عقيدة أهل السنة والجماعة للامام ابن عثيمين رحمه الله

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
عقيدتنا:
الجزء الأول
الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.


أولا: الإيمان بالله تعالى:

*فنؤمن بربوبية الله تعالى، أي بأنه الرب الخالق الملك المدبر لجميع الأمور.

*ونؤمن بألوهية الله تعالى، أي بأنه الإله الحق وكل معبود سواه باطل.

*ونؤمن بأسمائه وصفاته، أي بأن له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا.

*ونؤمن بوحدانيته في ذلك، أي بأنه لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته، قال تعالى:
[رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا].
مريم ٦٥


*ونؤمن بأنه [الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بأذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم]. البقرة ٢٥٥


*ونؤمن بأنه [هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم _٢٢_ هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون _٢٣_ هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزير الحكيم _٢٤_] الحشر

*ونؤمن بأن الله له ملك السماوات والأرض
[يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور _٤٩_ أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير _٥٠_] الشورى

*ونؤمن بأنه
[ليس كمثله شئ وهو السميع البصير _١١_ له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شئ عليم _١٢_] الشورى

*ونؤمن بأنه
[وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين] هود ٦

*ونؤمن بأنه
[وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين] الأنعام ٥٩

*ونؤمن بأن الله
[عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير] لقمان ٣٤

*ونؤمن بأن الله يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء
[وكلم الله موسى تكليما] النساء ١٦٤

[ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه] الأعراف ١٤٣

[وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا] مريم ٥٢


*ونؤمن بأنه
[لو كان البحر مداد لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي] الكهف ١٠٩

[ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم] لقمان ٢٧


*ونؤمن بأن كلماته أتم الكلمات صدقا في الأخبار وعدلا في الأحكام وحسنا في الحديت، قال تعالى:
[وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا] الأنعام ١١٥

[ومن أصدق من الله حديثا] النساء ٨٧


*ونؤمن بأن القرآن الكريم كلام الله تعالى تكلم به حقا وألقاه إلى جبريل فنزل به جبريل على قلب النبي صل الله عليه وسلم، قال تعالى:
[قل نزله روح القدس من ربك بالحق] النحل ١٠٢

[وإنه لتنزيل رب العالمين _١٩٢_ نزل به الروح الأمين _١٩٣_ على قلبك لتكون من المنذرين _١٩٤_ بلسان عربي مبين _١٩٥_] الشعراء


*ونؤمن بأن الله عزوجل علي على خلقه بذاته وصفاته، لقوله تعالى:
[وهو العلي العظيم] البقرة ٢٥٥

وقوله: [وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير] الأنعام ١٨


*ونؤمن بأنه
[خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر] يونس ٣

واسواؤه على العرش: علوه عليه بذاته علوا خاصا يليق بجلاله وعظمته لا يعلم كيفيته إلا هو.

*ونؤمن بأن الله تعالى مع خلقه وهو على عرشه، يعلم أحوالهم ويسمع أقوالهم ويرى أفعالهم ويدبر أمورهم يرزق الفقير ويجبر الكسير يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شئ قدير.
ومن كان هذا شأنه كان مع خلقه حقيقة، وإن كان فوقهم على عرشه حقيقة [ليس كمثله شئ وهو السميع البصير] الشورى ١١

ولا نقول كما تقول الحلولية من الجهمية وغيرهم: إنه مع خلقه في الأرض.

ونرى أن من قال ذلك فهو كافر أو ضال، لأنه وصف الله بما لا يليق به من النقائص.


*ونؤمن بما أخبر به عنه رسوله صل الله عليه وسلم أنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: (من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألنى فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟).


*ونؤمن بأنه سبحانه وتعالى يأتي يوم المعاد للفصل بين العباد لقوله تعالى:
[كلا إذا دكت الأرض دكا دكا _٢١_ وجاء ربك والملك صفا صفا _٢٢_ وجئ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى] الفجر.


