل.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].10[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]الحثّ على طلب العلم، لقوله: "كُلُّكُم ضَالٌّ" ولاشكّ" أن طلب العلم من أفضل الأعمال، بل قد قال الإمام أحمد - رحمه الله -: العلم لايعدله شيء لمن صحت نيته لاسيما في هذا الزمن الذي كثر فيه الجهل، وكثر فيه الظن وأفتى من لايستحق أن يفتي، فطلب العلم في هذا الزمان متأكد.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].11[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أن لاتطلب الهداية إلا من الله لقوله: "فَاستَهدُونِي أَهدِكُم".[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]ولكن الهداية نوعان: هداية التوفيق وهذه لاتطلب إلا من الله، إذ لايستطيع أحد أن يهديك هداية التوفيق إلا الله عزّ وجل. وهداية الدلالة: وهذه تصحّ أن تطلبها من غير الله ممن عنده علم بأن تقول: يافلان أفتني في كذا، أي اهدني إلى الحق فيه.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]هل نقول إن قوله: "فَاستَهدُونِي" يدل على أن المراد هداية التوفيق، أو نقول إنه يشمل الهدايتين، وهداية الدلالة تكون باتباع الوسائل التي جعلها الله عزّ وجل سبباً للعلم؟[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]الجواب: الثاني، أي العموم.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].12[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أن العباد في الأصل جياع، لأنهم لايملكون أن يخلقوا ما تحيى به الأجساد كما في سورة الواقعة: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ* إِنَّا لَمُغْرَمُونَ*بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ*أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُون* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) [الواقعة:63-71] فالأصل أن الإنسان قاصر جائع إلا من أطعمه الله، ويتفرع على هذه الفائدة قوله: "فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ" أي اسألوني الطعام أطعمكم، وعليه فلا تلجأ في طلب الرزق إلا من الله عزّ وجل.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].13[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]وقوله: "اسْتَطْعِمُونِي" يشمل سؤال الله عزّ وجل الطعام،ويشمل السعي في الرزق وابتغاء فضل الله عزّ وجل كما قال تعالى في سورة الجمعة: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة: 10) [/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]وقال تعالى:([/FONT] [FONT=Arabic Transparent]هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك: 15)[/FONT] [FONT=Arabic Transparent]وإلا فمن المعلوم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا درهماً ولا خبزاً، بل لابد من السعي.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6]14-[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أن الأصل في الإنسان العري حتى يكسوه الله عزّ وجل،وسبق شرح أنه في الأصل العري الحسي، وقد يراد به المعنوي أيضاً، وذلك لأن الإنسان خرج من بطن أمه عارياً ولا يكسوه إلا الله عزّ وجل بما قدره من الأسباب .[/FONT][/SIZE] [SIZE=6]15-[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]كرم الله عزّ وجل حيث يعرض على عباده بيان حالهم وافتقارهم إليه، ثم يدعوهم إلى دعائه عزّ وجل حتى يزيل عنهم ما فيهم من الفقر والحاجة.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6]16-[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أن بني آدم خطاء،أي كثير الخطأ، كما قال الله عزّ وجل: (وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)(الأحزاب: الآية72)[/FONT][/SIZE] [SIZE=6]17-[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أنه مهما كثرت الذنوب والخطايا فإن الله تعالى يغفرها، لكن يحتاج أن يستغفر الإنسان، ولهذا قال: "فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ" وقد سبق في الشرح أن الاستغفار يكون على وجهين:[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]الوجه الأول:طلب المغفرة باللفظ بأن يقول: اللهم اغفر لي، أو أستغفر الله.[/FONT][/SIZE] [FONT=Arabic Transparent][SIZE=6]الوجه الثاني:طلب المغفرة بالأعمال الصالحة التي تكون سبباً لذلك كقوله: "مَنْ قَالَ:سُبحَانَ اَلله وَبِحَمْدِهِ في اليَوم مائَةَ مَرةَ غُفِرَت خَطَايَاه ُوَإِنْ كَانَت مِثْلُ زَبَدِ البَحْرِ"[/SIZE][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn7"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][171][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][/FONT] [SIZE=6]18-[/SIZE][FONT=Arabic Transparent][SIZE=6]أن الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً، وهذا لمن استغفر ، لقوله عزّ وجل "فَاسْتَغْفِرُونِيْ" أما من لم يستغفر فإن الصغائر تكون مكفرة بالأعمال الصالحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الصلَواتِ الخَمسُ وَالجُمُعَة إِلى الجُمُعَةِ وَرَمَضَان إِلى رَمَضَان مُكَفِِّرَاتٌ لِمَا بَينَهُنَّ مَا اجتَنَبَ الكَبَائِرَ"[/SIZE][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn8"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][172][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] ، وأما الكبائر فلابد لها من توبة خاصة،فلا تكفرها الأعمال الصالحة،أما الكفر فلابد له من توبة بالإجماع.