تذكير الأصحاب بالخطبة العصماء ( 2 ) الجـاهليــة

طباعة الموضوع

أبو التراب

مشرفة
إنضم
22 ديسمبر 2013
المشاركات
316
النقاط
16
الإقامة
في أرض الله
الموقع الالكتروني
www.mohammedfarag.com
احفظ من كتاب الله
عشرون جزء
احب القراءة برواية
حفص عن عاصم من طريق المصباح
القارئ المفضل
القدماء
الجنس
field631
قوله صلى الله عليه وسلم: " أَلا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُهُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ "

الجاهلية:

الجاهلية: مصطلح ظهر مع ظهور الإسلام، يشار فيه إلى الفترة التي سبقت الإسلام وتربطها بالجهل من الناحية الدينية. ويشير المصطلح إلى الحالة التي لا يلتزم بها الناس بدين ، أي أن هذا المصطلح ليس خاصاً بالعرب بل يشمل جميع الشعوب التي لا تتبع إي دين في حياتها

ويطلق اصطلاح العهد الجاهلي على حال العرب قبل الإسلام تمييزاً وتفريقاً مع العهد بعد البعثة النبوية وظهور الإسلام. فقد كانوا في الجاهلية يعبدون الأصنام، ويقدمون لها القرابين، فجاء الإسلام وحررهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، حيث لم يكن هناك دين يوحد العرب في الجاهلية فكان منهم من يدين بالمسيحية وهم قلة ومنهم من يدين باليهودية وغيرها من الأديان والملل المتفرقة هنا وهناك، وكان يسود النظام القبلي فقد كانت القبائل تقاتل بعضها بعضا من أجل العيش في حالة فوضوية يرثى لها، حتى جاء الرسول صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام وانتشل العرب من هذه الحالة.

أنواع الجاهلية في القرآن الكريم:


جاء لفظ (الجاهلية) في القرآن الكريم على أربعة أنواع:

وهذه اﻷربعة ما استفحلت في أمة من الأمم إﻻ فسدت وضاعت وهلكت وذلت وما حلنا ببعيد.

1ـ {حُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ } :

وهذا النوع يأتي في فساد النظم والحكم بغير ما أنزل الله من قوانين وضعية كفرية.

قال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة: 50

"أفحكم " نصب بـ " يبغون " والمعنى : أن الجاهلية كانوا يجعلون حكم الشريف خلاف حكم الوضيع وكانت اليهود تقيم الحدود على الضعفاء الفقراء , ولا يقيمونها على الأقوياء الأغنياء ; فضارعوا الجاهلية في هذا الفعل

قال ابن كثير وقوله : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير ، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات ، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله ، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات ، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم ، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكز خان الذي وضع لهم اليساق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى ، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية ، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه ، فصارت في بنيه شرعا متبعا ، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله r. ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله ، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله r فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير ، قال الله تعالى : ( أفحكم الجاهلية يبغون ) أي : يبتغون ويريدون ، وعن حكم الله يعدلون . ( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) أي : ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه ، وآمن به وأيقن وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين ، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها ، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء ، القادر على كل شيء ، العادل في كل شيء .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هلال بن فياض حدثنا أبو عبيدة الناجي قال : سمعت الحسن يقول : من حكم بغير حكم الله ، فحكم الجاهلية

وحُكْمُ الجاهلية، مخالف لحكم الإسلام؛ وذلك لأن هناك كثيرين يُفَضِّلُون أحكام الجاهلية على الْحُكْمِ الشرعي، والله تعالى أمر بالتحاكم إلى شرعه في قوله تعالى: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء: 59

وفي قوله تعالى: (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ) النساء:58

وقال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ

وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا

أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ، وَإِذَا قِيلَ

لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ

عَنْكَ صُدُودًا) النساء : 60 – 61

وقال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ

بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُواْ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) النساء : 65

ونهى عن الْحُكْمِ بغير ما أنزل الله، وجعل ذلك كُفْرًا وظُلْمًا وفسوقا

قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) المائدة:44

وقال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) المائدة:45

وقال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) المائدة:47

قول تعالى: (إِنِ الحُكْمُ إلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ

القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)يوسف: 40

وذُكِرَ أنه كان بين رجل من المنافقين، ورجل من اليهود قضية ودعوى، فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد وقال ذلك المنافق: نتحاكم إلى كعب بن الأشرف وكان من اليهود، ثم إنهم ترافعوا إلى عمر، فلما استثبتَ منهم قال: أنتَ الذي قلتَ: لا نَرْضَى بِحُكْمِ محمد وفَضَّلْتَ عليه حكم ابن الأشرف ؟!! دخل بيته، وأخرج السيف وقتل ذلك المنافق، وقال: هذا جزاء مَنْ لم يَرْضَ بِحُكْمِ رسول الله r ،