*ونؤمن بأنه تعالى:
[فعال لما يريد] هود ١٠٧

ونؤمن بأن إرادة الله تعالى نوعان:

كونية:
يقع بها مراده ولا يلزم أن يكون محبوبا له، وهي التي بمعنى المشيئة كقوله تعالى: [ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد] البقرة ٢٥٣
[إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم] هود ٣٤

وشرعية:
لا يلزم بها وقوع المراد ولا يكون المراد فيها إلا محبوبا له، كقوله تعالى: [والله يريد أن يتوب عليكم] النساء ٢٧

*ونؤمن بأن مراده الكوني والشرعي تابع لحكمته، فكل ما قضاه كونا أو تعبد به خلقه شرعا فإنه لحكمة وعلى وفق الحكمة، سواء علمنا منها ما نعلم أو تقاصرت عقولنا عن ذلك [أليس الله بأحكم الحاكمين] التين ٨
[ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون] المائدة ٥٠


*ونؤمن بأن الله تعالى يحب أولياءه وهم يحبونه
[قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله] آل عمران ٣١

[فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه] المائدة ٥٤
[والله يحب الصابرين] آل عمران ١٤٦

[وأقسطوا إن الله يحب المقسطين] الحجرات ٩

[والله يحب المحسنين] المائدة ٩٣

*ونؤمن بأن الله تعالى يرضى ما شرعه من الأعمال والأقوال ويكره ما نهى عنه منها [إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم] الزمر ٧
[ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين] التوبة ٤٦
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
ونؤمن بأن الله تعالى يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات

[رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه] البينه ٨



ونؤمن بأن الله تعالى يغضب على من يستحق الغضب من الكافرين وغيرهم

[الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم] الفتح ٦

[ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم] النحل ١٠٦


ونؤمن بأن لله تعالى وجها موصوفا بالجلال والإكرام

[ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام] الرحمن ٢٧


ونؤمن بأن لله تعالى يدين كريمتين عظيمتين

[بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء] المائدة ٦٤

[وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه] الزمر ٦٧


ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين لقوله تعالى:

[واضنع الفلك بأعيننا ووحينا] هود ٣٧

وقال النبي صل الله عليه وسلم:
(حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)

وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان، ويؤيده قول النبي صل الله عليه وسلم في الدجال:
(إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور)


ونؤمن بأن الله تعالى:
[لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير] الأنعام ١٠٣


ونؤمن بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة
[وجوه يومئذ ناضرة ٢٢ إلى ربها ناظرة ٢٣] القيامة


ونؤمن بأن الله تعالى لا مثل له، لكمال صفاته:
[ليس كمثله شئ وهو السميع البصير] الشورى ١١


ونؤمن بأنه:
[لا تأخذه سنة ولا نوم] البقرة ٢٥٥ ، لكمال حياته وقيوميته.
ونؤمن بأنه لا يظلم أحدا لكمال عدله.
وبأنه ليس بغافل عن أعمال عباده، لكمال رقابته وإحاطته.

ونؤمن بأنه لا يعجزه شئ في السماوات ولا في الأرض، لكمال علمه وقدرته
[إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون] يس ٨٢

وبأنه لا يلحقه تعب ولا إعياء، لكمال قوته
[ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب] ق ٣٨ ، أي: من تعب ولا إعياء.


ونؤمن بثبوت كل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صل الله عليه وسلم من الأسماء والصفات،

لكننا نتبرأ من محذورين عظيمين هما:
التمثيل، أن يقول بقلبه أو لسانه: صفات الله تعالى كصفات المخلوقين.
والتكييف، أن يقوله بقلبه أو لسانه: كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا.

ونؤمن بانتفاء كل ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسول الله صل الله عليه وسلم وأن ذلك النفي يتضمن إثباتا لكمال ضده. ونسكت عما سكت الله عنه ورسوله.

ونرى أن السير على هذا الطريق فرض لابد منه، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه أو نفاه عنها سبحانه فهو خبر أخبر الله به عن نفسه، وهو سبحانه أعلم بنفسه، وأصدق قيلا، وأحسن حديثا، والعباد لا يحيطون به علما.

وما أثبته له رسوله أو نفاه عنه فهو خبر أخبر به عنه، وهو أعلم الناس بربه وأنصح الخلق وأصدقهم وأفصحهم.