[/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فالذنوب على ثلاثة أقسام:[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]قسم لابد فيه من توبة بالإجماع وهو الكفر .[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]والثاني:ما تكفره الأعمال الصالحة وهو الصغائر .[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]والثالث:ما لابد له من توبة- على خلاف في ذلك- لكن الجمهور يقولون:إن الكبائر لابد لها من توبة.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6]19-[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]كمال سلطان الله عزّ وجل وغناه عن خلقه، لقوله عزّ وجل: إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ ... وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ وذلك لكمال سلطانه عزّ وجل وكمال غناه، فكأنه تعالى قال: إنما طلبت منكم الاستغفار من الذنوب لالحاجتي لذلك ولا لتضرري بمعاصيكم ولكن المصلحة لكم.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6]20-[/SIZE][FONT=Arabic Transparent][SIZE=6]أن محل التقوى والفجور القلب، لقوله: "عَلَى أَتقَى قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ" "عَلَى أَفجَرِ قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ" ويشهد لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أَلاَ وَإِنَّ في الجَسَدِ مُضغَة إِذَا صَلُحَت صَلُحَ الجَسَد كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ"[/SIZE][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftn9"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][173][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] ويتفرع على هذا: أنه يجب علينا أن نعتني بالقلب وننظر أين ذهب، وأين حلّ حتى نُطَهِّرهُ ونصفيه.[/SIZE][/FONT] [SIZE=6].21[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]كمال غنى الله عزّ وجل وسعة غناه، لقوله:"يَا عِباديَ لَو أَنَّ أوَّلَكُم وَآَخِرَكُم وَ إِنسكُم وَ جِنكُم قَاموا في صَعيدٍ وَاحِدٍ..." فهذا يدل على سعة غنى الله عزّ وجل وسعة كرمه وجوده.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].22[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أنه يظهر أن اجتماع الناس في مكان واحد أقرب إلى الإجابة من تفرقهم، ولهذا أمِروا أن يجتمعوا في مسجد واحد في الجمعة، وأن يجتمعوا في مصلى العيد وفي الاستسقاء، وأن يجتمعوا في عرفات في مكان واحد، لأن ذلك أقرب إلى الإجابة.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].23[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]جواز المبالغة بالقول ،لقوله: "إِلا كَمَا يَنقُصُ المِخيطُ إِذَا أُدخِلَ البَحرَ" وهذا له نظير كما في قوله تعالى: (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)(الأعراف: الآية40)[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].24[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أن الله عزّ وجل يحصي أعمال العباد، أي يضبطها بالعدد فلا ينقص أحداً شيئاً، قال الله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) [الزلزلة:7،8] وهذا على سبيل المبالغة،فلو عَمِلَ أدنى من مثقال الذرة لرآه، لكن لما كانت الذرة من أصغر المخلوقات مما تضرب به العرب المثل في الصغر قال: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ)[الزلزلة:7].[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].25[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أن الله عزّ وجل لا يظلم أحداً شيئاً، بل من عمل عملاً وجده، لقوله: "ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا".[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].26[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]وجوب الحمد لله عزّ وجل على من وجد خيراً، وذلك من وجهين:[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]الأول:أن الله عزّ وجل يسره حتى عمله.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]الثاني:أن الله تعالى أثابه.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].27[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]جواز تحدث الإنسان عن نفسه بصيغة الغائب، لقوله:"فَمَن وَجَدَ خَيرَاً فَليَحمد الله" دون أن يقال: فمن وجد خيراً فليحمدني، والعدول عن ضمير المتكلم إلى أن تكون الصيغة للغائب من باب التعظيم، كما يقول الملك مثلاً وهو يأمر: يقول لكم الملك افعلوا كذا وكذا، فهو أبلغ مما لو قال: أقول لكم افعلوا كذا وكذا.