خواطر قرآنية - سورة ابراهيم

طباعة الموضوع

ام عبد المولى

مراقب عام
إنضم
26 سبتمبر 2012
المشاركات
2,741
النقاط
38
الإقامة
المغرب
احفظ من كتاب الله
الجزء الخامس
احب القراءة برواية
ورش
القارئ المفضل
الشيخ الحصري
الجنس
اخت
خواطر قرآنية - سورة إبراهيم
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة إبراهيم
كثير من الناس يجيب عن سؤاله عن أعظم نعمة عليه بالأمور المادية كالزوجة و الأولاد... و إذا سئل عن أعظم مصيبة كذلك يجيب الأمور المادية, فتأتي هذه السورة لتصصح هذا المفهوم. و توضح لنا أن:

أعظم نعمة = الإيمان, و أعظم مصيبة = الكفر بالله تعالى

هل تستوي الظلمات و النور
لذلك فإن السورة و من أجل توضيح هذا المفهوم تتابع دوماً في مقابلة بين الحق و الباطل, بين أهل الإيمان و أهل الكفر, و بدايتها واضحة في هذا المعنى 1 (الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ).
و كأن المعنى: أيها الإنسان أنظر إلى الظلمات و النور و لاحظ الفرق بينهما, ثم تأمل نعمة الله و اختر بينهما, فإما أن تجعل نفسك في النور بالإيمان بالله تعالى, و إما أن تبقى في الظلمات بالكفر بالله عز و جل.

وجهان ليوم واحد
5 (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) فما علاقة أيام الله (الأيام التي نصر الله فيها الصالحين و أهلك الظالمين على مر العصور) بالصبر و الشكر؟ إن أيام الله نعمة على المؤمنين و نقمة على الكافرين, لذلك فتذكرها من قبل المؤمنين يعين على الصبر و تحمل الأذى و تحث على الشكر على نعمة الإيمان (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)
6 (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ) تذكير موسى عليه السلام لقومه بأيام الله. فطريق الله عز و نعمة, و الكفر صغار و ذل و نقمة.
ثم تأتينا قاعدة و وعد رباني 7 (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) و تنطبق القاعدة على كل نعم الله المادية, و غير المادة كنعمة الإيمان, فأنت إن شكرت الله على نعمة المال سيزيدك الله منه و و إن شكرت الله على نعمة الإيمان سيزيك الله منها بوعده تعالى في الآية. و نعمة الإيمان أهم نعمة مطلوب منا شكر الله تعالى عليها, و الزيادة فيها خير لنا من كل النعم الأخرى و أسبق عليها بالأهمية.
رسالة الأنبياء
ثم تاتي الآية على كلام المواجهة بين أهل الإيمان و أهل الكفر, و لكن هذه المرة ليست على لسان كل نبي على حدة, إنما الأنبياء معاً على عكس السورة السابقة, لأن الموضوع المقصود واحد, و هو المواجهة بين أهل الإيمان و أهل الكفر. (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ), (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ), 10(قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ).
هل تفكرت في أهمية هذه النعمة, إن الله تعالى بعزته و جبروته يناديك و يدعوك لتستغفره و يغفر لك و هو الغني عنك, رب كريم عزيز جليل.
و تواصل الىيات على نفس الغرار في الموازنة بين نعم الله و نقمه حتى تصل لخطبة إبليس في جهنم 22 (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ), أنظر إلى الخزي لأهل الكفر, بعد أن أغواهم يتبرأ منهم, فكيف تستجيب له و الله تعالى يخبرك أنه سيتبرى منك يوم القيامة. فهل هنالك نقمة أشد من ذلك.

الكلمة الطيبة
و تصل الآيات إلى آية محورية, تشير إلى أعظم نعم الله تعالى = الكلمة الطيبة (كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله) حيث يظن الناس أن معظم نعم الله تعالى مادية, و أن النعم المادية هي التي تثمر و تستمر, و لكن أعظم نعم الله, نعمة الإيمان يشبهها الله تعالى بالشجرة 24 – 25 (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء – تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ), فكما أن الشجر الطيب يثمر ثماراً طيبة, فكذلك نعمة الإيمان و شجرة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله تثمر أشخاصاً مؤمنين و مصلحين و إيجابيين, و تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها حسنات جارية و أعمالاً صالحة تبقي لصاحبها صدق جارية بعد موت صاحبها. و بالمقابل فإن شجرة الكفر, و كلمته, هشة خبيثة لا جذر لها و لا أصل 26 (وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ).
فإياك أخي المسم أن تفرط في نعمة الإيمان التي أعطاك الله إياها, و تجحد بها, و إياك أن تكون من الذين 30 (وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ).
فكيف يكون شكر الله على نعمة الإيمان؟ 31 (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ).
ثم تعدد السورة نماذج أخرى من نعم الله علينا 32 (اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ), 33 (وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ).
34 (وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) و اللطيف أن الآية تقول: تعدوا نعمة, و ليس نعم, لأننا إن حاولنا أن نحصي خصائص نعمة واحدة كالشمس مثلاً, فلن نحصيها, فكيف بنا بنعم الله تعالى علينا, ثم ما بالنا بأعظم نعمة أنعمها الله علينا, نعمة الإيمان بالله تعالى. و كما أنها أعظم نعم الله علينا, فهي تحتاج إلى أعظم شكر منا لله تعالى أن أنعمها علينا.
نموذج إبراهيم
و يأتي الختام, بمقارنة بين نموذجين, نموذج للإنسان عاش في نعمة الله (سيدنا إبراهيم عليه السلام) و استشعر نعمة الإيمان, و بين أناس عاشوا بعيدين عن الله, و هم ظالمون لأنفسهم و مجتمعاتهم من حولهم.
فسيدنا إبراهيم كان شكره واضحاً على النعمة 39 (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء). فكان دعاؤه الرائع و رجاؤه إلى الله تعالى أن يتم نعمة الولد بنعمة أعظم منها و أجل: أن يحفظ الله دينه و دين ذريته بالصلاة 40 – 41 (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء – رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) انظر لهذا الحنان من أبينا إبراهيم, و هو يدعو لنا و لأولادنا أن يثبتوا على الصلاة.
ثم تختتم السورة بأشد الآيات على الظالمين و البعيدين عن الله تعالى 42 – 43 – 44 (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ – مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء – وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ).
59 – 50 (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ – سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ) فهل من نقمة اشد من هذه.

سبب التسمية
سميت باسم سيدنا إبراهيم لنتذكر هذا النموذج الذي شكر نعمة الإيمان أحسن الشكر بأن دعا لنا و لأولادنا بالثبات على هذا الدين و ذلك بالثبات على الصلاة.
فالحمد لله رب العالمين ملء السموات و ملء الأراضين, أن جعلنا من المؤمنين. و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله و صحبه أجمعين.



user_offline.gif
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
أعلى