ففي كلام الله تعالى ورسوله صل الله عليه وسلم كمال العلم والصدق والبيان، فلا عذر في رده أو التردد في قبوله.


#فصل

وكل ما ذكرناه من صفات الله تعالى تفصيلا أو إجمالا، إثباتا أو نفيا، فإننا في ذلك على كتاب ربنا وسنة نبينا معتمدون، وعلى ما سار عليه سلف الأمة وأئمة الهدى من بعدهم سائرون.

ونرى وجوب إجراء نصوص الكتاب والسنة في ذلك على ظاهرها، وحملها على حقيقتها اللائقة بالله عز وجل.

ونتبرأ من طريق المحرفين لها الذين صرفوها إلى غير ما أراد الله بها ورسوله.

ومن طريق المعطلين لها الذين عطلوها من مدلولها الذي أراده الله ورسوله.

ومن طريق الغالين فيها الذين حملوها على التمثيل أو تكلفوا لمدلولها التكييف.


ونعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه صل الله عليه وسلم فهو حق لا يناقض بعضه بعضا، لقوله تعالى:
[أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا] النساء ٨٢ ،
ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضا، وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله صل الله عليه وسلم.

ومن ادعى أن في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صل الله عليه وسلم أو بينهما تناقضا فذلك لسوء قصده وزيغ قلبه، فليتب إلى الله تعالى ولينزع عن غيه.

ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صل الله عليه وسلم أو بينهما، فذلك إما لقلة علمه أو قصور فهمه أو تقصيره في التدبر، فليبحث عن العلم، وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق، فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه، وليكف عن توهمه، وليقل كما يقول الراسخون في العلم:
[ءامنا به كل من عند ربنا] آل عمران ٧

وليعلم أن الكتاب والسنة لا تناقض فيهما ولا بينهما ولا اختلاف.
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
#ثانيا: الإيمان بالملائكة:

ونؤمن بملائكة الله تعالى وأنهم [عباد مكرمون ٢٦ لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ٢٧] الأنبياء

خلقهم الله تعالى فقاموا بعبادته وانقادوا لطاعته
[لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ١٩ يسبحون الليل والنهار لا يفترون ٢٠] الأنبياء

حجبهم الله عنا فلا نراهم، وربما كشفهم لبعض عباده، فقد رأى النبي صل الله عليه وسلم جبريل على صورته له ستمائة جناح قد سد الأفق، وتمثل جبريل لمريم بشرا سويا فخاطبته وخاطبها، وأتى النبي صل الله عليه وسلم وعنده الصحابة بصورة رجل لا يعرف ولا يرى عليه أثر السفر، شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر.

ونؤمن بأن للملائكة أعمالا كلفوا بها.

فمنهم: جبريل الموكل بالوحي ينزل به من عند الله على من يشاء من أنبياءه ورسله.

ومنهم: ميكائيل الموكل بالمطر والنبات.

ومنهم: إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور حين الصعق والنشور.

ومنهم: ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت.

ومنهم: ملك الجبال الموكل بها.

ومنهم: مالك خازن النار.

ومنهم: ملائكة موكلون بالأجنة في الأرحام، وآخرون موكلون بحفظ بني آدم، وآخرون موكلون بكتابة أعمالهم، لكل شخص ملكان
[عن اليمين وعن الشمال قعيد ١٧ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ١٨] ق

وآخرون موكلون بسؤال الميت بعد الانتهاء من تسليمه إلى مثواه، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه ف
[يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء] إبراهيم ٢٧

ومنهم: الملائكة الموكلون بأهل الجنة
[والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ٢٣ سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ٢٤] الرعد

وقد أخبر النبي صل الله عليه وسلم أن البيت المعمور في السماء يدخله _وفي رواية يصلي فيه_ كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم.


#ثالثا: الإيمان بالكتب:


ونؤمن بأن الله تعالى أنزل على رسله كتبا حجة على العالمين ومحجة للعاملين يعلمونهم بها الحكمة ويزكونهم.

ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتابا لقوله تعالى:
[لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط] الحديد ٢٥

ونعلم من هذه الكتب:

١) التوراة: التي أنزلها الله تعالى على موسى صل الله عليه وسلم، وهي أعظم كتب بني إسرائيل
[فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء] المائدة ٤٤

٢) الإنجيل: الذي أنزله الله تعالى على عيسى صل الله عليه وسلم، وهو مصدق للتوراة ومتمم لها
[وءاتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين] المائدة ٤٦
[ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم] آل عمران ٥٠

٣) الزبور: الذي آتاه الله داود صل الله عليه وسلم.

٤) صحف إبراهيم وموسى عليهما الصلاة والسلام.

٥) القرآن العظيم: الذي أنزله الله على نبيه محمد خاتم النبيين
[هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان] البقرة ١٨٥

فكان
[مصداقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه] المائدة ٤٨

فنسخ الله به جميع الكتب السابقة وتكفل بحفظه عن عبث العابثين وزيغ المحرفين
[إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون] الحجر ٩

لأنه سيبقى حجة على الخلق أجمعين إلى يوم القيامة.

أما الكتب السابقة فإنها مؤقتة بأمد ينتهي بنزول ما ينسخها، ويبين ما حصل فيها من تحريف وتغيير،

ولهذا لم تكن معصومة منه، فقد وقع فيها التحريف والزيادة والنقصان

[فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون] البقرة ٧٩
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
#رابعا الإيمان بالرسل:


ونؤمن بأن الله تعالى بعث إلى خلقه
[رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما] النساء ١٦٥

ونؤمن بأن أولهم نوح وآخرهم محمد صل الله عليهم وسلم أجمعين
[إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده] النساء ١٦٣

[ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين] الأحزاب ٤٠

وأن أفضلهم محمد ثم إبراهيم ثم موسى ثم نوح وعيسى بن مريم، وهم المخصوصون في قوله تعالى:
[وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا] الأحزاب ٧

ونعتقد أن شريعة محمد صل الله عليه وسلم حاوية لفضائل شرائع هؤلاء الرسل المخصوصون بالفضل، لقوله تعالى:
[شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه] الشورى ١٣


ونؤمن بأن جميع الرسل بشر مخلوقون، ليس لهم من خصائص الربوبية شئ، قال الله تعالى عن نوح وهو أولهم:
[ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك] هود ٣١

وأمر الله تعالى محمدا وهو آخرهم أن يقول:
[لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك] الأنعام ٥٠

وأن يقول:
[قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ٢١ قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا ٢٢] الجن


ونؤمن بأنهم عبيد من عباد الله أكرمهم الله تعالى بالرسالة، ووصفهم بالعبودية في أعلى مقاماتهم وفي سياق الثناء عليهم، فقال في أولهم نوح صل الله عليه وسلم:
[ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا] الإسراء ٣

وقال في آخرهم محمد صل الله عليه وسلم:
[تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا] الفرقان ١

وقال في رسل آخرين:
[واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار] ص ٤٥

[واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب] ص ١٧

[ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب] ص ٣٠

وقال في عيسى ابن مريم صل الله عليه وسلم:
[إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل] الزخرف ٥٩


ونؤمن بأن الله تعالى ختم الرسالات برسالة محمد صل الله عليه وسلم وأرسله إلى جميع الناس، لقوله تعالى:
[قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون] الأعراف ١٥٨


ونؤمن بأن شريعته صل الله عليه وسلم هي دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وأن الله تعالى لا يقبل من أحد دينا سواه، لقوله تعالى:
[إن الدين عند الله الإسلام] آل عمران ١٩

وقوله تعالى:
[اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا] المائدة ٣

وقوله تعالى:
[ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين] آل عمران ٨٥


ونرى أن من زعم اليوم دينا قائما مقبولا عند الله سوى دين الإسلام، من دين اليهودية أو النصرانية أو غيرهما، فهو كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتدا، لأنه مكذب للقرآن.