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6].28[/SIZE][SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]أن من تخلف عن العمل الصالح ولم يجد الخير فاللوم على نفسه.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فإن قال قائل: كيف يكون اللوم على نفسي وأنا لم يقدر لي هذا؟[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arabic Transparent]فالجواب: أنك حين فعلت المعصية أو تركت الواجب لم تكن تعلم أنه قُدِرَ لك هذا، فالعاصي يقدم على المعصية وهو لا يعلم أنها كتبت عليه إلا إذا عملها، وكذلك تارك الواجب لا يعلم أنه كتب عليه ترك الواجب إلا إذا تركه، وإلا فلا يعلم، فاللوم عليك، فالرسل بلغت والقرآن حجة ومع ذلك تركت هذا كله،فاللوم عليك أنت ، والله الموفق. [/FONT][/SIZE] [SIZE=6][/SIZE] [SIZE=6] [/SIZE] [SIZE=6][/SIZE][/CENTER] [RIGHT][CENTER][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref1"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][165][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] أخرجه مسلم كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم الظلم، (2577)،(55)[/SIZE][/CENTER][/RIGHT][CENTER][/CENTER] [RIGHT][CENTER][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref2"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][166][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] أخرجه البخاري- كتاب: التوحيد، باب: (وكان عرشه على الماء)..، (7419). ومسلم – كتاب: الزكاة، باب: الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف، (993)، (37)[/SIZE][/CENTER][/RIGHT][CENTER][/CENTER] [RIGHT][CENTER][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref3"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][167][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] أخرجه البخاري- كتاب: التوحيد، باب، (7422). ومسلم- كتاب: التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، (2715)،(14).[/SIZE][/CENTER][/RIGHT][CENTER][/CENTER] [RIGHT][CENTER][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref4"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][168][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] أخرجه البخاري – كتاب: الحوالات، باب: في الحوالة وهل يرجع في الحوالة، (2287). ومسلم – كتاب: المساقاة، باب: تحريم مطل الغني وصحة الحوالة واستحباب قبولها إذا أحيل على ملي، (1564)، (33)[/SIZE][/CENTER][/RIGHT][CENTER][/CENTER] [RIGHT][CENTER][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref5"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][169][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] أخرجه البخاري – كتاب: الجزية والموادعة، باب: إثم من قتل معاهداً بغير جرم، (3166)[/SIZE][/CENTER][/RIGHT][CENTER][/CENTER] [RIGHT][CENTER][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref6"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][170][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] أخرجه البخاري – كتاب: الجنائز، باب: ما قيل في أولاد المشركين، (1385). ومسلم – كتاب: القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين،(2658)، (22)[/SIZE][/CENTER][/RIGHT][CENTER][/CENTER] [RIGHT][CENTER][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref7"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][171][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] أخرجه مسلم – كتاب: الذكر والدعاء، باب: فضل التهليل والتسبيح والدعاء، (2691)،(28)[/SIZE][/CENTER][/RIGHT][CENTER][/CENTER] [RIGHT][CENTER][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref8"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][172][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] رواه مسلم في كتاب الطهارة، باب: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة (233)[/SIZE][/CENTER][/RIGHT][CENTER][/CENTER] [RIGHT][CENTER][URL="http://ebook/BINOTHAIMEEN_COM-26.HTM#_ftnref9"][U][SIZE=6][COLOR=#0066cc][173][/COLOR][/SIZE][/U][/URL][SIZE=6] أخرجه البخاري- كتاب: الإيمان، باب: من استبرأ لدينه، (52). ومسلم – كتاب: المساقاة، باب: أخذ الحلال وترك الشبهات، (1599)،(107[/SIZE][/CENTER][/RIGHT][CENTER][/CENTER] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن السيـره العـطره و الاحاديث النبويـــه
شرح الأربعين النووية لابن عثيمين رحمه الله