2ـ {ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} :

وهذا النوع يأتي في فساد الاعتقاد في قدرة الخالق

قال تعالى: (يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ) آل عمران: 154

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يظنون‏}‏‏. ‏الضمير يعود على المنافقين، والأصل في الظن‏:‏ أنه الاحتمال الراجح، وقد يطلق علي اليقين، كما في قوله تعالى ‏{‏الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم‏}‏ البقرة‏:‏ 46‏‏، أي‏:‏ يتيقنون، وضد الراجح المرجوح، ويسمي وهما‏.‏

قوله‏:‏ ‏{‏ظن الجاهلية‏}‏‏.‏ عطف بيان لقوله‏:‏ ‏{‏غير الحق‏}‏، و ‏{‏الجاهلية‏}‏‏:‏ الحال الجاهلية‏:‏ والمعني‏:‏ يظنون بالله ظن الملة الجاهلية التي لا يعرف الظان فيها قدر الله وعظمته، فهو ظن باطل مبني على الجهل‏.‏

والظن بالله عز وجل على نوعين‏:‏

الأول‏:‏ أن يظن بالله خيرًا‏.‏

الثاني‏:‏ أن يظن بالله شرًا

والأول له متعلقان‏:‏

1‏.‏ متعلق بالنسبة لما يفعله في هذا الكون، فهذا يجب عليك أن تحسن الظن بالله عز وجل فيما يفعله سبحانه وتعالى في هذا الكون، وأن تعتقد أن ما فعله إنما هو لحكمة بالغة قد تصل العقول إليها وقد لا تصل وبهذا يتبين عظمة الله وحكمته في تقديره، فلا يظن أن الله إذا فعل شيئًا في الكون فعله لإرادة سيئة، حتى الحوادث والنكبات لم يحدثها الله لإرادة السوء المتعلق بفعله، أما التعلق بغيره بأن يحدث ما يريد به أن يسوء هذا الغير، فهذا واقع، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوء أو أراد بكم رحمه‏}‏ ‏‏الأحزاب‏:‏ 17‏.

2‏.‏ متعلق بالنسبة لما يفعله بك، فهذا يجب أن تظن بالله أحسن الظن، لكن بشرط أن يوجد لديك السبب الذي يوجب الظن الحسن، وهو أن تعبد الله على مقتضى شريعته مع الإخلاص، فإذا فعلت ذلك، فعليك أن تظن أن الله يقبل منك ولا تسيء الظن بالله بأن تعتقد أنه لن يقبل منك، وكذلك إذا تاب الإنسان من الذنب، فيحسن الظن بالله أنه يقبل منه، ولا يسيء الظن بالله بأن يعتقد أنه لا يقبل منه‏.‏

وأما إن كان الإنسان مفرطًا في الواجبات فاعلًا للمحرمات، وظن بالله ظنًا حسنًا، فهذا هو ظن المتهاون المتهالك في الأماني الباطلة، بل هو من سوء الظن بالله، إذ إن حكمة الله تأبي مثل ذلك‏.‏

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ r: (إِنَّ اللهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي) رواه مسلم

وعنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) رواه البخاري

عن الحسن البصري قال: " إن قوما غرتهم الأماني و خرجوا من الدنيا و لم يعملوا حسنة و قالوا: نحسن الظن بالله. و كذبوا !! لو أحسنوا الظن. لأحسنوا العمل !! "

النوع الثاني‏:‏ وهو أن يظن بالله سوءً، مثل أن يظن في فعله سفها أو ظلمًا أو نحو ذلك، فإنه من أعظم المحرمات وأقبح الذنوب، كما ظن هؤلاء المنافقون وغيرهم ممن يظن بالله غير الحق‏.‏

قال تعالى:(الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) الفتح: 16

وللحديث بقية

كاتب المقالة: الشيخ / محمد فرج الأصفر

http://www.mohammedfarag.com/play.php?catsmktba=29031
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

أبو التراب

مشرفة
إنضم
22 ديسمبر 2013
المشاركات
316
النقاط
16
الإقامة
في أرض الله
الموقع الالكتروني
www.mohammedfarag.com
احفظ من كتاب الله
عشرون جزء
احب القراءة برواية
حفص عن عاصم من طريق المصباح
القارئ المفضل
القدماء
الجنس
field631
أعلى