ونرى أن من كفر برسالة محمد صل الله عليه وسلم إلى الناس جميعا فقد كفر بجميع الرسل، حتى برسوله الذي يزعم أنه مؤمن به متبع له، لقوله تعالى:
[كذبت قوم نوح المرسلين] الشعراء ١٠٥

فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحا رسول،

وقال تعالى:
[إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا ١٥٠ أولائك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا] النساء


ونؤمن بأنه لا نبي بعد محمد رسول الله صل الله عليه وسلم، ومن ادعى النبوة بعده أو صدق من ادعاها فهو كافر لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين.


ونؤمن بأن للنبي صل الله عليه وسلم خلفاء راشدين خلفوه في أمته علما ودعوة وولاية على المؤمنين، وبأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة أبوبكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.

وهكذا كانوا في الخلافة قدرا كما كانوا في الفضيلة. وما كان الله تعالى _ وله الحكمة البالغة _ ليولي على خير القرون رجلا، وفيهم من هو خير منه وأجدر بالخلافة.

ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على من فضله، لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة.


ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم وأكرمها على الله عز وجل، لقوله تعالى:
[كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله] آل عمران ١١٠

ونؤمن بأن خير هذه الأمة الصحابة ثم التابعون ثم تابعوهم.

وبأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل.


ونعتقد أن ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من الفتن، فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه، فمن كان منهم مصيبا كان له أجران، ومن كان منهم مخطئا فله أجر واحد وخجطؤه مغفور له.

ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم، فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم، لقوله تعالى فيهم:
[لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولائك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى] الحديد ١٠

وقول الله تعالى فينا:
[والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم] الحشر ١٠


 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
#خامسا: الإيمان باليوم الآخر:


ونؤمن باليوم الآخر، وهو يوم القيامة الذي لا يوم بعده، حين يبعث الناس أحياء للبقاء، إما في دار النعيم، وإما في دار العذاب الأليم.

فنؤمن بالبعث وهو إحياء الله تعالى الموتى حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية:
[ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون] الزمر ٦٨

فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، حفاة بلا نعال، عراة بلا ثياب، غرلا بلا ختان
[كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين] الأنبياء ١٠٤

ونؤمن بصحائف الأعمال تعطى باليمين أو من وراء الظهور بالشمال
[فأما من أوتي كتابه بيمينه ٧ فسوف يحاسب حسابا يسيرا ٨ وينقلب إلى أهله مسرورا ٩ وأما من أوتي كتابه وراء ظهره ١٠ فسوف يدعوا ثبورا ١١ ويصلى سعيرا ١٢] الإنشقاق

[وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ١٣ اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ١٤] الإسراء


ونؤمن بالموازين توضع يوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا
[فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ٧ ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ٨] الزلزلة

[فمن ثقلت موازينه فأولائك هم المفلحون ١٠٢ ومن خفت موازينه فأولائك الذين خسروا أنفسهم في حهنم خالدون ١٠٣ تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ١٠٤] المؤمنون

[من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون] الأنعام ١٦٠


ونؤمن بالشفاعة العظمى لرسول الله صل الله عليه وسلم خاصة، يشفع عند الله تعالى بإذنه ليقضي بين عباده، حين يصيبهم من الهم والكرب ما لا يطيقون فيذهبون إلى آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى حتى تنتهي إلى رسول الله صل الله عليه وسلم.

ونؤمن بالشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أن يخرجوا منها، وهي للنبي صل الله عليه وسلم وغيره من النبيين والمؤمنين والملائكة.

وبأن الله تعالى يخرج من النار أقواما من المؤمنين بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته.


ونؤمن بحوض رسول الله صل الله عليه وسلم ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وأطيب من رائحة المسك طوله شهر وعرضه شهر وآنيته كنجوم السماء حسنا وكثرة، يرده المؤمنون من أمته، من شرب منه لم يظمأ بعد ذلك.


ونؤمن بالصراط المنصوب على جهنم يمر الناس عليه قدر أعمالهم، فيمر أولهم كالبرق ثم كمر الريح ثم كمر الطير وشد الرجال، والنبي صل الله عليه وسلم قائم على الصراط يقول: (يارب سلم سلم). حتى تعجز أعمال العباد، فيأتي من يزحف، وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة، تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج ومكردس في النار.


ونؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة من أخبار ذلك اليوم وأهواله، أعاننا الله عليها.


ونؤمن بشفاعة النبي صل الله عليه وسلم لأهل الجنة أن يدخلوها. وهي للنبي صل الله عليه وسلم خاصة.


ونؤمن بالجنة والنار، فالجنة دار النعيم التي أعدها الله تعالى للمؤمنين المتقين، فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
[فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كان يعملون] السجدة ١٧

والنار دار العذاب التي أعدها الله تعالى للكافرين الظالمين، فيها من العذاب والنكال ما لا يخطر على البال
[إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا] الكهف ٢٩

وهما موجودتان الآن ولن تفنيا أبد الآبدين
[ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا] الطلاق ١١

[إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا ٦٤ خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا ٦٥ يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا ٦٦] الأحزاب

ونشهد بالجنة لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف.

فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ونحوهم ممن عينهم النبي صل الله عليه وسلم.

ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل مؤمن أو تقي.

ونشهد بالنار لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف.

فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي لهب وعمرو بن لحي الخزاعي ونحوهما.

ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل كافر أو مشرك شركا أكبر أو منافق.


ونؤمن بفتنة القبر، وهي سؤال الميت في قبره عن ربه ودينه ونبيه ف
[يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة] إبراهيم ٢٧

فيقول المؤمن: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد، وأما الكافر والمنافق فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته.


ونؤمن بنعيم القبر للمؤمنين
[الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون] النحل ٣٢

ونؤمن بعذاب القبر للظالمين الكافرين
[ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن ءاياته تستكبرون] الأنعام ٩٣

والأحاديث في هذا كثيرة معلومة، فعلى المؤمن أن يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسنة من هذه الأمور الغيبية، وألا يعارضها بما يشاهد في الدنيا، فإن أمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا لظهور الفرق الكبير بينهما. والله المستعان.


 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
#سادسا: الإيمان بالقدر خيره وشره:


ونؤمن بالقدر خيره وشره، وهو تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته.

وللقدر أربع مراتب:

المرتبة الأولى: العلم، فنؤمن بأن الله تعالى بكل شئ عليم، علم ما كان وما يكون وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي، فلا يتجدد له علم بعد جهل ولا يلحقه نسيان بعد علم.

المرتبة الثانية: الكتابة، فنؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة
[ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير] الحج ٧٠

المرتبة الثالثة: المشيئة، فنؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السماوات والأرض، لا يكون شئ إلا بمشيئته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

المرتبة الرابعة: الخلق، فنؤمن بأن الله تعالى
[الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل * له مقاليد السماوات والأرض] الزمر ٦٢ _ ٦٣

وهذه المراتب الأربع شاملة لما يكون من الله تعالى نفسه ولما يكون من العباد، فكل ما يقوم به العباد من أقوال أو أفعال أو تروك فهي معلومة لله تعالى مكتوبة عنده والله تعالى قد شاءها وخلقها
[لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين] التكوير ٢٨ _ ٢٩

[ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد] البقرة ٢٥٣

[ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون] الأنعام ١٣٧

[والله خلقكم وما تعملون] الصافات ٩٦


ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختيارا وقدرة بهما يكون الفعل.

والدليل على أن فعل العبد باختياره وقدرته أمور:

الأول: قوله تعالى
[فأتوا حرثكم أنى شئتم] البقرة ٢٢٣

وقوله تعالى
[ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة] التوبة ٤٦

فأثبت للعبد إتيانا بمشيئته وإعدادا بإرادته.

الثاني: توجيه الأمر والنهي إلى العبد، ولو لم يكن له اختيار وقدرة لكان توجيه ذلك إليه من التكليف بما لا يطاق، وهو أمر تأباه حكمة الله تعالى ورحمته وخبره الصادق في قوله تعالى
[لا يكلف الله نفسا إلا وسعها] البقرة ٢٦٨

الثالث: مدح المحسن على إحسانه وذم المسئ على إساءته، وإثابة كل منهما بما يستحق.

ولولا أن الفعل يقع بإرادة العبد واختياره لكان مدح المحسن عبثا وعقوبة المسئ ظلما، والله تعالى منزه عن العبث والظلم.

الرابع: أن الله تعالى أرسل الرسل
[مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل] النساء ١٦٥، ولولا أن فعل العبد يقع بإراته واختياره، ما بطلت حجته بإرسال الرسل.

الخامس: أن كل فاعل يحس أنه يفعل الشئ أو يتركه بدون أي شعور بإكراه، فهو يقوم ويقعد ويدخل ويخرج ويسافر ويقيم بمحض إرادته، ولا يشعر بأن أحدا يكرهه على ذلك، بل يفرق تفريقا واقعيا بين أن يفعل الشئ باختياره وبين أن يكرهه عليه مكره. وكذلك فرق الشرع بينهما تفريقا حكيما، فلم يؤاخذ الفاعل بما فعله مكرها عليه فيما يتعلق بحق الله تعالى.

ونرى أن لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى، لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره، من غير أن يعلم أن الله تعالى قدرها عليه، إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره
[وما تدري نفس ماذا تكسب غدا] لقمان ٣٤،

فكيف يصح الإحتجاج بحجة لا يعلمها المحتج بها حين إقدامه على ما اعتذر بها عنه، وقد أبطل الله تعالى هذه الحجة بقوله:
[سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا ءاباؤنا ولا حرمنا من شئ كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون] الأنعام ١٤٨

ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لماذا لم تقدم على الطاعة مقدرا أن الله تعالى قد كتبها لك، فإنه لا فرق بينها وبين المعصية في الجهل بالمقدور قبل صدور الفعل منك؟

ولهذا لما أخبر النبي صل الله عليه وسلم الصحابة بأن كل واحد قد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا: أفلا نتكل وندع العمل؟ قال: (لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له).

ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لو كنت تريد السفر لمكة وكان لها طريقان، أخبرك الصادق أن أحدهما مخوف صعب والثاني آمن سهل، فإنك ستسلك الثاني ولا يمكن أن تسلك الأول وتقول: إنه مقدر علي، ولو فعلت لعدك الناس في قسم المجانين.

ونقول له أيضا: لو عرض عليك وظيفتان إحداهما ذات مرتب أكثر، فإنك سوف تعمل فيها دون الناقصة، فكيف تختار لنفسك في عمل الآخرة ما هو الأدنى ثم تحتج بالقدر؟

ونقول له أيضا: نراك إذا أصبت بمرض جسمي طرقت باب كل طبيب لعلاجك، وصبرت على ما ينالك من ألم عملية الجراحة وعلى مرارة الدواء. فلماذا لا تفعل مثل ذلك في مرض قلبك بالمعاصي؟



ونؤمن بأن الشر لا ينسب إلى الله تعالى، لكمال رحمته وحكمته، قال النبي صل الله عليه وسلم: (والشر ليس إليك) رواه مسلم.
فنفس قضاء الله تعالى ليس فيه شر أبدا، لأنه صادر عن رحمة وحكمة.

وإنما يكون الشر في مقتضياته، لقول النبي صل الله عليه وسلم: (وقني شر ما قضيت) فأضاف الشر إلى ما قضاه، ومع هذا فإن الشر في المقتضيات ليس شرا خالصا محضا، بل هو شر في محله من وجه، خير من وجه، أو شر في محله، خير في محل آخر.

فالفساد في الأرض من الجدب والمرض والفقر والخوف شر، لكنه خير في محل آخر، قال الله تعالى: [ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون] الروم ٤١

وقطع يد السارق ورجم الزاني شر بالنسبة للسارق والزاني في قطع يد السارق وإزهاق النفس، لكنه خير لهما من وجه آخر، حيث يكون كفارة لهما فلا يجمع لهما بين عقوبتي الدنيا والآخرة، وهو أيضا خير في محل آخر، حيث إن فيه حماية الأموال والأعراض والأنساب.


 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
ونعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه صل الله عليه وسلم فهو حق لا يناقض بعضه بعضا، لقوله تعالى:
[أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا] النساء ٨٢ ،



بوركت امي الحبيبة

طرح مفيد سلمت يمينك


كتب ربي سبحانه اجرك ونفع بك

وجزاك جل وعلا كل الخير واحسن اليك
 
أعلى